قادة أوروبيون يزورون مخيمًا لللاجئين جنوب تركيا، بعد ثلاثة أسابيع على بدء تطبيق اتفاق أوروبي تركي بشأن المهاجرين.
يقوم عدد من القادة الأوروبيين بينهم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، بزيارة تتسم بالدقة السبت إلى جنوب تركيا، سيتحتم عليهم خلالها الموازنة ما بين إعطاء دفع لتطبيق الاتفاق مع أنقرة حول المهاجرين والتأكيد على القيم الأوروبية.
ويصل رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك ونائب رئيس المفوضية الأوروبية فرانس تيمرمانس وميركل، بعد ظهر اليوم السبت، إلى غازي عنتاب بجنوب تركيا، قرب الحدود السورية، حيث سيزورون مخيما للاجئين وسيلتقون رئيس الوزراء التركي أحمد داود اوغلو.
وتأتي هذه الزيارة بعد ثلاثة أسابيع على بدء تطبيق اتفاق مثير للجدل بين الاتحاد الأوروبي وتركيا يهدف إلى ردع المهاجرين من السعي للدخول بصورة غير شرعية إلى أوروبا التي تواجه أسوأ ازمة هجرة منذ الحرب العالمية الثانية.
ويقضي اتفاق بروكسل وأنقرة الموقع في 18 مارس/ آذار بإعادة كل المهاجرين غير الشرعيين الجدد الذي يصلون إلى الجزر اليونانية، إلى تركيا، بمن فيهم طالبو اللجوء.
وفي المقابل، وافق الاتحاد على مبدأ "واحد مقابل واحد"، أي مقابل كل سوري يبعد إلى تركيا من الجزر اليونانية، يستقبل الاتحاد سوريًّا من مخيمات اللاجئين في تركيا، ضمن سقف قدره 72 ألف شخص.
كما وافق الأوروبيون على تحريك مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد وتسريع آلية إعفاء الأتراك من تأشيرات الدخول، مع التشديد على أنهم لن يساوموا على المعايير المطلوبة.
وصعّد القادة الأتراك اللهجة هذا الأسبوع معتبرين أنهم لن يعودوا ملزمين باحترام بنود الاتفاق إن لم يفِ الأوروبيون بوعدهم بإعفاء الأتراك من تأشيرات دخول بحلول نهاية يوليو/ حزيران.
وحذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن "الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى تركيا أكثر مما هي بحاجة إليه".
وقال سنان أولغن من معهد كارنيغي أوروبا أن الزيارة السبت "تأتي في مرحلة حرجة من تطبيق الاتفاق"، مشيرا إلى أن عدة دول أوروبية لا تزال تعارض إعفاء الأتراك من تأشيرات دخول.
وقال مارك بيريني السفير السابق للاتحاد الأوروبي في أنقرة إنه ما بين ضغوط أنقرة للحصول على ضمانات ودعوات منظمات غير حكومية مدافعة عن حقوق الإنسان إلى عدم المساومة على القيم الأوروبية، فإن هذه الزيارة ستكون بمثابة "لعبة توازن دقيقة".
من الجانب الخاطئ
وتلقى زيارة القادة الأوروبيين متابعة دقيقة ممن يأملون منهم التعبير عن مخاوفهم حيال الانتهاكات لحرية والتعبير والصحافة في تركيا.
وأكد تاسك، الجمعة، في مقالة صدرت في عدد من الصحف الأوروبية أن هذه القيم "لن تكون يوما موضع مساومة سياسية"، مضيفا "يجب أن يسمع الرئيس أردوغان أيضا هذه الرسالة".
وبدأت الجمعة محاكمة أربعة جامعيين أتراك متهمين بالقيام بـ"دعاية إرهابية"، بالتزامن مع محاكمة صحافيين معارضين شهيرين متهمين بالتجسس، في قضية يعتبرها معارضو أردوغان رمزا إلى سياسة تكميم الأصوات المعارضة المطبقة في عهده.
ووجه أحد هذين الصحافيين، رئيس تحرير صحيفة "جمهورييت" اليومية المعارضة جان دوندر، رسالة مفتوحة إلى ميركل يأسف فيها لوقوف ألمانيا "من الجانب الخاطئ (...) في المعركة بين أنصار الديموقراطية وأنصار التسلط في تركيا".
وواجهت المستشارة انتقادات حادة داخل ألمانيا، بعدما سمحت بمباشرة ملاحقات جنائية طلبتها تركيا بحق فكاهي ألماني سخر من أردوغان في برنامج تلفزيوني، في قضية أثارت توترا في العلاقات بين البلدين.
وأشارت ميركل إلى أن زيارتها لتركيا ستسمح باستعراض ما تم تطبيقه من اتفاق الهجرة، واتخاذ قرار بشأن أي خطوات مستقبلية لمساعدة اللاجئين السوريين الذين تستضيفهم تركيا بعد فرارهم من الحرب في بلادهم، وعددهم 2,7 مليون شخص.
وأعلنت المفوضية الأوروبية، الجمعة، أنه منذ دخول الاتفاق الأوروبي التركي حيز التنفيذ في 4 أبريل/ نيسان، تمت إعادة 325 مهاجرا في أوضاع غير شرعية وصلوا إلى اليونان بعد إبرام الاتفاق في 20 مارس/آذار، إلى تركيا، فيما جرى إيواء 103 لاجئين سوريين في الاتحاد الأوروبي.
غير أن منظمة العفو الدولية حضّت القادة الأوروبيين على "عدم غض الطرف عن سلسلة الانتهاكات لحقوق الإنسان المرتكبة بحق اللاجئين" في تركيا، وهي تتهم أنقرة بإعادة عشرات اللاجئين السوريين إلى بلادهم، ما يثبت بنظرها أن تركيا ليست "بلدا آمنا".
وتشهد سوريا نزاعا داميا بدأ في مارس/ آذار 2011 بحركة احتجاج سلمية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ثم تطور لاحقا إلى نزاع متشعب الأطراف، أسفر عن مقتل أكثر من 270 ألف شخص، وتسبب بدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
aXA6IDMuMTI4LjE3MS4xOTIg
جزيرة ام اند امز