وزير الصحة المصري أكد في بيان رسمي أن رفع أسعار الدواء جاء بسبب نقص الأدوية المحلية في السوق لعدم قدرة الشركات المنتجة على توفيرها.
لم يتبقَّ سوى الدواء".. هكذا وصف المصريون القرارات الحكومية الأخيرة برفع أسعار الأدوية الأقل من 30 جنيها بنسبة 20%، بحسب ما أعلن الدكتور أحمد عماد وزير الصحة بعد موافقة مجلس الوزراء على رفع أسعار الأدوية مع شروط تلزم الشركات بتوفيرها.
وقال وزير الصحة المصري في بيان رسمي إن رفع أسعار الدواء جاء بسبب نقص الأدوية المحلية في السوق لعدم قدرة الشركات المنتجة علي توفيرها لارتفاع تكلفة تصنيعها، ما أدى إلى إغلاق بعض الشركات، ومن ثم فإن القرار سيشجع الشركات على إعادة الإنتاج وتوفير الأدوية.
نقابة الصيادلة في مصر بدورها قالت إن تحريك الأسعار يصب في صالح المريض وينقذ شركات الأدوية في مصر ، حيث قال محيي عبيد نقيب الصيادلة إن القرار سيساهم في وقف نزيف خسائر شركات قطاع الأعمال التي تعدت 180 مليون جنيه في العام الماضي، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن تصل إلى نصف مليار جنيه تتحملها الدولة إذا لم يتم تطبيق القرار، كما سيساهم في التصدي لأزمة نواقص الأدوية التي تزداد يوما بعد يوم بسبب نقص المواد الخام وارتفاع سعر الدولار.
وأضاف "عبيد" في تصريحات صحفية أن تحريك أسعار الدواء سيساعد في دعم الصناعة الوطنية وإنقاذ شركات تصنيع الدواء من الإفلاس بعد أن تحملت هذه الشركات لفترات طويلة ثبات أسعار أدويتها مع ارتفاع سعر الدولار، موضحا أن هناك 2170 دواءً سعرها أقل من 5 جنيهات و4736 دواءً أقل من 10 جنيهات و7514 دواءً أقل من 20 جنيها، وأن معظم هذه الأدوية هي أدوية شركات قطاع الأعمال التي لم تتحرك أسعارها منذ أكثر من 25 عاما.
ووصف الدكتور أحمد أبو دومة المتحدث باسم نقابة الصيادلة قرار رفع الأسعار بـ"المحاولة الصادقة" لإنقاذ صناعة الدواء المصري والتي كادت أن تتوقف بسبب الخسائر التى ترتبت على ارتفاع سعر صرف العملة الأجنبية، والتى تمثل ما يقرب من 80% من مدخلات صناعة الدواء".
وبات من المؤكد تكاتف الحكومة متمثلة في وزارة الصحة المصرية مع الصيادلة لتطبيق القرار في ظل الاستفادة من استعادة خطوط الإنتاج لبعض الشركات المتوقفة، بالإضافة إلى زيادة هامش الربح للصيادلة، خاصة وأن هامش ربح الصيدلي الذى تقدمه له الشركات منذ سنوات طويلة لم تحدث به أي زيادات، غير أن القرار قوبل باحتقان وغضب شعبي خاصة أنه جاء وسط موجة عاتية من غلاء الأسعار في جميع السلع، مع العلم أن قطاعا كبيرا من المصريين يتعاطون الأدوية والمسكنات الخاصة بالأمراض المزمنة والشيخوخة بصفة يومية.
التأييد البرلماني للقرار كان حاضرا على لسان "مجدي مرشد" رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب المصري، الذي قال في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام المحلية إنه من غير المقبول أن يتم بيع الأدوية بأسعار تصل إلى جنيهين و3 جنيهات، مشيرا إلى أن هذه الأسعار لا تواكب الفترة الحالية والخسائر التي تتعرض لها صناعة الأدوية فى مصر، الأمر الذى أدى إلى تدمير هذه الصناعة.
"سيد الاسكندراني" مواطن مصري يعاني من أزمات مزمنة بالقلب، أكد على أنه يتعاطى أدوية للسيولة بصفة يومية ولا يستطيع الاستغناء عنها، وأن حالته المادية استقرت على ذلك وأي خلل أو زيادة في الأسعار سيرفع الأعباء عليه وعلى أسرته خاصة مع إقبال شهر رمضان الكريم، وأضاف "سيد": لا تقنعونا بأن رفع السعر في صالح المريض، المستفيد الوحيد هو صاحب الصيدلية والشركة المنتجة.
"خالد" شاب مريض بـ"السكري" لم يختلف كثيرا عن جموع الغاضبين قال: لماذا تصر وزارة الصحة على عقاب المريض ، لن ننظر لأي تبريرات بشأن رفع الأسعار، ما نتمناه فقط هو التدخل من جانب مجلس النواب المنتخب لرفض القرار وإنصاف الشعب.
وهو الأمر نفسه الذي تبنته المنظمات الحقوقية المختصة ، حيث طالب مركز "الحق في الدواء" مجلس النواب بالتدخل لتعديل القرار ، بحيث أنه اذا كانت الزيادة واجبة فمن الأفضل أن تكون الزيادة بحسب نوع المنتج ، فبعض الأدوية لا يجب أن تكون الزيادة فيها بنسبة 5 % ، لكن الزيادة العشوائية تضر بحقوق المستهلك.
ومن المعلوم أن القرار أصبح الآن بين يدي البرلمان، في ظل تبرير حكومي من وجهة نظر اقتصادية بحتة، ودفع من جهة الصيادلة المستفيدين من الموافقة على القرار بهامش ربح إضافي، في ظل انتظار رجل الشارع مكتوف الأيدي والمتضرر ماليا.
يذكر أن الشهور الأخيرة في مصر شهدت أزمة متصاعدة في اختفاء بعض الأدوية والعقاقير من الصيدليات حيث ظهر لأول مرة مشاهد الطوابير على بعض الصيدليات الكبرى كصيدلية الإسعاف بوسط القاهرة للحصول على ألبان الأطفال المدعمة عقب ندرتها في الأسواق.