محمد بن راشد: متأهبون وجاهزون لكل التحديات والأخطار
في كلمة بمناسبة ذكرى توحيد القوات المسلحة، أكد الشيخ محمد بن راشد، أن الإمارات ماضية بوعي وتصميم، لإحباط الأخطار على العالم العربي.
وجه الشيخ، محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، تحية إكبار وعرفان إلى البنائين الكبار الذين شيدوا برؤيتهم وهمتهم وعطائهم، صرح القوات المسلحة العالي، وفي مقدمتهم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة .
وفي كلمة وجهها عبر مجلة "درع الوطن" بمناسبة الذكرى الأربعين لتوحيد القوات المسلحة، حيا الشيخ محمد بن راشد، منسوبي القوات المسلحة قادة وضباطا وجنودا، وإخوانهم في الأجهزة الأمنية، وزملاءهم الذين سبقوهم في شرف الخدمة في السلكين العسكري والأمني.
وقال محمد بن راشد في كلمته: "أقف معهم ومع كل أبناء وبنات الإمارات تقديرا واعتزازا وفخرا بشهدائنا الأبرار، الذين جادوا بأرواحهم في معركة الدفاع عن الحق وإحباط الشر، قبل أن يستفحل وينتشر ويهدد أمن واستقرار وطننا ومنطقتنا، وأحيي كل مواطن ومواطنة، أبناء وبنات أسرتنا الإماراتية الكبيرة، العامرة بالخير والمحبة والتآزر والتعاون ومكارم الأخلاق، المتحدة في السراء والضراء والمجتمعة على قلب واحد في عمق انتمائها لوطننا وولائها لقيادته واخلاصها في العمل على تعزيز نهضتنا وتحقيق طموحاتنا".
وفيما يلي نص الكلمة ..
" بسم الله الرحمن الرحيم.. إخواني وأبنائي ضباط وجنود قواتنا المسلحة الباسلة .. أبناء وبنات الإمارات الكرام .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أبدأ بحمد الله وشكره على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، وأسأله جل وعلا أن يديم علينا التوفيق ويكتب لأعمالنا النجاح ويلهمنا لما فيه الفلاح والصلاح لأنفسنا ووطنا وشعبنا وأمتنا.
وأتوجه في الذكرى الأربعين لصدور قرار توحيد قوات الإمارات المسلحة، بالأكبار والعرفان إلى البنائين الكبار الذين شيدوا برؤيتهم وهمتهم وعطائهم، صرح قواتنا المسلحة العالي، خالد الذكر الحاضرة روحه بيننا أبدا، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة، ونائبه وولي عهده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حفظهما الله.
وأحيي في هذه الذكرى، منسوبي قواتنا المسلحة قادة وضباطا وجنودا، وإخوانهم في أجهزتنا الأمنية، وزملاءهم الذين سبقوهم في شرف الخدمة في السلكين العسكري والأمني، وأقف معهم ومع كل أبناء وبنات الإمارات تقديرا واعتزازا وفخرا بشهدائنا الأبرار الذين جادوا بأرواحهم في معركة الدفاع عن الحق وإحباط الشر، قبل أن يستفحل وينتشر ويهدد أمن واستقرار وطننا ومنطقتنا.
وأحيي كل مواطن ومواطنة، أبناء وبنات أسرتنا الإماراتية الكبيرة العامرة بالخير والمحبة والتآزر والتعاون ومكارم الأخلاق، المتحدة في السراء والضراء والمجتمعة على قلب واحد، في عمق انتمائها لوطننا وولائها لقيادته وإخلاصها في العمل على تعزيز نهضتنا وتحقيق طموحاتنا.
أيها الضباط والجنود أيها المواطنون والمواطنات، ونحن نحتفل بيوم قواتنا المسلحة الأربعين، يحضر في وعينا الوقع الخاص لسن الأربعين التي يبلغ فيها الانسان أشده، مصداقا للآية الكريمة: "إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة" والآية الكريمة: "ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما".
كما أن الأربعين هي السن التي بعث فيها الله سبحانه وتعالى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم رسولا وهاديا للبشرية جمعاء، وقد استقر في تراثنا أن الأربعين هي سن النضوج التام للعقل والمشاعر، التي تمنح الإنسان فرصة إجراء تقييم موضوعي لمسيرة حياته وأعماله، لينتفع بالنتائج في حاضره ومستقبله.
وإذا أمعن النظر اليوم في مسيرة توحيد وبناء قواتنا المسلحة، على مدار السنوات الأربعين الأولى من عمرها المديد، وقد رافقتها منذ يومها الأول، فإن الشواهد على كفاءتها وقدراتها وعنفوانها وجاهزيتها وتميزها، تملأ نفسي بالرضا والطمأنينة والغبطة وتزيدني يقينا بنموذجنا الإماراتي وثقة بقدرته، على اقتحام المستقبل وتحقيق غاياتنا الكبرى.
ويتعزز هذا اليقين بحقيقة أن إنجازنا في بناء قواتنا المسلحة، تواكب وتكامل مع إنجازات مماثلة، في كافة حقول التنمية الشاملة المستدامة.
واليوم وقواتنا المسلحة تخوض جولات الحق وصولاته، بكفاءة اعترف بها الخبراء في منطقتنا وعالمنا، فإنها ترفد نموذجنا الإماراتي بعناصر قوة إضافية، تعززه وتضاعف فاعليته وتمنحه شهادة جدارة جديدة عالية الصدقية عميقة الدلالات والتأثير، فهي معمدة بدماء شهدائنا الأبرار، وممهورة ببطولات ضباطنا وجنودنا في ميادين القتال وميادين الإغاثة والتعمير والبناء.
أيها الضباط والجنود، أيها المواطنون والمواطنات، ما زالت تحديات الأمن والاستقرار، تفرض نفسها بقوة على منطقتنا وعالمنا العربي، ما يستدعي منا أن نظل على أعلى درجات اليقظة والتأهب والجاهزية، ونحن لا نتحاشى التحديات ولا نتردد في التعامل معها، وندرك أنها حاضرة منذ بداية الخليقة في حياة الأفراد والمجتمعات والدول، وأنها لصيقة بكل عمل ونشاط إنساني، وفي خضمها تولد الاختراعات وينمو الإبداع والابتكار، وفي كيفية التعامل معها يكتب تاريخ النجاح والفشل وتاريخ التقدم والتأخر.
وقد واجهنا وأسلافنا التحديات صغيرها وكبيرها، ونجحنا في التغلب عليها وراكمنا خبرة ثرية أسهمت في توسيع معارفنا، وترشيد خططنا وسياساتنا، وتعظيم قدرنا على التكيف مع المتغيرات، واتقاء آثارها السلبية المحتملة، واغتنام الفرص السانحة المصاحبة لها.
كما انتصرنا على التحديات التي واجهتنا في الماضي، سننتصر في الحاضر والمستقبل، هذا عهدنا قيادة وشعبا؛ وهذا التزام حكومتنا وقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية.
وإذ يظل اعتمادنا دائما بعد الله على أنفسنا وقدراتنا الذاتية، فإننا ماضون بوعي وعزم وتصميم، في العمل مع أشقائنا لإحباط الأخطار التي تهدد أمن منطقتنا وعالمنا العربي، ونحن قادرون على ذلك، فالتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والمشاركة الفعالة لدولتنا، أطلق روحا جديدة في أمتنا، وكشف طاقاتها الكامنة ومنحها القدرة على الفعل والمبادرة والتأثير، وأحل الأمل والرجاء محل اليأس من نجاح العمل العربي المشترك.
لم تعد "الليلة شبيهة بالبارحة"، البارحة شيء وما بعد التحالف العربي شيء مختلف تماما، هذا ما يقوله الواقع وتؤكده خبراتنا الذاتية، فأحد ثوابتنا منذ قيام دولتنا هو الإصرار على صنع مستقبلنا بأيدينا، وهو ما مكننا من تحقيق التنمية المستدامة وبناء النهضة واكتساب الفاعلية الحضارية، هذا الثابت كسب ويكسب مساحات جديدة في عالمنا العربي، وقد تجلى في بناء وأداء التحالف العربي، وفي خطط وتوجهات دول عربية عديدة وفي سياساتها الداخلية والخارجية.
وأنا متفائل بأن هذه الروح الجديدة تسري اليوم في أوصال علاقات الدول العربية الثنائية والجماعية، وتدفع نحو بناء نظام أمن عربي يحفظ للعرب وجودهم، ويدفع عنهم غائلة التدخلات الأجنبية في شؤون دولهم، ويوفر مظلة أمنية لطموحاتهم في التنمية والاستقرار والتقدم.
وقد اكتسبت هذه الروح الجديدة، زخما وقوة دفع من إنجازات التحالف العربي في اليمن، حيث تم إحباط مخططات تحويله إلى بؤرة تهديد دائم لدول مجلس التعاون والعالم العربي بأسره، وتم إلحاق الهزيمة بمشروع الانقلابيين، وإرغامهم على قبول قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 2216، مما فتح أفقا لحل سياسي يحفظ لليمن وحدته وهويته العربية، ويمكن شرعيته من استكمال سيطرتها والنهوض بمسؤولياتها، في إعادة بناء مؤسساتها ونشر الأمن وإطلاق التنمية، وإعمار ما تسبب الانقلابيون بتدميره وتخريبه.
ومن مفاعيل هذه الروح الجديدة، أنها أسهمت في تكثيف الجهود العربية والدولية، الساعية لإنضاج إطار لتسوية الأزمة السورية سلميا، وأملنا أن تنجح الأطراف السورية المتنازعة في تحقيق هدنة دائمة، وصولا لطي صفحة الحرب الأهلية واستئصال الإرهاب، وتمكين الشعب السوري من تقرير مستقبله، وحشد جهوده لإعادة إعمار ما ألحقته الحرب من دمار في النفوس والعمران، وإنهاء محنة اللاجئين السوريين في الداخل والخارج.
وهذه الروح الجديدة، أسهمت أيضا في وضع ليبيا على سكة الخلاص من الفوضى والعنف والإرهاب، وأمام القيادات الليبية بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني، فرصة ثمينة لتدشين عصر الوحدة الوطنية، والأمن والاستقرار، وبناء دولة حديثة توظف إمكانيات ليبيا الوفيرة، في إطلاق تنمية كبرى، تعوض الشعب الليبي عن المعاناة التي يكابدها منذ عقود.
أيها المواطنون والمواطنات..
إن الروح التي أطلقها التحالف العربي، لا تملك قوة دفع ذاتية.. قوة الدفع كامنة في عملنا وإنجازاتنا ووعينا وإدراكنا أن المتضررين من انبعات هذه الروح يسعون بكل يملكون من إمكانيات ووسائل لإخمادها، وفي الحد الأدنى تحجيمها وحصارها للحيلولة دون تراكم مفاعليها الإيجابية في الحياة العربية.
علينا أن ننتبه إلى هذه المساعي، وأن نتصدى لها ونفشلها، فالطريق إلى تحقيق الأمن والاستقرار في منطقتنا العربية طويل وحافل بالأشواك والمطبات والتعقيدات، لقد قطعنا شوطا مؤسسا لما بعده في هذا الطريق، لكن ما زالت أمامنا أشواط أخرى لنقطعها، فالتدخلات الأجنبية ما زالت تغذي الصراعات الدموية في الدول العربية المنكوبة بحروبها وانقساماتها، وما زالت تضع العصي في دواليب الجهود العربية والدولية لإنهاء هذه الصراعات، والجماعات الإرهابية ما زالت تنشط في مناطق الصراعات والانقسامات، وتسعى للتمدد إلى مناطق أخرى، وترتكب أبشع الجرائم، وتواصل إلحاق الأذى بديننا الحنيف وتعرضه للتشويه، وتضعه وأتباعه في مرمى أحقاد المتطرفين والمتعصبين والعنصريين في العالم أجمع.
وإذا كان من الثابت، أن الإرهاب ظاهرة عالمية ولا دين له ولا وطن، وأن خطره المعولم لا يعرف الحدود ولا المسافات ولا تمنعه أشد الإجراءات الأمنية احترازا، وأن العالم بأسره يتحمل مسؤولية مواجهته، فإن الواقع الراهن للإرهاب يلقي على العالم الإسلامي وفي القلب منه العالم العربي مسؤولية مضاعفة، ويضعهما في الخط الأمامي للمواجهة، فجماعات التطرف والإرهاب في غالبيتها العظمى، تنسب نفسها ودعواها وممارستها البشعة للإسلام، وتكفر معظم المسلمين وترتكب جل جرائمها في ديارهم، وتزرع الشقاق والانقسام في مجتمعاتهم، وتستعدي عظيمهم، وتؤلب أتباع الديانات والعقائد الأخرى وقطاعات عريضة في الرأي العام العالمي.
ومن هنا، فإن مواجهة الإرهاب وتطوير وسائل مكافحته، فرضت نفسها في مقدم أولويات الدول العربية والإسلامية، وبات مستقرا في وعي جميع المعنيين، أن النجاحات التي تحققها المعالجات الأمنية للإرهاب، على أهميتها الكبيرة لا تكفي وحدها لخلع جذوره، فظواهر الإرهاب ليست نبتا شيطانيا يظهر فجأة وينتهي خطره بمجرد قطعه، بل نبت له جذور غائرة عميقا في تربة مسمومة، وتظل كامنة بانتظار متغيرات مواتية وفرص سانحة لطرح نبتها من جديد، لذلك يجب تكثيف الجهود لفهم وتحليل هذه التربة المسمومة، وتعيين مكوناتها وتفكيك عناصرها، ليتسنى علاجها بفاعلية تجتث الإرهاب وتجفف منابعه المادية والفكرية وتنهي دورات توالده وتكاثره.
وبالنسبة لنا، فقد أدركنا في وقت مبكر مثلما أدرك كثيرون غيرنا، أهمية الشمولية في مواجهة الإرهاب، وحرصنا على إدراج مقتضيات هذا الإدراك في سياساتنا وخططنا وبرامج عملنا، فكتبنا النجاح لجهودنا وظلت بلادنا واحة للأمن والاستقرار، نبني وتنجز وتتقدم، وفي الوقت نفسه، نظل متأهبين وجاهزين، قيادة وحكومة وشعبا، لكل التحديات والأخطار مهما كان نوعها وأيا كان مصدرها.
أيها الضباط والجنود أيها المواطنون والمواطنات ..
في يوم قواتنا المسلحة الأربعين، نجدد عهدنا لوطننا وشعبنا، بأننا سنمضي قدما لتحقيق أهدافنا، متوكلين على الله ومعتمدين على أنفسنا، ومتكاتفين مع أشقائنا في دول مجلس التعاون، ومتعاونين مع شركائنا في التحالفات العربية والإسلامية والدولية، نحن أصحاب حق، غاياتنا شريفة وقضايانا عادلة.
ونحن في الجانب الصحيح من التاريخ، نواكب حركته وحراك قواه الفاعلة، ونستلهم اتجاهاته المستقبلية الصاعدة ونتعاطى معها بكيفية تعزز قدرات وطننا، ومصالح شعبنا ومكانة دولتنا وفاعليتها وتأثيرها في المنطقة والعالم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
aXA6IDMuMTQuMjQ5LjEyNCA=
جزيرة ام اند امز