أمريكا وحلفاؤها يريدون الخلاص من الأسد ونظامه فها هي واشنطن ترسل نخبة من قواتها الخاصة
أمريكا وحلفاؤها يريدون الخلاص من الأسد، ونظامه فها هي واشنطن ترسل نخبة من قواتها الخاصة وخبراء لمساعدة جهود المقاومة السورية، ولم يكن ذلك مفاجئا بالرغم من تصريحات الرئيس أوباما العديدة بأن بلده لن تتدخل في الصراع الأرضي وتكتفي بالضربات الجوية والدعم الاستخباراتي، بينما البيت الأمريكي في الداخل في انقسام بين معارض ومؤيد لذلك في تداخل معتاد في هذا الوقت من العام مع حمى الانتخابات الرئاسية وتأثير ذلك على موافقات الكونغرس الأمريكي؟ ومن جهة أخرى تصر روسيا مع حليفتها الصين ومن يدور في هامش مركزهما على بقاء الأسد في السلطة، فمصالح كل طرف واضحة وأشبعت تحليلاً، ولذلك الأخطاء من الجانبين تتكرر ومن يدعم الميليشيات والجماعات الطائفية اليوم سيعاني غداً من العمليات التي سوف تستهدف أرضه ومصالحه في العالم.
ومن جانب آخر لا تزال عمليات التحالف الدولي في العراق وسوريا مستمرة في دكِّ مواقع داعش وأخواتها، كما يبرز الدور الإيراني بمختلف أنواع الدعم والتدخل في الشؤون السورية على غرار تدخلها في العراق، ولن تتوانى عن إرسال الآلاف من الجنود الإيرانيين إلى سوريا في عمليات واسعة ضد الجماعات السنية المسلحة العنيفة في الشمال الغربي من البلاد، وسيناريو أن تكون وحدات من القوات البرية الإيرانية جزءا من عملية مشتركة من شأنها أن تشمل الجيش العربي السوري وروسيا ومقاتلين من ميليشيات حزب الله اللبنانية، مما يشير إلى أن الصراع الذي كان يتوقع له أن يكون طويل الأمد لربما في اتجاهه للنهائية.
ويعمل بدوره التحالف الروسي للقضاء على الميليشيات في الغالب السنية وتدمير المقاومة واستعادة الأمن في جميع أنحاء البلاد كمنصة لجعل سوريا مستعمرة بجسد إيراني وعقل روسي صيني في ظل التوافق بين طهران وموسكو حول الملف النووي والملف الجورجي ومواجهة تمدد الحلف الأطلسي في أوربا، وخاصة الدرع الصاروخي وحماية الحدود الروسية من الخطر الإيراني المتغلغل في الدول المجاورة لها، ناهيك عن التقاطع في المصالح بين الدول المشاطئة لبحر قزوين ومشروعات الطاقة الضخمة المحتملة بين روسيا وإيران، وأهمية وجود تكتل روسي صيني إيراني تركي لمواجهة ما يدور في المطبخ السياسي الأمريكي حيال دول المحيط الهادي وشمال أمريكا، وكل ذلك يعزز ويعكس أهمية إيران للسيادة الروسية والعكس صحيح، ولذلك تبدو الأمور وكأننا في حرب كونية وحرب عالمية ثالثة بالوكالة، ولكن حتماً ليست بسبب داعش، وبالضرورة سوف يفشل كل اجتماع سيعقد لحل الأزمة نسبةً إلى تمسك طرف بموقفه بإزاحة الأسد من المشهد مقابل تمسك الطرف الآخر ببقائه وعدم رغبة الصين وروسيا في وجود شرق أوسط جديد وفق الرؤية الأمريكية.
وفي تضارب مع الواقع ردد الرئيس الروسي بوتين مراراً أنه لن يسمح للقوات البرية الروسية للقتال في سوريا، فيما تنظر موسكو الى ملف الكيماوي السوري كنواة صلبة يبدأ منها التوافق حول الملفات العالقة، فيما أمريكا بين الواقع والهلوسة في استراتيجية حرب غير متماسكة في سوريا وتمويل وتسليح له نتائج عكسية على المدى الطويل، علماً أن صفقة أوباما مع أردوغان لإطلاق الغزو التركي لسوريا بغطاء جوي أمريكي لإسقاط الأسد وتوجيه وتحويل الصراع الخفي مع إيران على زعامة العالم الإسلامي إلى أرض المعركة تحول إلى كابوس بعد المفاجأة الروسية وفرض عضلاتها مجدداً في ميزان القوى العالمية، مما اضطر الجميع بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية للجلوس للتفاهم مع الروس وتجنب حدوث تصادم جوي عارض، فهناك دائماً في السياسة قرارات سيئة ولكن لا بد من وجود شخص ليقوم بها ويتحمل المسؤولية بكل شجاعة، فهل أفسد التدخل العسكري لبوتين تنفيذ الخطة الأمريكية التركية ومتى سنعرف إذا ما كانت تركيا قد غزت أم لا؟
ومع إعادة اكتشاف الغاز الطبيعي في المياه الإقليمية السورية والاستعاضة بهذا الغاز السوري عن بديله الروسي فسوريا نقطة حدودية في حدود جميع الدول المشاركة في الصراع السوري.
ويبرز التحالف الذي تقوده روسيا والتحرك بسرعة لترسيخ مكاسبها، وتعطيل خطوط إمدادات العدو إن صح التعبير وجعل حلف شمال الأطلسي والقيادة العليا التركية في حيرة من أمرها وانتظار ما قد تسفر عنه المباحثات غير الرسمية بعد خطأ الدفع بمقاولي الدفاع ومعارك المدن في القطاع الخاص لتدريب المتمردين السوريين على كيفية تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وبأن عناصر ما يسمى جهلاً الجهاد العالمي داخل سوريا مدربون بل معتمدون من دول عديدة بما في ذلك الجانب الإسرائيلي، مما يبين أن تلك الحرب هي لعبة دماء وليس إنماء وتدمير وليس تحريرا، وهكذا هي الحرب بالوكالة التي تعد لعبة قذرة كبرى لا ترحم أحدا وتركيزها منصب على الأهداف التي وضعها كل معسكر في الصراع وأطراف الصراعات داخل الصراع الرئيسي، ولهذا لم نسمع قط أن داعش جنّدت انتحاريا في فلسطين، وهناك مئات الآلاف من البشر الذين ينطبق عليهم توصيف ملف الشخص المحتمل انضمامه للجماعات المتطرفة، وما يعنونه من ظلم يعد بين الأسوأ في العالم، هم يقبعون تحت الاحتلال فلماذا لم نسمع عن عناصر داعش المجندين في إسرائيل، وهو اللغز الأغرب في تاريخ الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط.
فإلى متى سيستمر وابل القصف الجوي للقوى الكبرى وحلفائهم هذه المرة وهل من مصداقية تذكر في القضاء على داعش والجماعات المتطرفة في سوريا والعراق بخلاف السنوات الماضية، التي كان يبدو للجميع أن الغرب عملياً ليس في الجانب الذي يقف ضد داعش بل كان يشتبه في أنه في نفس الجانب، وماذا عن الحرب ضد الأسد؟ فمن الجانب الروسي بقاء الأسد في سدة الحكم الخيار الأوحد ولذلك تشير بعض التقارير الاستخباراتية الغربية أن ما هو نسبته 5% فقط من الضربات الجوية الروسية استهدفت مواقع تنظيم داعش، بينما استهدفت الأخرى مواقع المعارضة السورية المعتدلة، فالكل في سوريا الآن بفضل داعش من المستفيدين والمتضررين من الوضع السوري، ولذلك السؤال المنطقي الذي يطرح نفسه هل كان وجود داعش صدفة في سوريا والعراق؟
فهل ننسى أن التاريخ يروي لنا أنه في ذات يوم كان منتسبو طالبان أبطالا في وسائل الإعلام الأمريكية عندما كانوا يقاتلون الروس، والآن الجيش السوري الحر أبطال في الاعلام الغربي كونهم يحاربون ضد قوات الأسد النظامية فمن يضمن أعداد المندسين بينهم؟ والمنتمون لتلك الفصائل يغيرون باستمرار العلم الذي يقفون تحته ولكن لا يغيرون ولاءاتهم ولمصلحة من يحاربون في المقام الأول، فجبهة النصرة على سبيل المثال كيف تختلف عن القاعدة، وهم من يسعون خلف الإمارة الإسلامية، والتلويح براية الخلافة ولطالما صرح قادتهم بأنهم سوف يقومون بتنظيف المنطقة من جميع الكفار وتتغير المسميات وتبقى نفس المبادئ الظلامية الإقصائية ونفس الانتهاكات من اغتصاب وتعذيب وقطع للرؤوس وتمثيل بالجثث، وعليه المغامرة بضرب الداخل ببعض والتغاضي عن مؤسسات الجريمة الدينية لخدمة بعد استراتيجي معين أو إيقاف توسع وسيطرة عدو ما سيشكل تهديدا مؤكدا سيلقي بظلاله في مجتمعات اللاعبين الكبار والصغار في النزاع بعد كسب وانتصارات وهمية مؤقتة أقرب إلى الفقاعات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة