هناك شك كبير في قدرة ترامب علي الفوز في الانتخابات العامة أمام المرشحة الديمقراطية المتوقعة هيلاري كلينتون
منذ تصدُّر رجل الأعمال البارز دونالد ترامب لمرشحي الحزب للرئاسة في استطلاعات الرأي العام، كانت المراهنة دائمًا علي أنها مرحلة مؤقتة، وأنه سوف يتراجع مع تسليط الأضواء علي عيوبه كما يحدث عادة في الحملات الانتخابية، لكن المفاجأة كانت في استمرار قوته وتصدره للساحة لعدة أشهر، بل وازدادت شعبيته إلي نحو ٣٢ في المائة بعد هجمات باريس، واعتقاد نسبة كبيرة من الناخبين الجمهوريين أنه الأفضل في مواجهة الإرهاب، قد يبدو هذا الاعتقاد مثيرًا للسخرية، خاصة أن ترامب ليست له أية خبرة في قضايا الأمن القومي، لكن هذا هو الحال الذي فوجئ به قادة الحزب، وهم الآن لا يعرفون كيف يتخلصون من كابوس ترامب، حيث لم يعد لديهم وقت طويل للبحث عن بديل له أو وضع إستراتيجية لهزيمته مع اقتراب أول عملية تصويت في الانتخابات التمهيدية في ولاية أيوا في بداية شهر فبراير القادم، وقد ذكرت بعض التقارير أن هناك محاولة لحشد التأييد خلف مرشح واحد يتم دعمه بكل الإمكانات ليتمكن من هزيمة ترامب، لكن لكي يحدث ذلك يجب أن يتخلى عدد كبير من المرشحين عن حلمهم الكبير بالوصول إلي البيت الأبيض، وهو حلم لو تعلمون عظيم، ويمكن تلخيص مأزق الجمهوريين كما يلي:
أولًا: هناك شك كبير في قدرة ترامب علي الفوز في الانتخابات العامة أمام المرشحة الديمقراطية المتوقعة هيلاري كلينتون، بسبب مواقفه المتطرفة ضد الأقليات من سود وهيسبانيك (لاتينيين) ومسلمين.
ثانيًا: المنافس الأول لترامب وهو جراح المخ المعتزل بن كارسون، هو أيضًا مرفوض من مؤسسة الحزب بسبب مواقفه ولغته التي لا تساعد الحزب في الانتخابات العامة في نوفمبر من العام القادم.
ثالثًا: مؤسسة الحزب تبحث عادة عمن يمثلها للفوز بالترشيح، ونجحت في السابق مع جورج بوش، ومن بعده جون ماكين ثم ميت رومني، لكن فشلها في الانتخابين السابقين أمام باراك أوباما أثار غضب القاعدة الجمهورية، التي تبحث الآن عن عناصر غير تقليدية مثل ترامب أو ممثلي ما يعرف بحزب الشاي، وهو تيار قوي داخل الحزب، لكن أهم ممثلي هذا التيار حاليًا وهو السناتور تيد كروز، أثار الكثير من العداوات داخل الحزب، وهو شخصية حادة وانتهازية، ولم يكن لديه مانع من إغلاق الحكومة الفيدرالية كوسيلة للضغط علي أوباما للانصياع لمطالب التيار المتشدد في الحزب في بعض القضايا الاقتصادية والاجتماعية.
رابعًا: بقيت العناصر الأكثر اعتدالًا وقبولًا وتتنافس علي دعم مؤسسة الحزب، وهي حسب نسبة التأييد الآن:
السناتور ماركو روبيو من ولاية فلوريدا وهو ابن لمهاجريْن هاربيْن من كوبا، وشاب في الرابعة والأربعين من العمر، وهو ربما يكون الأخطر علي هيلاري كلينتون في الانتخابات العامة؛ لأنه يمكنه سحب جزء كبير من القاعدة الديمقراطية من (الهيسبانيك) كما أنه يمكنه صياغة المنافسة في إطار صراع أجيال للتخلص من سيطرة الوجوه القديمة، لكن لكي يتحقق ذلك يجب إقناع جيب بوش بالانسحاب، وهو المرشح الأفضل لدي مؤسسة الحزب، لكنه يتراجع بشكل واضح في استطلاعات الرأي العام، وفشلت حملته في استعادة زمام المبادرة، وعليه أن يقرر الآن إن كان يمكنه الاستمرار.
هناك أيضًا كريس كريستي حاكم ولاية نيوجيرزي وجون كاسيك حاكم أوهايو، لكن نسبة تأييدهما متواضعة للغاية حاليًا، رغم ما لديهما من مميزات وخبرة خاصة كاسيك الذي يحظى بشعبية كبيرة في أوهايو، وهي الولاية التي لم يصل مرشح جمهوري إلي البيت الأبيض دون الفوز بها.
في ظل هذه الظروف، يزداد موقف الحزب صعوبة، وأصبح البعض يسلم بأن من الممكن فوز شخص متطرف مثل ترامب بترشيح الحزب، وهو ما يقلل، ليس فقط من فرصة استعادة البيت الأبيض في الانتخابات العامة، ولكن يسيئ أيضًا لصورة الحزب عمومًا بما قد يضره في انتخابات الكونجرس وحكام الولايات، وهو أمر لو حدث، سيكون مستحقًا لحزب اختار قصر قاعدته الأساسية علي الرجل الأبيض المسيحي مرتفع الدخل، ولم يتمكن بعد من التعايش مع الوجه الجديد لأمريكا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة