حرب الغاز.. خطة أوروبية لخفض الاستهلاك بنسبة 15%
تعي الدول الأوروبية بشكل كبير أن الشتاء المقبل سيكون هو الأخطر على القارة العجوز، في ظل تهديدات مستمرة لإمدادات الغاز وتحديدا من روسيا.
ومع اقتراب فصل الشتاء الذي تستهلك فيه أوروبا الكثير من الغاز بدأت دول الاتحاد الأوروبي في التحرك نحو توفير بعض الطرق البديلة في حال قررت موسكو قطع الإمدادات كليا أو جزئيا.
وعلى خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، تدور صراعات اقتصادية بين روسيا من جهة والولايات المتحدة وأوروبا من جهة أخرى، تستخدم روسيا فيها سلاح النفط والغاز، بينما تتسلح أوروبا بالعقوبات الاقتصادية.
اقترحت بروكسل الأربعاء خطة تهدف إلى خفض الطلب الأوروبي على الغاز بنسبة 15% للتغلّب على انخفاض الإمدادات الروسية، وذلك عبر الحدّ من تدفئة بعض المباني وتأجيل إغلاق محطّات الطاقة النووية وتشجيع الشركات على تقليل احتياجاتها، وغيرها من الإجراءات.
وفي سبيل الاستعداد لفصل الشتاء، أعدّت المفوضية الأوروبية مجموعة من الإجراءات التي ستُمكّن دول الاتحاد الأوروبي الـ27 من مواجهة انقطاع محتمل للإمدادات الروسية التي شكّلت حتى العام الماضي 40 في المئة من وارداتها.
سلاح روسي
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين "روسيا تستخدم الغاز كسلاح. في حال الانقطاع التام، يجب أن تكون أوروبا جاهزة".
وتنص الخطة التي لا تزال بحاجة إلى مناقشة الدول الأعضاء، على أنه سيتعيّن على كل دولة "بذل كل ما في وسعها" لتقليل استهلاكها من الغاز، بين أغسطس/اب 2022 ومارس/أذار 2023، بنسبة 15% على الأقل مقارنة بمتوسط السنوات الخمس الماضية في الفترة نفسها. وسيتعيّن على الدول تقديم تفاصيل خريطة طريق بحلول نهاية أيلول/سبتمبر لتحقيق ذلك.
نورد ستريم
أُوقف العمل بخط أنابيب الغاز نورد ستريم الذي يمر عبره ثلث شحنات الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي، في 11 يوليو/تموز، للصيانة الروتينية التي من المقرّر ان تنتهي الخميس. لكن الأوروبيين يخشون ألا تعيد موسكو ضخّ الغاز، لا سيما أنّها خفّضت شحناتها عبر خط الأنابيب المذكور بنسبة 60% في الأسابيع الماضية.
وتسعى بروكسل إلى تفعيل آلية إنذار للدول السبع والعشرين، تجعل من الممكن تحديد "أهداف ملزمة لخفض الطلب"، في حال وجود "خطر كبير متمثّل في نقصٍ خطير أو ارتفاع استثنائي في الطلب".
وكانت المفوضية الأوروبية قد قدّمت في الربيع استراتيجية للتحرّر من المحروقات الروسية، عبر فرض حدّ أدنى لملء مخزون الغاز وتنويع المورّدين وتطوير الطاقات المتجدّدة.
التحرك الآن
أهاب فرانس تيمرمانز نائب رئيسة المفوضية بالدول إلى التحرّك منذ الآن، كي "لا نضطر إلى القيام بذلك في حالة الطوارئ وفي ظروف أكثر كارثية".
يخشى الأوروبيون شتاءً صعباً على الرغم من زيادة الواردات من النروج وأذربيجان والجزائر، ومضاعفة شحنات الغاز الطبيعي الأميركي المسال 3 مرات منذ مارس/أذار.
وقدّرت فون در لايين إمكانية خفض الاستهلاك السنوي للغاز في الاتحاد الأوروبي بنحو 45 مليار متر مكعب، منها حوالى 11 مليار متر مكعب عبر تقليل التدفئة أو تكييف الهواء في المباني. وكانت روسيا قد ورّدت في العام 2020 حوالى 153 مليار متر مكعب إلى الدول السبع والعشرين.
وتطلب بروكسل من الدول اعتماد إجراءات ملزمة لخفض التدفئة وتكييف الهواء في المباني العامة والتجارية، "حيث يكون ذلك ممكناً من الناحية الفنية".
كذلك، تشجّع على استخدام مصادر بديلة للتدفئة في المدن. وتوصي بحملات إعلامية لحضّ الأسر على خفض منظّم الحرارة بدرجة واحدة هذا الشتاء، ممّا سيوفّر "ما يصل إلى 10 مليارات متر مكعّب من الغاز سنوياً".
مع ذلك، يمثل "العملاء المحميون" (الأسر، الخدمات الاجتماعية، المستشفيات، الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي يتم ضمان التوريد إليها) أقل من 37% من إجمالي استهلاك الغاز. لذا، تستهدف المفوضية استهلاك محطّات إنتاج الكهرباء والصناعات.
الفحم
وإذ تدرك بروكسل أنه "يجب إعطاء الأولوية للطاقة المتجدّدة"، فهي تشير في خطّتها إلى أن "الانتقال إلى الفحم أو النفط أو الطاقة النووية قد يكون ضرورياً لفترة مؤقتة". ومن أجل ذلك، تطلب من الدول الراغبة في التخلّي عن الطاقة النووية المدنية تأجيل مشاريعها القاضية بإغلاق المحطات النووية.
وبالنسبة للصناعات، تشير الخطة إلى وجود حلول بديلة، كما تقترح تقديم "تعويضات" للشركات مقابل خفض الاستهلاك.
وبالنسبة للقطاعات التي ليست لديها فسحة كافية للاستغناء عن الغاز، تعتبر المفوضية الأوروبية أن خفض الطلب تدريجياً بدلاً من انتظار انقطاع مفاجئ، سيكون "أقل تكلفة بكثير".
ويتمثّل هدف المفوضية في تجنّب إغلاق المصانع وفقدان الآلات التي قد تتعطّل بسبب التوقّف التام. كما أنها تريد الحفاظ على إنتاج السلع الأساسية (المواد الكيميائية والأدوية وما إلى ذلك).
إلّا أنّ منظمة أصحاب العمل الأوروبية "بيزنيس يوروب" حذرت من أنّ خفض الإنتاج المفروض على الشركات يمكن أن تكون له "آثار اقتصادية كارثية وتأثيرٌ لا رجعة فيه في كثير من الأحيان"، مضيفة أنه يجب أن "يبقى (خفض الإنتاج) الملاذ الأخير".
قد تُصادق الدول السبع والعشرون على خطة المفوضية في اجتماع لوزراء الطاقة في 26 يوليو/تموز في بروكسل.
aXA6IDMuMTI4LjIwMC4xNjUg جزيرة ام اند امز