القدود الحلبية نوع أصيل من أنواع الفن الشعبي الذي عرفت به حلب من بين مدن الشام، فأين أهلوك يا شامُ وأين قدودُك يا حلب؟
والقدود الحلبية نوع أصيل من أنواع الفن الشعبي الذي عرفت به حلب من بين مدن الشام «شآم أهلوك أحبابي» فأين أهلوك يا شامُ وأين قدودُك يا حلب؟؟
غنت فيروز عن البنت الحلبية كما غنت عن لبنان فلم تعد البنت الحلبية الى منزل أمها عندما سقط عليها برميل موت من السفاح ولم تعد بيروت ولا لبنان بعد ان اختطفهما حسن وعصاباته، فلا وجه حلب هو وجهها ولا وجه لبنان هو وجهه.
وما بين حلب العروبة والعرب عشق أبدي قديم، ولكنها نزفت حتى الموت ولم نملك لها سوى الدموع، فلا الجزار بشار غادر قصره ولا حسن وعصاباته غادروا الضيعة.
وما بين الضيعة وطهران نهر من الدم والدموع شهد عليه عراق الرشيد وخانه برامكة العصر الجديد، فهل فتش العرب تحت وسائدهم فثمة برمكي يخون رشيده.
ودجلة الخير أم البساتين خانتها يمامتها ولم تشاهد سوى أغصان زيتون اختبأ بينها لصوص قادمون من خارج الحدود، فاختطفوا بصرتها وبصيرتها وبغدادها التي لم تعد تتبغد، ولكنها تنزف جوعاً وموتاً واغتيالاً بحجم الطائفية التي انتشرت روائحها من هناك من طهران.
وطهران ما زالت متدثرةً بعباءة كسرى وحكمه القديم، والعرب ما زالوا يجرحون فيها ذاكرة هزيمة الفرس وسقوط دولتهم، وقبر أبولؤلؤة صار مزاراً لهم يحجون إليه كل عام في ذكرى الانتقام اغتيالاً.
وحلب التي كانت تنام على أنغام القدود، دخلت في كابوس براميل الموت يختطف الاطفال والنساء والشيوخ والشباب ويحصد الناس، ثم يجلس القائد على آخر برميل يحصي عدد من قتلهم ومزق أجسادهم ليشرب نخب الموت.
لماذا تركنا حلب تخرج من موتٍ لتدخل موتاً آخر، هل تعلمون ان حلب تسكنها العروبة ويسري في عروقها النبض العروبي منذ القدم، ولذلك اختاروها للموت والقتل المجاني ليقتلوا ويذبحوا عروبتها من الوريد الى الوريد، وما زال كيري يطير بوعودٍ ووعود تتبخر في كل محطة يحط بها، فيما قيصر روسيا ونيرون طهران يحضران القنابل في صناديق البراميل يدكون بها العروبة هناك حيث تسكن في حلب.
حلب عنوان عروبي قديم، وموت عروبي جديد، وما بين القديم والجديد موعد للذبح ولا بواكي لمن يذبحون، لم تعد حلب هوية ولكنها أصبحت أرقام موتٍ وأنها رُدم وبقايا دموع.
في التاريخ فلسطين عربية وفي الجغرافيا شيء آخر، فهل تصبح حلب في التاريخ كانت عربية وفي الجغرافيا شيء آخر بنكهةٍ فارسية صفوية؟؟
في كل صباح وعلى مدى أيام طالت نشرب قهوة الموت الحلبي وندخن نرجيلة الدم الشامي، ثم نسأل «ما الجديد»؟؟
عن أي جديد نسأل؟؟ لا تسأل فلم يعد في الشام أهل ولا أصحاب ولا أطفال ولم تعد في حلب قدود وفن وجامعة وجامع، فكل ما فيها منذور للذبح، فالشام بأكملها تذبح ليبقى «رجل» هناك في قصره يُقايض العالم بدم شعب وكرسي سفاح، فمن يذبح من هناك وعن أي أخبار نسأل كل صباح، فهل بعد الذبح خبر؟؟
في التاريخ ثمة روايات وحكايات عن طغاة وسفاحين كانوا يشربون خمرتهم في بقايا جماجم ضحاياهم وقتلاهم الأبرياء فكيف سيشرب بشار الجزار خمرته وبراميله لم تترك جمجمة طفل أو شاب فقد تحولت الجثث هناك الى رماد.
فهل سيقدم له دريد لحام «غوار» كأس الوطن ليشرب فيه، وهل تبقّى في الوطن كأس بلا دم وبلا دم يا دريد يا من قبلت يد سيدك الجديد خامنئي ولثمت تراب الفرس من جنودٍ جاؤوا من هناك ليذبحوا أهلك في الوطن، ومن كانوا يصفقون لك يوماً حين حدثتهم عن الغربة لكنك لم تحدثهم عن الذبح الذي ينتظر أطفالهم وعن القبلة التي لثمتها فوق أحذية الغازي الفارسي، فأنزلت ستار مسرحية موتك وعارك قبل ان تموت، وما أقساه من موتٍ اخترته ياغوار يا من كنت دريد.
وياشام أهلوك احبابي.. وموعدنا..........!!
نقلا عن جريدة "الأيام"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة