"الهدنة" في اليمن وسوريا.. اقتل واطلب من الآخر إلقاء سلاحه
"اقتل واطلب من الآخر إلقاء سلاحه"، هذا هو مفهوم الأسد وجماعة الحوثي للهدنة، والذي يهدد بانهيار مفاوضات السلام
قبيل انطلاق مفاوضات السلام السورية واليمنية، خرج عن مبعوثي الأمم المتحدة للأزمتين، تصريحات متفائلة حول النتائجة المتوقعة، غير أن هذا التفاؤل، ما لبس أن اصطدم بصخرة "اللامنطق"، الذي ظهر واضحًا في أداء جماعة الحوثي في المفاوضات اليمنية بالكويت، ونظام الأسد بمفاوضات جنيف.
وكان مبعوثا الأمم المتحدة قد بنيا تفاؤلهما على النجاح في إقرار هدنة لخلق إجواء إيجابية تسمح بالمضي قدمًا في طريق المفاوضات، ولكن ما لبست الهدنتين السورية واليمنية أن شهدتا خروقات، تركت أثرًا سلبيًّا على مسيرة المفاوضات.
وبينما كان الطرف الذي يتحمل المسئولية الأكبر عن اختراق الهدنة في المشهد السوري، هو الطرف الحكومي ممثلًا في نظام الرئيس السوري بشار الأسد، فإن أصابع الاتهام وجهت إلى طرف المتمردين الحوثيين في المشهد اليمني، وبدت الحكومة أكثر رغبة في احترام الهدنة.
ولكن المفارقة التي تجمع الطرفين، الحوثي في اليمن، والأسد في سوريا على اختلاف توصيفهما، أنهما يفكران بمنطق واحد وهو" استخدم سلاحك في قتل خصمك، ثم أطلب منه التزام الهدوء وإلقاء سلاحه".
ومنذ بدء المفاوضات اليمنية في الكويت، وتواصل جماعة الحوثي اختراق الهدنة، ومع ذلك، فإنها تصر على عدم الانخراط في مناقشة جدول الأعمال، قبل أن يوقف التحالف العربي ضرباته الجوية.
ويلجأ التحالف العربي إلى توجيه تلك الضربات كرد فعل على الانتهاكات الحوثية للهدنة، ومع ذلك تربط جماعة الحوثي موافقتها على مناقشة جدول أعمال المفاوضات، بوقف تلك الضربات.
وعبر عبدالملك المخلافي، وزير الخارجية اليمني، رئيس وفد الحكومة اليمنية في مفاوضات السلام بالكويت، عن ذلك بقوله، إن "الحوثيين لا يريدون إلا وقفًا لإطلاق النار من الجو فقط".
وأضاف في تعليق مطول كتبه عبر صفحته بموقع فيس بوك مع الساعات الأولى من صباح الإثنين الماضي، أن وفد الحكومة اليمنية مع وقف الحرب من الأرض ومن الجو، بينما الحوثيون لا يريدون إلا وقف الجو (طائرات التحالف العربي)، لكي يخلو لهم الأمر لقتل العزل، مثلما يحدث في تعز، التي لا تزال تتعرض للدمار والحصار.
وحتى كتابة هذه السطور، لم تبرح المفاوضات اليمنية التي دخلت يومها العاشر هذه النقطة، فلا تزال جماعة الحوثي مصره على وقف ضربات رد الفعل الجوية قبل الموافقة على مناقشة جدول الأعمال.
ووجه سفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن اليوم الأربعاء تحذيرًا شديد اللهجة إلى الحوثيين، مؤداه أن الأطراف المفاوضة لن تترك الكويت قبل التوصل لاتفاق سلام، ولكن الوضع بدا مختلفًا في مفاوضات الأزمة السورية، والتي انسحبت منها المعارضة، بسبب استمرار اختراق النظام السوري للهدنة، ولم يصدر عن الأطراف الدولية تصريحًا قويًّا يهدد النظام السوري بضرورة التوصل لاتفاق.
وتتهم الفصائل المسلحة بتعمد إشعال الصراع لا سيما في حلب لمنع تقدم قوات النظام بها إدراكًا منها للأهمية الإستراتيجية للمحافظة أو لكون من سيسطر عليها يكون قد حسم المعركة النهائية لصالحه.
ويقول مرددوا هذا الاتهام أن الفصائل تستجيب في هذه المعركة لضغوط بعض الدول الإقليمية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية وقطر.
ونفى محمد علوش، كبير مفاوضي المعارضة في مفاوضات جنيف، هذه الاتهامات، وقال في مقابله اليوم الأربعاء مع وكالة الأنباء الألمانية: "لم نخرق الهدنة ولم نسع لتقويضها لهذا الهدف ولا لغيره ... الهدنة انتهت عمليًّا على الأرض، ليس من الآن، ولكن على مدار أسابيع تعمد النظام خلالها خرق كل بنودها".
وتابع مستنكرًا "لا يمكن أن تطالب المعارضة فقط بالالتزام بالهدنة فيما الطرف الآخر يخترقها يوميًّا ويشن هجمات بالصواريخ والطائرات والدبابات ويرسل الحشود ويستقدم المقاتلين المرتزقة، ولا يلتزم برفع الحصار ويسرق المساعدات ... وعندما تدافع المعارضة عن نفسها مقابل كل هذا الهجوم يتم وصمها بتفجير الهدنة وتقويضها وتحميلها مسؤولية انهيارها... فهل هذا منطق؟".
وأضاف "فلتذهب الهدنة للجحيم إذا كانت غطاء لقصف أهلنا بسوريا يوميًّا بالصواريخ والبراميل المتفجرة".
وحاول اليوم رياض حجاب المنسق العام لهيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية إخراج الأزمة السورية من هذا المشهد المعقد الذي يعرقل استئناف المفاوضات السورية، بدعوة أصدقاء سوريا لاجتماع استثنائي لاحتواء تصعيد نظام الأسد.
وقال بيان صادر عن الهيئة العليا للمفاوضات، إنه "على ضوء المجازر المروعة والتصعيد العسكري للنظام وحلفائه، يدعو حجاب، إلى عقد اجتماع استثنائي في باريس لمجموعة أصدقاء سوريا، بهدف احتواء الأزمة، ووقف العدوان عن الشعب السوري".
وطالب حجاب بحسب البيان ذاته، "أصدقاء سوريا"، بالضغط على نظام بشار الأسد وحلفائه، للالتزام بالقرارات الأممية، ووقف الانتهاكات الجسيمة بحق الشعب السوري.
aXA6IDMuMTMzLjE0NC4xNDcg
جزيرة ام اند امز