مجالس الأمن الوطنية يكون دورها تقديم المشورة للرئيس فيما يتعلق بالتكامل بين السياسات الداخلية والخارجية والعسكرية.
بعض المفاهيم لدينا فيها الكثير من المغالطات، فمتى حدثت الوحدة العربية الكاملة حتى نتحدث عن أمن قومي عربي؟، وجميل أن نعتبره وطن واحد وشعب واحد، ولكن تطبيقياً نحن مطالبون في نهاية كل يوم أن تكون أوطاننا آمنة مؤمنة، وفق مفاهيم واضحة المعالم لا لبس فيها، وأن كان تأمين المحيط والمنطقة يحتاج تعاونا كبيرا وغير مسبوق في هذه اللحظة التاريخية من عمر المنطقة، والتفاهم والاتفاق كضرورة للأمن القومي والوطني لكل قطر عربي، ولكن لا نستطيع أن نتحدث عن أمر غير ملموس ولم يتبلور بعد كمنظومة الأمن القومي العربي.
فالأمن الوطني الذي يعنى بالأمن الداخلي، متعلق بحياة السكان اليومية وتأمين وحماية الموارد والخدمات العامة، ومواطنين يعرفون حق الوطن والمواطنة، وحكومة تعرف حق المواطن والوطن وحماية الدولة ومواطنيها من جميع أنواع الأخطار والأزمات الخارجية والداخلية، وذلك باستعمال جميع الإمكانيات والمقدرات والوسائل المتوفرة من وأمنية وسياسية واقتصادية ودبلوماسية وبيئية وغيرها، لتحقيق توازن ما بين مصالح الشعب ونفوذ ومصالح الدولة.
ولذلك مجالس الأمن الوطنية يكون دورها تقديم المشورة للرئيس فيما يتعلق بالتكامل بين السياسات الداخلية والخارجية والعسكرية المتعلقة بالأمن الوطني، ولكن القوات المسلحة والتهديدات الخارجية على الدولة وسياسته الخارجية، يعنى بها مجلس الأمن القومي، كما أن مجلس الأمن الوطني من الممكن أن يتبع القيادة السياسية العليا مباشرة، أو يندرج تحت المظلة الأشمل وهي مجلس الأمن القومي، والذي يقوم بدوره بوضع السياسات والغايات العليا الأمنية للدولة لجعل الدولة وحدودها ببيئة مستقرة، وخالية من الصراعات، عن طريق التأكد من وجود أجهزة تتمتع بأعلى مستويات الاستعدادية لمواجهة أي تهديد داخلي وخارجي، وتقوية علاقات الدولة ومصالحها مع الدول المحيطة، والتي يعمل المجلس الأعلى للأمن القومي بتعزيز أمنها كذلك، كدول جوار حفاظاً على داخل دولته هو بالمقام الأول وانسيابية دخول وخروج الموارد الحيوية من وإلى أراضي دولته.
كما يجب أن تشمل رؤيته رسم خارطة طريق واستراتيجية قومية للأمن، تشمل الأمن الاقتصادي وأمن الطاقة والمعادن وتأمين تنقلها والأمن البيئي والصحي والاجتماعي ومتانة ومرونة البنى التحتية الرئيسية والاكتفاء الذاتي بالصادرات التي تكفل سير الحياة اليومية والأمن الغذائي وأمن الأفراد والأمن الإلكتروني والأمن الفكري والأمن المعرفي ...الخ، الذي يحقق حماية للأفراد في أي مكان يتواجدون فيه، ويحرص على المحافظة على سلامتهم وبالمقابل لا يقوم الفرد بأي تصرف يخرق الأحكام والقوانين الخاصة بالدولة التي يتواجد على أرضيها.
ومن هذا المنطلق تحقيق الأمن الوطني ممكن لدرجة نسبية معينه، أما الأمن القومي فهو تحدي حقيقي حتى للدول العظمى، ويرصد له أحدث التقنيات والعداد والعدة العسكرية والاقتصادية والمعرفية والدبلوماسية، وثروات طائلة وأبرز العقول وألمعها في الدول الكبرى من جميع التخصصات، ولذلك هو أمر مستعصي على الدول العربية وإن كان متداول في بعض دوائر صنع القرار في بعض الدول العربية .
فالمواطن العربي يفتقد بصورة أو بأخرى ولحد كبير إلي الأمن الإنساني، والدول العربية لا تخطط بالقدر والاحترافية الكافية في هذا الخصوص، ولذلك حجم الخسائر المستقبلية التي ستتكبدها مجتمعاتهم بفعل "تغير المناخ"، وظاهرة الاحتباس الحراري ستغير مفاهيم الأمن القومي لديهم ولكن بعد فوات الأون.
والمعضلة الحقيقة هي وجود لغة وصورة مشتركة يتفق عليها الجميع لتحقيق أهداف وسياسات الأمن القومي والوطني على مستوى الدول، وبما أن المفاهيم مأخوذة من الدول الغربية، فحتى في تلك الدول لم يتفق بصورة نهائية على مفهوم مجلس الأمن القومي والوطني أو الداخلي، بهدف تأمين كل مقومات الدولة داخلياً وخارجياً وأكبر خطأ يقع فيه خبراء الأمن الوطني في دولنا العربية، فصل حالة المواطن وسعادته والعدالة الاجتماعية والمواطنة وظروفه المعيشية والأزمات الاجتماعية عن تحقيق الأمن الوطني وبالتالي جزء مهم من الأمن القومي .
ولا نرى الحكمة في تصرف كل دولة عربية بصورة منفردة والوقوف بعيداً بحيادية لتحقيق أمنها القومي، وهي مخاطرة أكبر من أخذ زمام المبادرة وفق معطياتك، واختيار زمان ومكان الحسم كمعادلة أمنية، كون الموارد لكل دولة منفردة غير كاف، لتغطية ذلك الاحتياج بصورة شاملة ولذلك نشيد بخطوات التقارب الأمني بين بعض الدول العربية المدركة لجوهرالأمن القومي، والتي تؤمن أن الأمن نسبي وتغلفه الديناميكية وهو مفهوم غير ثابت في منظومة الدولة الحديثة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة