ارتفاع أسعار الأرز قبل رمضان يربك السوق المصرية
أي ارتفاع في أسعار الأرز بالأسواق المحلية بمصر، يربك حسابات المواطنين ويرفع من حالة الاحتقان لديهم في ظل موجة عاتية من غلاء الأسعار.
يعتبر الأرز هو السلعة الأساسية والمكون الرئيس للوجبات المصرية؛ حيث يعتمد عليه المصريون بكميات كبيرة في شتى أصناف الأطعمة والمأكولات، وأي تذبذب أو ارتفاع في أسعار الأرز بالأسواق المحلية يربك حسابات المواطنين ويرفع من حالة الاحتقان لديهم في ظل موجة عاتية من غلاء الأسعار تزامنًا مع أزمة اقتصادية عصفت بقيمة العملة المحلية "الجنيه" في مقابل الدولار الأمريكي.
وبخلاف "القمح"، فإن إنتاج مصر من الأرز يكفي متطلبات السوق واستهلاك المواطنين، وأي زيادة في سعر الأرز غير مبررة على الإطلاق خاصة بعد قرار وزير التجارة طارق قابيل في 13 مارس/ آذار الماضي بحظر تصدير الأرز بدءًا من 4 أبريل/ نيسان لتلبية حاجات السوق المحلية والمحافظة على استقرار الأسعار.
وكانت مصر حظرت تصدير الأرز للمرة الأولى في 2008 قائلة إنها بحاجة إلى توفيره للاستهلاك المحلي والحدّ من المساحات المزروعة به لترشيد استهلاك المياه، لكنها رجعت عن هذا القرار في العام الماضي.
اليوم وقبل أيام معدودة من شهر رمضان المبارك -الذي يكثر فيه الاستهلاك- وصل سعر طن الأرز في السوق المحلية 6300 جنيه مقابل 6200 جنيه للطن الأسبوع الماضي، بواقع 100 جنيه ارتفاعًا في السعر، ليصل سعر الكيلو الواحد لـ7 جنيهات (الدولار الأمريكي = 8.88 جنيه مصري) –بحسب بيانات غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية– والتي توقعت استمرار ارتفاع الأسعار بسبب ما تعانيه الهيئة العامة للسلع التموينية من نقص المقررات لديها على بطاقات التموين.
من جانبه، أرجع "محمد سليمان" صاحب أحد مضارب الأرز الكبرى في محافظة البحيرة، ارتفاع الأسعار إلى عدم التزام الحكومة المصرية بتسديد مستحقات المزارعين الموردين للأرز في مواسم حصاده، وهو ما دفعهم إلى بيعه للتجار في السوق الموازية أو تهريبه بطرق غير شرعية للخارج للاستفادة من العملة الصعبة التي تزايد سعرها في سوق الصرف والتداول المحلي.
وقال "سليمان" -لبوابة "العين" الإخبارية- إن مصر لا تعاني من نقص في كميات الأرز، لكنها تعاني من غياب الرقابة على منافذ تهريبه، بالإضافة إلى سوء تقديرات الحكومة لاحتياجات السوق، قائلًا: كان لدينا فائض في الكميات المحلية بلغ 70 ألف طن -بحسب ما أعلن مسؤولون- فكيف ترتفع الأسعار ويقل المعروض من الأرز، أعتقد أن التهريب هو سبب الأزمة.
وكانت قد لفتت بوابة "العين"، قبل ذلك، أنظار المسؤولين في مصر إلى طرق تهريب الأرز للخارج؛ حيث أوضح تقرير سابق أن أكثر عمليات التهريب في مصر تتم في 3 أشكال، أولها عبر الحدود الليبية في شاحنات عملاقة؛ حيث وصل الأمر إلى تحديد تسعيرة معينة لـ"الجرار" تُدفع لمن يساعدون في عملية التهريب، وربما يكونون أشخاصًا ذوا صفة أمنية أو جمركية.
والوسيلة الثانية للتهريب تتم عبر الدروب الصحراوية جنوب مصر؛ حيث تُحمل الكميات المهربة بواسطة الجمال ومن ثم تعبر إلى السودان، أما الصورة الأبشع للتهريب فتتمثل في تصدير الحبوب عبر الموانئ والمنافذ الحكومية الرسمية على أن الشحنة بكاملها "فاصوليا" أو "فول"، بينما نصفها أو أكثر "أرز".
وشكا المستهلكون في الأسواق المصرية من ارتفاع الأسعار قائلين إن الفترة الحالية هي الأكثر صعوبة على المواطنين خاصة مع اقتراب شهر رمضان، والأرز بالتحديد لا غنى عنه لدى المصريين؛ حيث أشار أحد المواطنين إلى أنه منذ شهور تقريبًا كان يشتري الأرز بقيمة لا تتعدى 4 جنيهات للكيلو الواحد، واليوم وقد بلغ سعره ما يقارب الضعف، فأين السبب وماذا يمكننا أن نفعل، خاصة أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وعد مرارًا وتكرارًا بعدم رفع الأسعار قبل شهر رمضان.
ويبدو أن نقص المعروض تسببت فيه أيضًا الهيئة العامة للسلع التموينية، التي اعترفت بنقص المقررات التموينية لديها، بعد رفع الموردين للأسعار، وهو ما دفعها لسحب كميات كبيرة من السوق لتغطية احتياجات المواطنين أصحاب البطاقات التموينية.
وهو نفسه الأمر الذي أكده "رجب شحاتة" رئيس غرفة صناعة الأرز بالغرف التجارية المصرية، قائلًا إن ارتفاع الأسعار يرجع إلى نقص المعروض بصفة مؤقتة، وهو أزمة تتجدد سنويًا مع موسم حصاد القمح وإقبال شهر رمضان، وشدد "شحاتة" على أنه لا توجد أزمة في الكميات على الإطلاق، مشيرًا إلى أن مخازن الشركة العامة والشركة المصرية التابعتين لوزارة التموين لديها كميات كثيرة ستفرج عنها قبل شهر رمضان بـ15 يومًا.
وفي تصريحات خاصة لـ"العين"، وعد رئيس غرفة صناعة الأرز بانفراج الأزمة عقب 10 أو 15 يومًا من بداية شهر رمضان؛ حيث ستوزع القوات المسلحة على المصريين 20 مليون "حقيبة رمضانية" بها كميات كثيرة من الأرز، فضلًا عن استهلاك "موائد الرحمن" لكميات كبيرة خلال هذه الأيام.
تجدر الإشارة إلى أن مصر تسرع الخطى في اتجاه الاكتفاء الذاتي من الحبوب؛ حيث لا يشكل الأرز لديها أية أزمات على عكس القمح والذي تعتبر مصر أولى دول العالم استيرادًا له، وفي اتجاه ذلك تتبنى الحكومة المصرية بجانب القوات المسلحة تنفيذ مشروع استصلاح واستزراع مليون ونصف المليون فدان، بدأت في حصد 10 آلاف منها الخميس الماضي بمنطقة الفرافرة في الوادي الجديد.