حلم وردي جميل اسمه.. صف باليه في غزة
خمسون فتاة في غزة، استطعن أن يقلن لا لرعب الحرب، وبتن جزءاً من مشروع ثقافي فني أقل ما يقال عنه إنه مشروع مقاوم. هن يرقصن الباليه.
الأحلام الوردية الجميلة تتحول إلى حقيقة في أحيان كثيرة.. وحتى في أماكن يعجز سكانها غالباً عن الحلم. خمسون فتاة في غزة، استطعن أن يقلن لا للاستسلام لرعب الحرب، وبتن جزءاً من مشروع ثقافي فني أقل ما يقال عنه إنه مشروع مقاوم.
الفتيات في مدرسة الباليه في مركز القطان للطفل في غزة، مقاومات لـ"اللا" المفروضة على أهل المدينة. بعضهن عاصرن أربعة حروب خلال سنوات حياتهن القصيرة. وها هن هنا صامدات وسط الفوضى والدمار الذي ملأ غزة خلال السنوات الخمس الماضية كلما تجددت المواجهة بين إسرائيل وحركة حماس. فمدرسة الباليه لا تزال ملاذا للهدوء والانضباط بالنسبة لكثير من الأهل الفخورين بنشاط بناتهن الثقافي.
هنا في المركز مساحة للرقص واكتساب مهارة فنية مميزة منذ الصغر على يد مدربة الرقص الأوكرانية، "فمشروع الباليه كان حلما لكثير من العائلات. وتلقينا طلبات كثيرة من الأهل لإطلاق دورات تعليم باليه، لكن عجزنا عن تلبية طلبهم سابقاً لصعوبة العثور على مدرب للباليه في غزة، أو إقناع مدرب من خارجها بالعمل هنا"، تقول هيام الحايك مديرة البرامج والأنشطة الثقافية في مركز القطان لـ"رويترز".
لكن الحلم أخذ يتشكل حين عثروا على تمارا وهي أوكرانية متزوجة من فلسطيني وتعيش في غزة وهي دارسة للرقص ومؤهلة لتدريسه. وطلبت تمارا عدم الكشف عن اسم عائلتها.
بدأ المركز خلال الصيف برنامجا تحضيريا، إذ لم يكن أحد يدري كم من الآباء سيقدم لبناته بالنظر لطبيعة المجتمع المحافظ في غزة، بالإضافة لكون الباليه فنا للتسلية في المقام الأول. لكنهم سرعان ما وجدوا 50 متقدما كلهن فتيات. وهناك الآن قائمة انتظار تضم المئات.
في المركز هنا، ترفع الفتيات أذرعهن على الجانبين وترتكز كل منهن على أصابع قدميها وقد عقصن شعورهن وارتدين ملابس وردية اللون وهن تحاولن الصمود في هذه الوقفة الصعبة. وأمامهن وقفت المعلمة تمارا تراقب بعين ثاقبة أحدث مجموعة من فتيات غزة الراغبات في رقص الباليه.
بالنسبة للآباء فإن فرصة أن يشارك طفل في شيء مختلف عن الحياة المعتادة في غزة يمثل نقلة تعليمية ونفسية على حد سواء. وقالت والدة الطفلة ماريا ابنة السنوات الست إن الباليه ساعد ابنتها على تجاوز سنوات الأزمة.
وقالت الأم واسمها منال أبو معمر وهي تصف كوابيس تعرضت لها ماريا وكيف كانت تخشى الذهاب للنوم "بدأت معاناة ماريا من حرب 2012 وساءت حالتها بعد الحرب الأخيرة."
وأضافت "بعد درس الباليه الأول رجعت البيت فرحانة كأنها طائر.. أعادت أمامنا عمل الحركات اللي تعلمتها وكانت بتلف داخل البيت كما لو أنها فراشة."
وسكان غزة البالغ عددهم 1.8 مليون شخص نصفهم تقريبا تحت 18 عاما ويقدر صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أن 400 ألف من هؤلاء بحاجة لرعاية نفسية.
لكن بالإضافة لكونها محاولة للهرب وفرصة لتجربة شيء لا يعرض إلا في التلفزيون فإن المدربة وصفت بعض المتدربات بأنهن "ممتازات" و"فتيات قويات" ولديهن رغبة في الذهاب بعيدا في هذا الرقص.
وقالت بانا زعرب وهي فتاة عمرها ثماني سنوات "كنت بشوف حركات الباليه على التليفزيون أو اليوتيوب وبقلدهم.."اليوم أنا بتعلم الباليه وبحبه."
aXA6IDMuMTYuNzAuOTkg جزيرة ام اند امز