صائب عريقات لـ"العين": إسرائيل دمرت السلطة الفلسطينية وتشن علينا حربًا شاملة
كبير المفاوضين الفلسطينيين في مقابلة شاملة مع "بوابة العين"
اختلفنا مع كيري.. وحكومة نتنياهو تتحمل مسؤولية التصعيد
"حرب شاملة".. هذا هو التوصيف الذي استخدمه كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات للتعبير عن الإجراءات والممارسات الإسرائيلية الأخيرة، خاصة ما تعلق منها بالقدس والمسجد الأقصى؛ معلنًا بشكل واضح دعم الهبة الشعبية في الأراضي الفلسطينية ورفض طلب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وقفها.
ورغم كل ما يجري، أكد عريقات في مقابلة شاملة مع "عين الإخبارية" التمسك بخيار السلام ورفض العنف، مؤكدًا رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس مقابلة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد أن رفع الأخير تسع إملاءات.
وتوقع المسؤول الفلسطيني الذي تم انتخابه مؤخرًا أمينًا للسر في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ما جعله أحد المرشحين الأقوياء لخلافة الرئيس الفلسطيني، أن تشهد الفترة المقبلة تطبيقًا لتحديد العلاقات الأمنية والسياسية والاقتصادية مع إسرائيل، بموازاة ذلك التحرك بقوة نحو مجلس الأمن ومحكمة الجنايات الدولية انتصارًا للحق الفلسطيني.
حرب شاملة
وقال عريقات: "إسرائيل دمرت السلطة الفلسطينية التي ولدت لتنقل الشعب الفلسطيني من الاحتلال إلى الاستقلال، وأعادت إلى الوجود الإدارة المدنية الإسرائيلية (التي كانت تحكم الضفة وغزة قبل تأسيس السلطة عام 1994) وتحرم السلطة من المجالات والصلاحيات الأمنية والسياسية والاقتصادية كافة".
وناقشت الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو الخميس الماضي، سيناريوهات ما بعد انهيار السلطة الفلسطينية خلال الأسابيع أو الأشهر القادمة، وفق ما ذكرت صحيفة هآرتس العبرية.
واتهم عريقات إسرائيل بأنها "تشن على الشعب الفلسطيني حربًا شاملة بالإعدامات الميدانية والاستيطان والتدمير" ما يعكس إلى أي مدى وصل التأزيم في مسار عملية السلام الذي بدأ قبل 23 عامًا.
واستشهد 104 فلسطينيين بينهم 22 طفلاً و4 نساء منذ اندلاع الانتفاضة مطلع أكتوبر الماضي، ردًا على إجراءات إسرائيلية سعت إلى تطبيق التقسيم الزماني في المسجد الأقصى، وكذلك تصاعد اعتداءات المستوطنين.
وبمرارة قال عريقات الذي قاد فريق التفاوض الفلسطيني منذ انطلاقتها قبل ربع قرن: "لا نعرف هدف نتنياهو من الحرب الشاملة على الشعب الفلسطيني، والتي تمارس إسرائيل خلالها أشكال الإرهاب المنظم والقتل والاغتيالات والحصار والإغلاق كافة".
فشل جهود السلام.. مسؤولية نتنياهو
وأقر بفشل الجهود الدولية والأمريكية الرامية لاستعادة الهدوء واستئناف مسيرة السلام، عازيًا ذلك إلى "استمرار الإعدامات والقتل والتدمير والاستيطان، في إشارة إلى ما تنفذه قوات الاحتلال الإسرائيلي".
وبشكل واضحٍ قال المسؤول الفلسطيني: "حكومة نتنياهو هي التي فشلت كل جهود السلام"، محملاً إيَّاها كامل المسؤولية عن التداعيات والانهيارات الحاصلة في المنطقة.
وعبر عريقات عن امتعاضه من سياسة واشنطن وموقفها من الأزمة الحاصلة، قائلاً: "طالبنا الإدارة الأمريكية وقف التعامل مع إسرائيل على أنها دولة فوق القانون، ومحمية، وأن تلزمها على تنفيذ كل الاتفاقات، بدل أن تدمر حل الدولتين، وتصبح دولة أبارتهايد".
الاختلاف مع كيري
وكشف المسؤول الفلسطيني، عن تباين وجهات النظر الفلسطينية والأمريكية، إزاء مساعي التهدئة، مؤكدًا أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري (الذي التقى بشكل منفصل في القدس ورام الله، نتنياهو وعباس في 24 نوفمبر الجاري) طالب القيادة الفلسطينية بتهدئة الهبة الجماهيرية.
وأشار إلى أن كيري برر هذا الطلب بتمكين الإدارة الأمريكية من "لعب دور سياسي"، وهو ما اختلفت القيادة معه، مؤكدة أن الشعب الفلسطيني هو الذي يتعرض للإرهاب والجرائم، وفق عريقات.
وقال: "اختلفنا مع كيري في هذا الموضوع؛ لأن حقيقة ما يحدث على الأرض هو أن الشعب الفلسطيني يتعرض لعدوان إسرائيلي، فإسرائيل تدافع عن استيطانها عن إرهاب الدولة وعن جرائمها، فيما يدافع الشعب الفلسطيني عن نفسه وعن حريته وعن استقلاله وعن آماله وطموحاته".
وشدد على أن الذي يسعى للاستقرار والتهدئة "عليه أن يبدأ في وضع أسس تجفيف مستنقع الاحتلال الإسرائيلي"، مطالبًا بشكل محدد كيري والإدارة الأمريكية أن "يرفعوا الفيتو عن (القرارات التي تدين إسرائيل، والمناصرة لفلسطين في) مجلس الأمن".
5 ملفات إلى كيري
وقال عريقات الذي شارك في اللقاءات مع كيري، إن عباس سلم مسؤول الدبلوماسية الأمريكية، خمسة ملفات: الأول تعلق بـ95 شهيدًا (العدد ارتفع إلى 104 حتى مساء 27 نوفمبر الجاري) قضوا على يد جيش الاحتلال والمستوطنين وآلاف الجرحى، وملف العقوبات الجماعية وهدم البيوت، وملف يحمل 36 جثمان شهيد تحتجزهم إسرائيل، وملف حول الاستيطان وارتفاعه بنسبة 40%، إضافة إلى ملف حول التحريض الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية.
وأضاف "قدمنا لكيري هذه الملفات بما يواجهه الشعب الفلسطيني من عدوان وجرائم حرب، ووضعناه في صورة ما يجري".
وحول حقيقة ما عرضه المسؤول الأمريكي، قال عريقات: "في الحقيقة لم يقدم أي طروحات جديدة، بل هو تحدث عن مسألتين: الأولى هي التزام الرئيس باراك أوباما بمبدأ حل الدولتين على حدود العام 1967، والتزامهم بالعمل من أجل ذلك".
مطلبنا من مجلس الأمن
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير: "لا بد من وجود قرار في مجلس الأمن يحدد مبادئ الحل القائم على مبدأ الدولتين على حدود 1967، دولة فلسطينية مستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، حل قضايا اللاجئين والأسرى استنادًا لقرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة، ووضع سقف زمني لتحقيق ذلك.
كما كشف أن القيادة الفلسطينية ستتوجه إلى مجلس الأمن الدولي قريبًا بأربعة مشاريع تتعلق بالصراع مع إسرائيل، موضحًا أن هذه القرارات تتعلق بالسعي لنيل عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، والاستيطان، والقدس، وإرهاب المستوطنين الذين ارتكبوا أكثر من 11 ألف اعتداء خلال السنوات الأخيرة.
وشدد على أنه من حق الشعب الفلسطيني طرق باب مجلس الأمن، معتبرًا أن "استخدام حق النقض (فيتو) ضد مشروعنا يعتبر هزيمة لمستخدميه".
تمسك بالسلام وخطة العمل
ومع الغضب والإحباط الكبير مما تقوم به إسرائيل، يؤكد مسؤول الفريق التفاوضي الفلسطيني، "تمسك القيادة بالسلام"، وقال: "نريد السلام".
وكشف عن خطة العمل الفلسطينية لمواجهة ما يجري، مشيرًا إلى أن العمل جار استنادًا على القانون الدولي، واللجوء إلى الشرعية الدولية، وعلى رأسها المحكمة الجنائية الدولية".
واستطرد: "من يخشى تدهور الأوضاع عليه أن يكف عن ارتكاب الجرائم".
كانت فلسطين وقعت على ميثاق روما في أبريل الماضي، ما أهَّلها للانضمام لمحكمة الجنايات الدولية، وهو القرار الذي أغضب إسرائيل ودفعها لاتخاذ خطوات عقابية ضد السلطة الفلسطينية.
وأهّل القرار، فلسطين للتوجه إلى المحكمة الجنائية، لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، حيث شكلت لجنة فلسطينية مختصة شرعت بوضع الخطوات التنفيذية لذلك، فيما بدأت فعليًّا منظمات حقوقية فلسطينية مستقلة في إجراءات التقاضي، حول أربع ملفات تتعلق بجرائم الحرب على غزة، والجدار، والحصار والاستيطان بشكل فعلي مستفيدة من القرار.
وأكد عريقات أن السلطة الفلسطينية "تتحرك على أكثر من صعيد لمواجهة حرب إسرائيل"، لافتًا إلى توقيع اتفاقيات عديدة على المستوى الدولي.
ولفت كبير المفاوضين الفلسطينيين: "أصبحنا رسميًّا أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية في الأول منذ أبريل الماضي بموجب منحنا صفة "دولة مراقب غير عضو، من الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر عام 2012".
وأضاف: "نتحرك على المستويات كافة بدعم عربي وإسلامي وحتى دولي مطلق، ففي 24 من الشهر الجاري صوتت لنا 171 دولة في الأمم المتحدة وبأغلبية ساحقة لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره".
وأكد أنه تم التصويت على هذا القرار الذي يؤيد حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، في اللجنة الثالثة "لجنة الشؤون الاجتماعية والثقافية والإنسانية" التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، مشيرًا إلى أن القرار اعتمد بأغلبية 171 دولة، وعارضته 6 دول ( كندا، إسرائيل، جزر المارشال، ميكرونيزيا، بالاو، الولايات المتحدة) وامتنعت 4 دول عن التصويت ( الكاميرون، هندوراس، جنوب السودان، تونغا).
قرارات هامة مرتقبة
وكشف عريقات أن القيادة الفلسطينية على وشك تنفيذ قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير في تحديد العلاقات الأمنية والسياسية والاقتصادية، وهي قرارات ستثير غضب إسرائيل، خاصة ما يتعلق منها بملف العلاقات الأمنية، الذي قد يترتب عليه وقف التنسيق الأمني بين الجانبين، أو تقليصه.
وألمح إلى رفض الرئيس الفلسطيني طلب مقابلة رئيس الوزراء الإسرائيلي، قائلاً:" نتنياهو فرض 9 إملاءات منها ترسيم الحدود والاستيطان والاحتفاظ بغور الأردن، ويطلب اجتماع الرئيس بعد الإملاءات التي فرضها".
دفاعنا مشروع
وأكد أن الشعب الفلسطيني يدافع عن نفسه دفاعًا مشروعًا، وقال: "على المعتدي أن يتوقف ويحاسب على اعتداءاته .. من يبحث عن الأمن والسلام في المنطقة عليه البحث عمن يدمر الأمن والسلام ووقفه ومحاسبته".
وقال عريقات، إن: "حكومة نتنياهو بممارساتها بحق شعبنا الذي يدافع عن نفسه كشعب أعزل أمام جيش وذخيرة وسلاح نووي والقيود التي تفرضها لا تدافع عن نفسها كما تدعي، بل تدافع عن الاحتلال والاستيطان والجرائم التي يرتكبها مستخدمة حملات التشويه المسعورة".
ولفت إلى أن الحكومة الإسرائيلية "تريد منا أن نعود إلى دوامة تسجيل النقاط"، موضحًا أنه مع التطور التكنولوجي ومواقع التواصل الاجتماعي بات العالم يدرك ما يحدث وما ترتكبه إسرائيل في المنطقة.
مساعٍ لإنهاء الانقسام
على صعيد آخر، أكد عريقات وهو عضو لجنة مركزية في حركة فتح، "نبذل كل جهد ممكن لإزالة أسباب الانقسام الفلسطيني عبر الإعداد لعقد المجلس الوطني الفلسطيني بمشاركة حركتي حماس والجهاد (ليستا عضوتين في المنظمة) لإعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني لمواجهة الاحتلال مجتمعين ومتماسكين".
هزيمة الإرهاب بتجفيف مستنقع الاحتلال
وبشأن جهود مكافحة الإرهاب الذي يضرب بتجفيف مستنقع الاحتلال المنطقة، رأى المسؤول الفلسطيني أن "العمل على هزيمة الإرهاب الأسود الذي تشهده بعض دول العالم يبدأ بتجفيف مستنقع الاحتلال الإسرائيلي".
وأوضح أن "الإرهاب أعمى ولا يعرف دينًا ولا حدودًا، ولا فرق بين مجرم يضع صحفي على ركبتيه ويقتله في سوريا، ومجرم يحرق الرضيع علي الدوابشة (أحرق المستوطنون منزله ما أدى لمقتله حرقًا، ولحق بها والداه متأثرين بحروقهما البالغة، فيما نجا الطفل أحمد ويعاني من حروق بالغة) في الضفة الغربية".
وشدد على أنه "لا يمكن طمس الحقيقة التي أسس لها القانون الدولي، والتي تعتبر الاحتلال أسوأ أنواع الإرهاب".
aXA6IDE4LjExNi40My4xMDkg
جزيرة ام اند امز