لا تسمي ذلك إستراتيجية بل سمها مؤامرة إستراتيجية، ذلك لأن تيد كروز وجون كاسيش سوف يتعاونان لحرمان ترامب من ترشيحات الحزب الجمهوري
لا تسمي ذلك إستراتيجية، بل سّمها مؤامرة إستراتيجية، ذلك لأن تيد كروز وجون كاسيش سوف يتعاونان لحرمان دونالد ترامب من ترشيحات الحزب الجمهوري. لا أعرف، فربما يحدث إعصار يفسد تسريحة شعر ترامب ليظهر رأسه الأصلع، ويجعله يشعر بالخزي للدرجة التي تدفعه للانسحاب من السباق.
وقد يحدث زلزال في ولاية إنديانا يؤثر فقط على الدوائر الانتخابية التي أحرز فيها ترامب تقدما. فحشد كروز وكاسيش لقواهما يوضح هشاشة النمر المصنوع من ورق الذي تمثل في حركة «لا لترامب». ترامب على حق – وأعتذر عن كتابة مثل هذه الكلمات التي لا أحبها – فما فعله هذان المرشحان لا يمكن اعتباره «ترتيبا» من قبل مرشحين، حيث إنهما عمليا «ميتان من الناحية الحسابية» من ناحية القدرة على الحصول على أصوات الأغلبية.
وعلى مدار أسابيع عدة، استمر كروز يصف كاسيش بالمفسد الذي منع الجمهوريين من التجمع على مرشح واحد، في إشارة إلى أنه هو وحده (كروز) بمقدوره أن يحشد الحزب ضد ترامب. وفي نفس الوقت، سخر كاسيتش من طريقة انتخاب كروز، واصفا نفسه بالمنافس الوحيد الذي يستطيع هزيمة المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون. في الحقيقة، الطريقة الوحيدة التي يستطيع بها أحد الرجلين أن يصبح مرشح الحزب، هي إبرام اتفاقية لتفتيت أصوات المرشح الثالث.
غير أنني ما زلت متشككا في أن المرشحين سيسعيان لإقصاء ترامب حال وصل إلى كليفلاند وبحوزته 1100 من إجمالي 1237 صوتا التي تعهد بالفوز بها والتي يحتاجها. لكن بعد فوزه الساحق في نيويورك، بدا من المرجح أن ترامب سوف يتمكن من الحصول على أصوات الأغلبية قبل إبرام الاتفاق المذكور.
يوّد كروز وكاسيش أن ينظر الجميع لما قبل الولايات الخمس المقرر التصويت فيها اليوم، لكن المندوبين الذي يصل إجمالي عددهم إلى 172 يقفون على المحك في تلك المنافسات؛ فلو أننا عقدنا مقارنة فسنقول إن هذا العدد هو نفس الرقم الذي سيحين قطفه في كاليفورنيا يوم 7 يونيو (حزيران) القادم. فإذا كان اداء ترامب بنفس المستوي من الجودة هذا الأسبوع كما توحي الصناديق، فسيكون طريقه ممهدا وسيخلو من العقبات.
غير أن معسكر كروز يرى أن هذا لن يحدث بهذه السرعة، فلا تزال هناك ولاية إنديانا المقرر إجراء الانتخابات فيها غدا 3 مايو (أيار) وسيكون بها 57 مندوبا، وفي حال استطاع كروز الفوز بكل هذا الرقم أو أغلبه، فلين يتمكن ترامب من الوصول لرقم 1237 الذي يحتاجه. وسوف يعتمد الترشيح على طبيعة الاتفاق، إذ أن تفوق كروز في اللعبة سيساعده على كسب السباق. من الصعب أن نسمى هذه أخبارا عظيمة لكروز، الذي يحتاج إلى تحقيق فوز كبير، لا أن يفوز بالكاد.
وحتى في حال استطاع الفوز بكل أصوات مندوبي ولاية إنديانا، فلن يكون هناك أيضا طريق واقعي أمام كروز لحصد أصوات الأغلبية، لكن ترامب في المقابل يستطيع ذلك. تبدو شعارات «لا تعِط صوتك لترامب مطلقا» قريبة الشبه من شعار «أرجوك لا تعطي صوتك لترامب». يعصر أعضاء الحزب الجمهوري أياديهم ويضربون على صدورهم وينتظرون لحظة إخفاق ترامب، يريدون أن يرى الناس مدى فظاظته، ومدى نفور الناس من مرشح حزب لنكولن، لكن عندما فاز قالوا إنهم سوف يساعدونه في حال أصبح مرشح الحزب.
كيف يفكر الناخبون؟ فربما أن هؤلاء الساسة يتحدثون بوجهين، وربما أن ترامب على حق عندما يقول إن جهدا ما في الطريق «لسرقة» ترشيح من المفترض أن يفوز هو به. دعونا نكون أمناء، فحتى الآن استطاع ترامب عمل دوائر حول منافسيه من ذوي الخبرة. لماذا يعتقد أي إنسان أن هذا قد يتغير فجأة؟
*- نقلا عن جريدة الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة