سيهانوك ديبو لـ"العين": التدخلات الدولية عقّدت حل الأزمة السورية
سيهانوك ديبو مستشار الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي قال إن الفيدرالية هي التي تضمن مستقبل الكرد في سوريا
قال سيهانوك ديبو، مستشار الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، إن الأزمة السورية أصبحت عصيّة على الحل بسبب التدخل الإقليمي والدولي والذي جلب بدوره ملفات أخرى تشابكت مع الملف السوري.
وأضاف ديبو في حواره لـ"بوابة العين" الإخبارية، أن مستقبل الكرد في سوريا متمحور في الحفاظ عليها وضمان وحدة أراضيهم من خلال النظام الفيدرالي الديمقراطي كمشروع ونموذج واقعي لأي نظام سياسي ديمقراطي لا مركزي في سوريا.
واعتبر ديبو أن موقف أردوغان من عموم الكرد وبالأخص من الكرد في سوريا هو موقف معاد، كما موقفه العام من الملفات المشتعلة في الشرق الأوسط وفي مقدمتها الملف السوري، وقال "تعتبر حكومته اليوم أشد من أساءت إلى الشعب السوري بجميع مكوناته، وهذا هو الحال بالنسبة للشعوب في تركيا ولعموم المنطقة".
وفيما يلي نص الحوار
- كيف ترى مستقبل الأكراد في سوريا؟
الكرد في سوريا يعيشون على أرضهم التاريخية التي سبقت استحداث خرائط سايكس بيكو بآلاف السنين وهذا ما هو مؤكد عبر مؤرخي المرحلة الإسلامية كابن خلدون وابن خلكان وابن أثير وغيرهم، وقد أبدوا جهداً كبيراً في تأسيس الدولة السورية الحديثة بعد جلاء الفرنسيين عنها بعد أن خاضوا معارك كثيرة للزود عن وجودهم ووجود جميع المكونات والمشاركة معهم في المحطات المفصلية، كما أنهم أكدوا شرعية الحراك الثوري السوري من أجل التغيير الديمقراطي في العام 2011، وهم اليوم ركيزة أساسية في مواجهة الإرهاب متمثلاً في وحدات حماية الشعب والمرأة وقوات سوريا الديمقراطية، ومستقبل الكرد في سوريا متمحور في الحفاظ عليها وتضمن وحدة أراضيها من خلال النظام الفيدرالي الديمقراطي كمشروع ونموذج واقعي لأي نظام سياسي ديمقراطي لا مركزي في سوريا.
- ما تقييمك لمباحثات جنيف الأخيرة بشأن سوريا؟
عدم وجود الأكرد أو الرضوخ للمطلب التركي باستبعاد ممثلي الكرد عن المباحثات أو المشاورات كانت سبباً مهماً لأن تخرج بمشهد السلبي وتعميق الأزمة، عموماً نرى أن الأزمة السورية أصبحت عصيّة على الحل بسبب التدخل الإقليمي والدولي، والذي جلب بدوره ملفات أخرى تشابكت مع الملف السوري فأصبح على هيئة عقدة "غورديون الكأداء"، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى بسبب شح جعاب طرفي الصراع السوري (النظام- المعارضة المنبثقة عن مؤتمر الرياض) الذين حضرا جنيف بمشاريع الحل.
- هل أخطأ مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق في حق الأكراد؟
عموماً؛ نرى بأن مقاربة الحزب الديمقراطي الكردستاني- العراق برئاسة السيد مسعود بارزاني حيال قضايا المنطقة هي مقاربة غير صائبة وتجانب الحقيقة في أمور كثيرة، فإقليم كردستان العراق يعيش حالة فراغ دستوري منذ أغسطس/ آب العام الماضي، وتقاربه العام للأزمة السورية وللقضية الكردية في سوريا وفي تركيا تكاد تكون متطابقة إلى حد كبير مع رؤية حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا؛ ولكن ما نعتقده بأنه الصائب فيما يتعلق بفرز الأولويات في الورقة أو الأجندة الوطنية والكردستانية لم نلمسها عند حزب الديمقراطي الكردستاني- العراق؛ ونتمنى أن يتم مراجعة ذلك والبدء بخطوات عملية تخدم جميع الأطراف الكردستانية وفي مقدمتها العمل معا على عقد مؤتمر وطني كردستاني، والعمل على فك الحصار عن روج آفا- شمال سوريا من خلال فتح معبر سيمالكا بينهما؛ كخطوات أولية.
- ما مقومات إقامة دولة كردية من وجهة نظرك؟
نعتقد بأن ربط الحقوق الكردية المشروعة بمسألة الدولة مقاربة غير صائبة لها العديد من الأسباب؛ خاصة إذا ما أدركنا أن هدف الحقوق هي الحرية، فهل تحققت الحرية المجتمعية بمجرد إنشاء 22 دولة عربية؟ وهل أدى ذلك إلى حل عادل للقضية الفلسطينية؟ بالتأكيد لن يُفهم من حديثنا بأنه لا يحق للكرد -كشعب وجماعة قومية مغايرة- بأن لا يكون لهم كيان على شاكلة غيرهم من الأقوام والثقافات الأحرى المشكلة للشرق الأوسط، إننا نرفض الحدود التي رسمتها اتفاقية سايكس بيكو قبل 100 عام؛ بل إن الوقائع التي نعيشها اليوم هي بمحل الرفض العملي لذلك، ونرى البديل لذلك في الأمة الديمقراطية التي تضم فيدراليات ديمقراطية تحقق بدورها كونفدرالية شعوب الشرق الأوسط وتعبر عن إرادتها المغيبة من قبل الاستبدادين: الخارجي والداخلي. وتجربة الاتحاد الأوروبي وتجارب الفيدرالية المشكلة للدول الأوربية يمكن الاستفادة منها في جوانب كثيرة بما يتماشى مع خصوصيات واقعنا.
- لماذا رفضت الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بالحكم الفيدرالي للأكراد في سوريا؟
لم ترفضه بشكل رسمي، ولم تقبل به أيضاً بشكل رسمي أو كما نعتقد بأنها ستقبل به هي وغيرها بشكل متدرج؛ فافتتاح ممثلية في فرنسا نهاية الشهر الحالي سيحمل الرقم 5 من عدد الممثليات التي تم الإعلان عنها بشكل رسمي، والموقف الرسمي الأمريكي الذي جاء على لسان السيد جون آلن منسق التحالف الدولي ضد داعش بأنه "علينا دعم مناطق المحررة من داعش لتطبيق الإدارة الذاتية، نعتبره ترجمة فعلية لما نريده ويتطابق مع استراتيجيتنا".
- كيف تقيّم موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أكراد سوريا؟
موقف أردوغان من عموم الكرد وبالأخص من الكرد في سوريا هو موقف معادي كما موقفه العام من الملفات المشتعلة في الشرق الأوسط وفي مقدمتها الملف السوري، وتعتبر حكومته اليوم أشد من أساءت إلى الشعب السوري بجميع مكوناته وهذا هو الحال بالنسبة للشعوب في تركيا ولعموم المنطقة.
- من وجهة نظرك، هل تنظيم داعش الإرهابي سيستمر في سوريا أم من الممكن القضاء عليه؟
خطورة داعش والنصرة ومن يرتبط بهما تتعدى الجغرافيا السورية لتهدد العالم برمته، ومن أجل ذلك يتطلب تنسيقاً دولياً وإقليمياً للتصدي له، أما هل من الممكن أن يستمر؟ فهذا متوقف على عدة مسائل متداخلة: تجفيف مصادر دعم داعش الخارجية، ومعالجة الأسباب التي جعلت له حاضنة في المجتمع السوري، دعم القوى الديمقراطية التي تحارب التنظيم طول هذه السنين ودعم مشاريعها النهضوية، والمسألة المهمة في تقديرنا إحداث التغيير الديمقراطي في سوريا وإسقاط مركزية النظام والانتقال إلى النظام اللامركزي بمفاد الإدارات الذاتية الديمقراطية، هذه هي الأمور الأساسية في تقديرنا والتي تجعل من الصعوب أو الاستحالة أن يتم ظهور داعش أو من يشبهه في المستقبل.
- من يمول تنظيم داعش الإرهابي في سوريا؟
يمكن تشبيه داعش بأنها شركة مساهمة محدودة يشترك في إدارتها عدة جهات محلية وإقليمية ودولية، كما نعتقد بأن صاحب الأسهم الأكبر في هذه (الشركة) هو النظام التركي، ويمكن توسيم هذه الظاهرة القلقة الغريبة عن ثقافة المجتمع السوري والتي لا علاقة لها بالدين الإسلامي الحنيف بأنها اليوم موجودة ومستباحة ومستأجَرة؛ موجودة لأنها وجدت لها بعض الحواضن التي تأثرت بدورها بالنفخ والحشد الطائفي الرهيب في الحالة السورية، كما أنها مستباحة من قبل جميع الجهات التي ترى من مصلحتها استمرار الأزمة السورية وأحياناً نرى بأنه يتم استئجار هذا التنظيم، أشبه أن يكونوا قاتلين مأجورين، من أجل هجومها على مناطق معينة دون غيرها؛ وهذا في الحقيقة ما قام به النظام التركي من استخدام للتنظيم بغاية الهجوم على روج آفا- شمال سوريا؛ على سبيل المثال، وأخيراً أعتقد بأن التنظيم تستخدمهم أيضاً في الوقت الذي يستخدمونه.
وأصبح التنظيم أغنى التنظيمات الإرهابية بعد سيطرته على مدينة الموصل كما أنه طيلة فترة وجوده في تل أبيض وفي مدينة تدمر وغيرها من المناطق وجدت في تركيا متعاملاً وممولاً رئيساً ومهماً مقابل توفير ملايين براميل النفط السوري المهرب إليها وآلاف القطع الأثرية المسروقة ومئات المعامل التي تم اقتلاعها من حلب وهي اليوم موجودة في مدن جنوب تركيا وغير ذلك عن طريق الإتاوات المفروضة من قبلها؛ حدث ذلك قبل أن يتم تحرير المدينة على يد قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب ركيزته الأساسية.