لماذا يحب أوباما ملكة بريطانيا أكثر من بلادها؟
بعيدا عن القصر "العلاقة الخاصة" في تراجع
هناك فرق كبير بين علاقة إدارة أوباما مع المملكة المتحدة، والإدارات التي سبقتها مثل جورج بوش وبيل كلينتون ورونالد ريغان
الرئيس الأمريكي باراك أوباما، يحب إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا، أكثر مما يحب بلادها، حيث شهدت "العلاقة الخاصة" بين الحليفين القديمين نوعا من التراجع، بحسب مقال رأي نشرته "مجلة بوليتيكو" الأمريكية على موقعها الإلكتروني للكاتب مايكل كراولي.
وفي مقاله بعنوان "لماذا يحب أوباما الملكة أكثر من بلادها"، قال كراولي، إن الرئيس باراك أوباما، ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، استخدما معا عبارة "علاقة خاصة" أكثر من 12 مرة، خلال مؤتمر صحفي في لندن يوم الجمعة الماضي.
وفي بعض الأحيان صبغاها بصبغة رومانسية تقريبا: فأقر أوباما "بحبه" لـ(رئيس الوزراء البريطاني السابق) ونستون تشرشل، وأعلن كاميرون عن "شغفه" بالشراكة الأنجلو-أمريكية.
لكن عندما يلقي أوباما خطابا هاما عن أوروبا، اليوم الاثنين، سوف يفعل ذلك من ألمانيا وليس بريطانيا.
والدولة الأوروبية الأولى التي شاركت في الغارات الأمريكية ضد تنظيم "داعش" في سوريا ليست بريطانيا، ولكن فرنسا التي تلعب دورا عسكريا أكبر في الحملة ضد "داعش" التي يصفها أوباما بأنها على رأس أولوياته.
وعندما يريد أوباما تصعيد الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يتصل هاتفيا بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
ورغم أن مودة أوباما تجاه بريطانيا العظمى واضحة -يوم الجمعة وصف الملكة إليزابيث "أحد الأشخاص المفضلين لدي حقا"- من الصعب تحديد الطريقة التي قادت بها سياسته الخارجية.
وكان جيمس روبين، المتحدث الأسبق باسم وزارة الخارجية في إدارة بيل كلينتون الذي يعيش الآن في لندن، قال إنه "يوجد فرق كبير" بين علاقة إدارة أوباما مع المملكة المتحدة، والإدارات التي سبقتها مثل جورج بوش وبيل كلينتون ورونالد ريغان، مضيفا: في السنوات الماضية "كانت العلاقة الخاصة لها تأثير أقوى على العلاقات الدولية بالتأكيد".
ومساعدو أوباما يصرون على أن تصاعد نفوذ ألمانيا وفرنسا، لا يجعل بريطانيا أقل أهمية بالنسبة إلى الولايات المتحدة، كما يقولون، أو العلاقة أقل خصوصية.
والمسؤولون البريطانيون يشيرون إلى الدور الداعم الرئيسي الذي لعبته بلادهم في كل شيء بداية من صفقة أوباما النووية الإيرانية، وحتى مكافحة فيروس "إيبولا".
إلا أن إحدى النقاط الضمنية لدعوة أوباما لبريطانيا لرفض الخروج المقترح من الاتحاد الأوروبي، هو أن البلاد ليست هامة بما يكفي لتبقى شريكا رئيسيا الولايات المتحدة إذا لم تعد جزءا من الاتحاد الأوروبي.
وحذر أوباما أن المملكة المتحدة، في مرحلة ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي ستكون "في نهاية الطابور"، عندما يتعلق الأمر بإبرام الاتفاقات التجارية المنشودة مع الولايات المتحدة.
وقال ليام فوكس، وهو عضو محافظ في البرلمان ووزير الدفاع البريطاني السابق، لهيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" يوم الجمعة الماضي، إن أوباما كان يهدد "بمعاقبة" صديقة أمريكا العزيزة، إذا ما اتخذت خيارا خاطئا.
وكان ونستون تشرشل استحدث عبارة "العلاقة الخاصة" قبل 70 عاما، واصفا التحالف بين واشنطن ولندن، اللتين خاضتا حربين عالميتين معا.
هذه الأيام يبدو أنها تتمحور بقدر أكبر حول الحنين وسحر أمريكا بالملكية البريطانية. والأمير وليام وزوجته كيت ميدلتون، اللذان تناول أوباما معهما العشاء في قصر كنسينغتون بلندن ليلة الجمعة، رفعا مستويات الهوس الملكي بالمستعمرات السابقة إلى مستويات غير مشهودة منذ عنفوان شباب الأميرة (الراحلة) ديانا في منتصف التسعينيات.
لكن المحللين على جانبي المحيط الأطلسي، يعترفون بأن أهمية بريطانيا الاستراتيجية لواشنطن قد انحسرت، وذلك بفضل تراجع النفوذ الاقتصادي في لندن، وجيشها الذي يتقلص بشكل مطرد.
وكتبت زينيا ويكيت، رئيس برنامج الولايات المتحدة والأمريكتين في مؤسسة تشاتام هاوس البحثية، ومقرها لندن، أن "العلاقة الخاصة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في تراجع".
وأضافت أنه "ما هو واضح على نحو متزايد، أن المملكة المتحدة ليست الأولى بين أقرانها في أوروبا، ولكنها واحدة من بين كثيرين بالنسبة للولايات المتحدة".
وألمانيا تلعب دورا محوريا في الاقتصاد الأوروبي، وأزمة اللاجئين، والتعامل مع روسيا بشأن أوكرانيا، بينما تبنت فرنسا سياسة خارجية متشددة، وتحتفظ بجيش نشط أكبر، وبعد هجمات "داعش" في باريس، عززت العلاقات الاستخباراتية مع واشنطن.
إلا أن روبين المتحدث باسم الخارجية الأمريكية السابق، أشار إلى أنه حتى لو كانت شراكة الولايات المتحدة وبريطانيا تفتقر إلى نفوذ تدخلاتهما المشتركة في كوسوفو، والعراق أو قيادة حلف شمال الأطلسي ضد السوفييت، تبقى العلاقة بفضل الروابط السياسية والعسكرية والدبلوماسية العميقة بين الحكومات
واختتم: "الوحدات العسكرية البريطانية، هي جزء لا يتجزأ من وحداتنا. والدبلوماسيون يتشاركون البرقيات مع بعضهم البعض".