أزمة الدولار في مصر.. ابحث عن العدو الخفي
البنك المركزي المصري بدأ حربه على شركات الصرافة بقرار إلغاء تصاريح 9 شركات صرافة نهائيًّا من السوق المحلى
في محاولاتها المستمرة لمجابهة أزمة ارتفاع الدولار مقابل العملة المحلية، بدأت مصر في التحري عن أسباب الأزمة وتضييق الخناق على منابعها بدءا من القرار الرسمي بخفض قيمة الجنيه لملاحقة السوق الموازي، ثم بث رسائل عبر الإعلام تطالب بتحري الدقة في مصادر الأخبار المتناثرة حول ارتفاع أسعار العملات الأجنبية ومحذرة من عمليات المضاربة ونشر الشائعات في سوق العملة، والتي تضر بالأمن القومي وتهدد استقرار الأوضاع الاقتصادية – بحسب "طارق عامر" محافظ البنك المركزي المصري.
وكان قد وشهد سعر صرف الدولار عمليات مضاربة حادة بالسوق السوداء ليتجاوز سعره حاجز 11.5 جنيها لأول مرة في تاريخه بسبب المضاربات التي تمارسها بعض شركات الصرافة، فيما بلغ سعر الدولار بالسوق الرسمي في البنوك 8.83 جنيه للشراء و8.88 جنيه للبيع
وبدأ البنك المركزي المصري حربه على شركات الصرافة منذ الخميس الماضي بقرار إلغاء تصاريح 9 شركات صرافة نهائيًّا من السوق المحلى، وذلك بعد المضاربات التي تبين تنفيذها من خلالها، والتي دفعت العملة الأمريكية للوصول إلى مستويات تاريخية لم تسجل من قبل.
وبحسب تصريحات جمال نجم نائب محافظ البنك المركزي لوكالة أنباء الشرق الأوسط، فإن هذه الشركات ثبت تلاعبها بسوق الصرف والمضاربة على الدولار بالسوق الموازي، وأن قرار الشطب جاء بعد قيام تلك الشركات بتكرار ممارساتها الخاطئة، والتي أدت إلى الإضرار بالاقتصاد الوطني، وإحداث حالة من الارتباك داخل القطاعات الاقتصادية.
وأوضح نجم، أن القانون الحالي للبنك المركزي يعطيه الحق في وقف شركات الصرافة أو سحب تراخيصها أو شطبها نهائيًّا، مضيفًا أنه سيتم تغليظ العقوبات لتشمل الأشخاص الطبيعيين في قانون البنك المركزي الجديد الذي يجرى إعداده حاليًا، ويشتمل على عقوبات مشددة تصل إلى الحبس، ولن تقتصر على سحب التراخيص فقط.
متعاملون في سوق الصرافة المصري كشفوا لبوابة "العين" الإخبارية أن الأمر لا يتوقف خطره عند شركات الصرافة، فالأشخاص الطبيعيين يمارسون عمليات التداول وتغيير العملات بدون استخدام اي تراخيص أو مقار شركات.
أحد المتعاملين بالسوق الموازي قال، إن أشخاصًا يرتادون مقاهي وسط البلد (القاهرة) بشارع طلعت حرب يعقدون صفقات بالملايين بعيدًا عن أعين الرقابة وخارج أبواب الشركات، وقد يمتلكون تراخيصًا لشركات كبرى، لكنهم يراوغون السلطات الرقابية في مصر بعمليات تداول سرية ومشبوهة.
صاحب شركة صرافة – طلب إخفاء هويته – قال، إننا غير عابئون بتهديدات البنك المركزي المصري لأننا لسنا أصحاب الأزمة، نحن نتعامل وفقًا لما يفرضه علينا السوق، ولا يعقل أن أبيع الدولار بسعر أقل من المتداول في السوق والشركات المجاورة، في هذه الحالة لن أمارس أي معاملات بيع أو شراء، كما أن العملاء لن يسمحوا لأنفسهم بالخسارة من خلالي، المتعامل ينجذب لـ"قرش" واحد مكسب وكذلك صاحب الشركة، كما أرفض الاتهامات بأننا غير وطنيين؛ لأننا أيضا ضحية لشح العملة الأجنبية في السوق.
وأضاف صاحب شركة الصرافة أنه على استعداد تام بالالتزام بتسعيرة واحدة للدولار بشرط فرضها على الجميع والرقابة على أسواق المال، بحيث يتم وقف تراخيص غير الملتزمين، فيما غير ذلك فنحن لسنا مسئولين عن ارتفاع الأسعار.
وبات مؤكدًا وجود عدو خفي للاقتصاد المصري يمارس التعاملات غير الشرعية ويزيد الضغوط على العملة الأجنبية من خلال السيطرة الكاملة على موارد النقد الأجنبي، فيما يسمى نظريًّا عملية تعطيش السوق، وفقًا لتصريحات الخبير المصرفي "محسن خضير" لبوابة "العين" الإخبارية.
وأضاف خضير أن الحل المعروف لدى الجميع – بعيدًا عن مناوشات البنك المركزي وشركات الصرافة – يكمن في استهداف نمو اقتصادي متكامل وزيادة الصادرات التي لن تتم إلا بتشغيل المصانع المتوقفة، وعودة القطاع العام لأنه ليس سُبة في عالم الاقتصاد، بل إن جميع المناهج الاقتصادية المتقدمة تعتبره الحل العلمي والسليم لنمو الاقتصاد الرسمي، مشيرًا مرة أخرى إلى أن "العدو الخفي" لن نتمكن من محاربته إلا بالتنمية.
وبناء على ما سبق من معطيات ودلائل تبقى الرؤية التي يتبناها الجميع أن السبب في ارتفاع الدولار في السوق المصري لا يتوقف عند مضاربات شركات الصرافة فقط أو الشائعات وحدها، وإنما أيادي خفية هي من تتحكم في حركات التداول، وهو ما يثير التساؤل "من هو العدو الخفي للاقتصاد المصري؟".
aXA6IDMuMTQwLjE4NS4xOTQg
جزيرة ام اند امز