سيناء في عيدها .. أرض القمر والفيروز والمعارك
المصادرالعربية كانت تطلق على سيناء اسم الطور، وهي كلمة أرامية تعني "الجبل"، أي أن طور سيناء تعني "جبل القمر"
تحتفل مصر في 25 أبريل/نيسان من كل عام بعيد تحرير سيناء، وهو اليوم الذى استردت فيه مصر أرض الفيروز بعد انسحاب آخر جندي إسرائيلي عام 1982، باستثناء مدينة طابا، التي تم استردادها في 15 مارس/آذار العام 1989 عن طريق التحكيم الدولي.
وتقع شبه جزيرة سيناء بين ذراعي البحر الأحمر ويحدها من الشرق والغرب منطقتان أخدوديتان هما خليج العقبة وخليج السويس، وتنحدر هذه الكتلة الصخرية نحو البحر المتوسط في الشمال لتنتهي بالقسم الشمالي الذى تتمثل فيه تكوينات الغطاء الرسوبي.
وتبلغ مساحة سيناء نحو 61.000 كم2، وتشير تضاريس سيناء إلى أنها تضم مجموعة من المضايق والممرات أهمها مضيق المليز وممر متلا، يبلغ عدد سكانها 500 ألف نسمة تقريبًا، ويمثل الحضر 40%، وسكان البادية 60%، تضم شبه جزيرة سيناء 11 قبيلة على الأقل، وتتركز هذه القبائل في المناطق الساحلية شمالاً، وفى المناطق الواقعة في الشرق من القناة وخليج السويس، ويرجع أصل قبائل شبه جزيرة سيناء إلى شبه الجزيرة العربية.
ومن خلال نقوش سرابيط الخادم والمغارة يتضح لنا أنه لم يكن هناك اسم خاص لسيناء، ولكن يشار إليها أحيانًا بكلمة "بياوو" أي المناجم أو "بيا " فقط أي " المنجم "، وعرفت في عصر الدولة الحديثة باسم "خاست مفكات" وأحيانًا "دومفكات" أي "مدرجات الفيروز"، أما في الهيروغليفية فاسمها "توشريت" أي أرض الجدب والعراء، وكان يطلق اسم سيناء على الجزء الجنوبى فقط وهو مشتق من اسم الاله "سين" إله القمر عند البابليين.
أما في المصادر العربية فكانت تطلق على سيناء اسم الطور، وهي كلمة آرامية تعني "الجبل"، أي أن طور سيناء تعني "جبل القمر"، وكان المصريين القدماء يطلقون على الطوراسم "ريثو " وعلى السكان البدو اسم "عامو".
تمكن عالم المصريات بترى في عام 1905 من اكتشاف 12 نقشًا عرفوا "بالنقوش السينائية" عليها أبجدية تتشابه مع الهيروغليفية، وأعاد العالم الأثري جاردنر فك رموز هذه الكتابة، وأوضح أنها كتابات كنعانية من القرن الخامس عشر قبل الميلاد، والتي ألقت الضوء على تاريخ سيناء.
كانت سيناء طوال التاريخ المصري الفرعوني الممتد منذ قبل الأسرات حتى نهاية الدولة الحديثة جزءًا لا يتجزأ من الدولة المصرية، فقد كانت سيناء في عصر ما قبل الأسرات المصدر الذي حصل منه المصريون القدماء على النحاس والفيروز، كما كانت الجسر الذي شهد عبور الحضارات بين وادي النيل وجنوب آسيا.
كانت سيناء خلال الدولة القديمة منجما للمواد الخام كالنحاس والفيروز الذي يستخرج المصريون القدماء ما يحتاجونه في الصناعة، وكان سكانها سواء في الشمال "الهروشاتيو" (أي أسياد الرمال)، وجنوبها وهم "المونيتو" يشتغلون بالزراعة والرعي ويقوموا بالتبادل التجاري مع سكان وادي النيل يبيعون لهم الأصواف والعسل ويستبدلونه بالحبوب والملابس.
لعبت سيناء خطًّا دفاعيًّا لمصر أمام هجمات الغزاة، فقد شهدت غارات البدو على حدودها الشرقية وحملات الملوك المصريين العسكرية لتأمين الحدود المصرية خارج البلاد من غزوات القبائل السامية، وتدل آثار سيناء القديمة علي وجود طريق حربي قديم وهو طريق حورس الذي يبدأ من القنطرة الحالية، ويتجه شمالاً إلي العريش، وتدل عليه بقايا القلاع القديمة كقلعة "ثارو" وهو أول طريق عسكري في التاريخ، وكانت وظيفته وصل العريش برفح المصرية بفلسطين، وكان محاطًا بالآبار من جانبيه ليوفر المياه للجنود في الصحراء.
ففي عام 3200 ق م الملك سمرخت ( سابع ملوك الأسرة الأولى ) قاد حملة إلى وادى المغارة بالقرب من أبو زنيمة موطن مناجم الفيروز في سيناء ضد البدو الرحل في سيناء، وسجل أخبار حملته بنقش على قطعة من الصخر وعليها صورته تعتبر أقدم أثر في سيناء.
2700ق م الملك زوسر (الأسرة الثالثة) الذى يلقب بفاتح شبه جزيرة سيناء يقود حملة كبرى إلى سيناء، وفى عام 2650 ق م أوفد الملك سنفرو (الأسرة الرابعة ) عدة حملات الى سيناء لتأمين حدودها الشرقية وجلب المعادن، وفى عام 2560 ق م قام القائد يني في عهد الأسرة الخامسة بالقضاء على ثورتين قامتا في فلسطين، وفى عهد الدولي الوسطى قام سنوسرت الأول بإرسال حملات إلى سيناء للتعدين.
أما في الدولة الحديثة كان لسيناء دورًا هامًا في القضاء على أعداء مصر القادمين من الشرق، فقام أحمس 1575-1725ق م بمهاجمة الهكسوس الذين فروا عبر سيناء وتحصنوا في حصن شاروهن في منطقة غزة، حيث حاصرهم هناك 3 سنوات، ثم أقتحم الحصن وفر من بقي من الهكسوس، وقام تحتمس في عام 1436- 1479 ق م بالزحف عبر سيناء لملاقاة الأسيويين بزعامة قادش وهزمهم في معركة مجدو بشمال فلسطين، وفى عام 1411 ق م عبر تحتمس الرابع سيناء قاصدًا سوريا ونهارين واستطاع هزيمة ملك خيتا.
ومن سيناء عبر الجيش المصري بقيادة رمسيس الثاني عام 1288 لملاقاة الحيثيين في معركة " قادش " والتي استطاع هزيمتهم وتأمين حدود مصر الشرقية، ثم شهدت سيناء توقيع أول "وثيقة سلام" في التاريخ عام 1272 ق م بين الملك سيتي الأول نجل الملك رمسيس وعقد اتفاق هدنة وصداقة مع ملك الحيثيين بعد أن تزوج ابنته.
aXA6IDE4LjExNy4xMDYuMjMg
جزيرة ام اند امز