مبادرة السيسي تثير ضجة في إسرائيل
اهتمام إعلامي واسع في إسرائيل بتصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن ضرورة استئناف عملية السلام، وحديث عن صفقات سياسية وإقليمية
كشفت القناة العاشرة بالتليفزيون الإسرائيلي عن مبادرة جديدة لاستئناف عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، تتضمن سفر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس المعارضة الإسرائيلية إسحاق هيرتزوج إلى القاهرة، للاجتماع بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وإصدار بيان بالإعلان عن استئناف عملية السلام بالشرق الأوسط.
وتواصلت ردود الفعل الإسرائيلية على تصريحات الرئيس المصري التي دعا فيها الفلسطينيين والإسرائيليين إلى التوصل لاتفاق سلام تاريخي، فقالت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية إن مصر منزعجة منذ فترة طويلة من إقدام الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في نهاية مسيرته السياسية، على اتخاذ خطوات أحادية الجانب، مثل التوجه إلى مجلس الأمن الدولي للمطالبة بالإعلان عن إنهاء الاحتلال، أو إقامة دعوى قضائية ضد الحكومة الإسرائيلية أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني.
وأوضحت الصحيفة أن خطوات كهذه قد تثير غضب إسرائيل على عباس، بما يشعل أعمال عنف واسعة في الضفة الغربية، قد تمتد إلى قطاع غزة، ومنه إلى سيناء.
وقالت إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بادر إلى إيقاظ إسرائيل من غفلتها، عبر تصريحاته التي أراد منها أن يقول لإسرائيل، إن استئناف عملية السلام، سواء بمبادرة من الداخل أو بضغوط من الخارج، ستكون بمثابة الدواء المسكن الذي يهدئ الجميع.
وأضافت أن السيسي أراد أيضًا في السياق أن يحذر من أن غياب أو فقدان مستقبل متفائل قد يدفع الجماهير إلى البحث عن خلاصها في آفاق أخرى "غير التفاوض السلمي".
ويقول الكاتب الإسرائيلي بن كاسبيت في صحيفة "معاريف"، إن الرئيس المصري بات يحظى بشعبية بين الإسرائيليين على غرار مكانة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون آنذاك.
وتوقع أن يستفيد نتنياهو ورئيس المعارضة الإسرائيلية زعيم المعسكر الصهيوني إسحاق هيرتزوج خطاب السيسي في الانضمام إلى الائتلاف الحكومي، وأن يتولى هيرتزوج وزارة الخارجية الإسرائيلية. وتوقع أن ينجح هيرتزوج في إصلاح صورة إسرائيل المتدهورة عالميًّا، وسيواجه حملات المقاطعة المتزايدة ضد إسرائيل بقدرات أسطورية "يعرفها كل كاتب سياسي في إسرائيل".
وكشف بن كاسبيت عن اقتناع فرنسا بتأجيل مؤتمر السلام الذي كانت تدعو إليه، إلى الصيف، وارتباط ذلك بوجود تحركات "درامية" خلف الستار، تقودها مصر والأردن والدول العربية لبلورة صفقة تتضمن استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل، وصيغة لوقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل وتهدئة ميدانية.
وأشار بن كاسبيت إلى توقعات بأن خطاب السيسي سيتكلل باجتماع نتنياهو وهيرتزوج في القاهرة، مع استدعاء أبو مازن للانضمام، وصدور إعلان باستئناف المفاوضات السياسية التي سيكون هيرتزوج مسؤولًا عن ملفها.
وقال الكاتب الإسرائيلي، إن ما يبعث على الحزن الآن أنه لا يوجد في إسرائيل الآن رئيس حكومة مهتم فعلًا بصنع التاريخ، وليس مهتمًا فقط بإدخال هيرتزوج في الائتلاف الحكومي.
وتوقع أن يؤدي انضمام هيرتزوج إلى خروج حزب "البيت اليهودي" اليميني، بقيادة نفتالي بينيت، من الائتلاف الحكومي، بسبب بنود الاتفاق بين نتنياهو وهيرتزوج، والتي تشمل تجميد البناء الاستيطاني، واستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، وربما الذهاب إلى اجتماع في القاهرة.
وكتبت صحيفة "هآرتس" اليسارية أن نتنياهو كان لا يزال على رفضه لمطالب هيرتزوج بأن يدرج في إطار اتفاق حكومي تعهدًا بالسعي إلى "حل الدولتين"، وكذلك نوعًا من تجميد الاستيطان خارج مجمعات الاستيطان الكبرى القائمة أساسًا.
أما صحيفة "يسرائيل هايوم" المعروفة بتأييدها لنتنياهو وحزبه الليكود، فشنت هجوما على اليسار الإسرائيلي وأحزابه، وقالت إنها تكره نتنياهو أكثر من حبها للسلام. وأضافت: "يبدو أن من الأسهل كثير صنع السلام مع الأعداء، أكثر من صنعه مع خصوم سياسيين".
في المقابل، أصدر عدد كبير من أعضاء حزب الليكود الذي ينتمي إليه نتنياهو بيانا، وزعوه على وسائل الإعلام الإسرائيلية، طالبوا فيه بوقف المفاوضات مع هيرتزوج.
ودعا الموقعون على البيان رئيس الوزراء الإسرائيلي بوقف فوري للمفاوضات الرامية لضم حزب العمل برئاسة إسحاق هيرتزوج إلى الحكومة. وقالوا إنه "وفقًا للتقارير الإعلامية، يطلب هيرتزوج من حكومة الليكود تنازلات أيديولوجية ومساسا بسياسة دعم الاستيطان والمستوطنات، وفي حالة توليه وزارة الخارجية، سيسعى هيرتزوج إلى دفع خطته الآثمة لإخلاء مستوطنات وإقامة دولة فلسطينية، الأمر الذي لا نقبله بتاتًا".
وكان في طليعة الموقعين على البيان زعماء المستوطنات اليهودية بطبيعة الحال، مثل رئيس مجلس مستوطنة شومرون، يوسي داجان، ورئيس مجلس مستوطنة جوش عتصيون، ديفيدي بيرل.
وكتب الكاتب الصحفي الإسرائيلي يونا بن مناحم مقالًا بموقع "نيوز ون" الإسرائيلي، بعنوان "مصالح الرئيس السيسي"، قال فيه إن خطاب السيسي "المفاجئ" لم يكن يستهدف دفع حزب العمل الإسرائيلي إلى الدخول في ائتلاف حكومة نتنياهو فقط، وإنما جاء لتحقيق عدة مصالح لمصر.
وأكد مناحم أن السيسي رغم تصريحاته عن السلام لن يتنازل أبدًا عن إقامة دولة فلسطينية مستقلة تكون عاصمتها القدس. ووصف توقيت الخطاب المصري بأنه مهم؛ لأنه يأتي بعد أكثر من شهر من زيارة قام بها وفد من حركة حماس الفلسطينية لمصر، والتقى خلالها قادة المخابرات المصرية، بهدف التصالح مع مصر، وبعد أيام من لقاء الرئيس المصري مع الفلسطيني محمود عباس في القاهرة، وقبل عدة ساعات من لقاء السيسي مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي يزور القاهرة.
ولم يستبعد الكاتب الإسرائيلي أن يكون السيسي قد رصد الاتصالات السياسية الجارية على الساحة الإسرائيلية لتوسيع الحكومة الائتلافية، فانتهز هذه الفرصة باعتبارها وقتا مناسبا لإطلاق رسالته المتعلقة بالسلام.
ولفت إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها السيسي علنًا، منذ توليه السلطة، عن رغبة مصر في القيام بدور مركزي بكل ما يتعلق بالعملية السياسية بين الفلسطينيين وإسرائيل، بعد أن كانت القاهرة قد ابتعدت عن القضية الفلسطينية بسبب الاضطرابات السياسية التي شهدتها مصر منذ أحداث 25 يناير 2011.
وتساءل يونا بن مناحم عما يختفي خلف خطاب السيسي، ثم أجاب قائلًا، إن السيسي أراد أن يستعيد دور مصر الذي كانت تلعبه في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك في منطقة الشرق الأوسط.
وأوضح أن السيسي يريد استعادة مكانة مصر الإقليمية وتأثيرها في قضايا وملفات ليبيا وسوريا واليمن.
وقال مناحم، إن "السيسي يرى أن مصر ستقود ملف إقامة الدولة الفلسطينية وإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كإحدى بوابات استعادة مصر لعهدها الذهبي في الشرق الأوسط.
ومع ذلك حذر الكاتب الإسرائيلي بلاده من أن السيسي لن يتنازل عن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود ما قبل حرب يونيو 1967، وأن تكون عاصمتها القدس الشرقية، وأن ذلك هو الحل الوحيد للقضية الفلسطينية، وهو ما يتطابق مع موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
aXA6IDMuMTQuMjUxLjEwMyA=
جزيرة ام اند امز