اليوم الـ166 لحرب غزة.. استئناف مفاوضات الهدنة و«لا تراجع» عن هجوم رفح
بينما يؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن الهجوم البري على مدينة رفح "حتمي" للقضاء على حركة "حماس"، تجري في الآن نفسه مفاوضات في قطر للتوصل إلى هدنة حيث تتزايد التحذيرات من مجاعة بات يصعب تجنبها.
وفي اليوم الـ166 للحرب، يتوقع وصول وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إلى مصر، الأربعاء، قبل أن يتوجه إلى السعودية في إطار الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار في غزة وزيادة المساعدات الإنسانية.
وعشية زيارته، قال بلينكن: "يعاني 100% من سكان غزة من مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تصنيف شعب بأكمله على هذا النحو".
وأحكمت إسرائيل حصارا تفرضه منذ 2007 على قطاع غزة مع سيطرة حركة حماس على السلطة فيه. وتتحكم الدولة العبرية بدخول المساعدات إلى القطاع.
بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على اندلاع الحرب، لا تتوقف هيئات الإغاثة والأمم المتحدة عن تكرار تحذيراتها من خطر المجاعة في قطاع وصفه مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بأنه "مقبرة مفتوحة".
وقالت الأمم المتحدة الثلاثاء إن القيود الصارمة جدا التي تفرضها إسرائيل على دخول المساعدات إلى القطاع واحتمال استخدامها التجويع كسلاح، "يمكن أن تشكل جريمة حرب".
وحضّت الولايات المتحدة الثلاثاء إسرائيل على السماح للمفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) فيليب لازاريني بدخول قطاع غزة، بعدما أعلنت الدولة العبرية أنه مُنع من الدخول بسبب أخطاء في وثائقه.
"لا يوجد ما يكفي من الطعام"
وفيما صار معظم سكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة نازحين يحتمون في خيام بالية لا تقيهم البرد ولا المطر ولا الجوع، حذر تقرير أعدته وكالات متخصصة في الأمم المتحدة من أنه من دون زيادة المساعدات وتنظيم توزيعها، ستضرب المجاعة 300 ألف شخص في شمال غزة خلال أسابيع، لا محالة.
وفي جباليا بشمال القطاع، جلست أم نائل الكحلوت تقرأ القرآن فوق ركام منزلها الذي اختارت أن تقيم خيمة عليه بدلا من النزوح الى مناطق أخرى.
وقالت لوكالة فرانس برس: "نصبنا خيمة وقعدنا فوق الردم. لا أحد يستطيع ترك ذكرياته وبيته.. لا يوجد مأوى. كل البيوت مدمرة.. لا يوجد مساعدات. لم تصلنا أي مساعدات. نأخذ من حشائش الأرض ونحضر الشوربة (الحساء)".
وفي مخيم جباليا، تدافع الفلسطينيون خلف بوابة مغلقة على أمل الحصول على طبق من حساء الجزر. وقال مصعب المصري: "لقد جئنا لنقف في الطابور، لكنهم طردونا. لا يوجد ما يكفي من الطعام".
وقالت هبة الطيبي، مديرة منظمة "كير" غير الحكومية في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، إن "الطاقم الطبي يرى أطفالاً يقل وزنهم يومًا بعد يوم، أطفال بالكاد قادرون على الكلام والمشي بسبب الجوع".
لكن إسرائيل تؤكد أنها تسمح بدخول كميات كبيرة من المساعدات. وقالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في الأراضي الفلسطينية (كوغات) الثلاثاء إنها سمحت بدخول 200 ألف طن من الأغذية منذ اندلاع الحرب.
وفي ظل صعوبة إدخال المساعدات برّا، لجأت دول عدة إلى إلقائها من الجو، وتمّ تدشين ممر بحري من قبرص أبحرت عبره سفينة الأسبوع الماضي.
وقالت منظمة "المطبخ المركزي العالمي" الخيرية إنها تمكنت من توزيع نحو 200 طن من المساعدات التي وصلت عبر البحر، ضمن قافلة لبرنامج الأغذية العالمي في شمال غزة.
وأكدت السلطات القبرصية أن سفينة ثانية ستبحر خلال أيام من لارنكا.
"نتسحر دماء وأشلاء"
ميدانيا، واصل الجيش الإسرائيلي عملية بدأها فجر الإثنين في مجمع الشفاء، حيث قال إنه قتل "أكثر من خمسين" مقاتلا اشتبك معهم، واعتقل نحو 180 "مشتبهًا بهم". لكن وزارة الصحة التابعة لحماس قالت إن بين المعتقلين "كوادر طبية ومصابين ومرضى" في أكبر مستشفيات القطاع.
وليل الثلاثاء، أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان أن "عشرات من الإرهابيين البارزين" في حركتي حماس والجهاد الإسلامي تم اعتقالهم في العملية.
وتعرضت أحياء محيطة بالمجمع مثل الرمال والنصر لوابل من القصف من الطائرات الحربية والدبابات والمسيرات، حولت عشرات المنازل إلى ركام وأرغمت المئات من ساكنيها ممن لم ينزحوا على الفرار، وفق ما أفاد شهود عيان ومراسل لوكالة "فرانس برس".
وأحصى الدفاع المدني في غزة تدمير "أكثر من 45 شقة سكنية". وقال إن "عشرات الشهداء والمصابين ما زالوا في المنازل أو الطرقات، حيث يطلق الاحتلال النار على من يحاول إنقاذ الجرحى". وأكد أن "اشتباكات عنيفة تركزت في حي الرمال ومخيم الشاطئ بغزة".
وعبرت منظمة الصحة العالمية عن "قلق بالغ" من استهداف المشافي التي تعمل بالحد الأدنى من طاقمها وتعاني نقصا كبيرا في المستلزمات الأساسية".
وسبق للجيش أن نفّذ عمليات في عدد من مستشفيات القطاع، وهو يتهم حماس بالاحتماء فيها. وتنفي الحركة ذلك.
وأشار مكتب الإعلام الحكومي التابع لحماس إلى وقوع "عشرات الغارات الجوية الدموية في مناطق قطاع غزة"، بينما دارت اشتباكات في الشمال والوسط ولا سيما في خان يونس في الجنوب، وفق شهود عيان.
وأعلن الجيش عن مقتل ضابط في جباليا في شمال القطاع ليرتفع عدد قتلاه إلى 251 منذ 27 أكتوبر/تشرين الأول.
بدورها، أفادت وزارة الصحة التابعة لحماس صباح الثلاثاء عن مقتل 93 شخصا على الأقل في الساعات الـ24 السابقة. وتضم هذه الحصيلة "15 شهيدًا بينهم ثلاث سيدات وأربعة أطفال، جراء غارات جوية إسرائيلية استهدفت منازل وشقق سكنية في مخيم ومدينة رفح".
واندلعت الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول عقب هجوم غير مسبوق شنّته حماس على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل ما لا يقلّ عن 1160 شخصا، معظمهم مدنيّون، حسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس تستند إلى أرقام رسميّة إسرائيليّة.
وردّت إسرائيل بحملة قصف مركّز أتبعتها بهجوم برّي واسع، ما أسفر عن مقتل 31819 شخصًا وإصابة 73676 بجروح، غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.
وتقدّر إسرائيل أنّ نحو 130 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة، من بينهم 33 يعتقد أنهم لقوا حتفهم، من بين نحو 250 شخصا اختطفوا في هجوم حماس.
والثلاثاء، قُتل فلسطيني برصاص مستوطنين هاجموا منزله في شمال الضفة الغربية المحتلة وفق ما أفاد مسؤول محلي، بينما ألمح الجيش الإسرائيلي الى أن أحد جنوده قد يكون أطلق النار عليه.
ووفق أرقام السلطة الفلسطينية، قُتل أكثر من 430 فلسطينيا بنيران جنود أو مستوطنين إسرائيليين منذ بدء حرب غزة. ووفق السلطات الإسرائيلية، قُتل 17 على الأقل من الإسرائيليين، بينهم جنود، في هجمات نفذها فلسطينيون.
"تفاؤل حذر"
وسمحت هدنة استمرت أسبوعاً في نوفمبر/تشرين الثاني بإطلاق سراح 105 رهائن في مقابل 240 معتقلاً فلسطينياً لدى إسرائيل.
وتتواصل في الدوحة محادثات للتوصل إلى هدنة جديدة عبر الولايات المتحدة وقطر ومصر. وغادر رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي ديفيد برنياع قطر لكن المفاوضات مستمرة، وفق المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري الذي عبر عن "تفاؤل حذر".
وذكر موقع "أكسيوس" الأمريكي أن المباحثات كانت "إيجابية" وأن المفاوضين الإسرائيليين سيواصلون البحث في "التفاصيل" مع الوسطاء.
وقدمت حماس مقترحا ينص على هدنة من ستة أسابيع وتبادل رهائن ومعتقلين في السجون الإسرائيلية في مرحلة أولى.
وفي اتصال هاتفي مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، أكد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو تصميمه على "تحقيق جميع أهداف الحرب" بما في ذلك "القضاء على حماس".
رد إسرائيل
وكشفت الهيئة العامة للبث الإسرائيلي، النقاب، عن أن بعض التقدم تم إحرازه في المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل و"حماس"، الجارية بوساطة مصرية وقطرية.
وقالت "قدمت إسرائيل، رسمياً عرضاً مضاداً لإجابة حماس، وهذه الخطوة التي تشير إلى بعض التقدم، قام بها أمس في قطر الفريق المهني الإسرائيلي المفاوض بقيادة رئيس جهاز الموساد ديفيد بارنياع".
وأضافت "يتضمن الاقتراح الإسرائيلي المضاد إشارات إلى عدة معايير، بما في ذلك عودة السكان إلى شمال قطاع غزة ومسألة إطلاق سراح السجناء الأمنيين الفلسطينيين".
وذكرت أن المفاوضين في الدوحة يحاولون أولاً التوصل إلى تفاهم بشأن إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين، مقابل 40 رهينة إسرائيليين.
الهيئة قالت أيضا، "يدور الحديث كذلك حول قرار يتعلق بعدد السجناء الأمنيين الذين سيتم إطلاق سراحهم، وكذلك ما يتعلق بمسألة هل للأطراف حق الاعتراض على هوية هؤلاء السجناء الفلسطينيين".
موضحة "وبعد ذلك فقط، سيناقش الطرفان القضايا المتعلقة بعودة السكان من جنوب إلى شمال قطاع غزة".
واستدركت "بحسب مسؤولين سياسيين إسرائيليين، فإن هذه مسألة أكثر تعقيدا، لأن من شأنها أن تحجب الإنجازات التي حققتها الحرب. وفي إسرائيل يتم الآن بحث الموضوع".
ونقلت عن مصدر إسرائيلي مطلع على المفاوضات، أن "المحادثات تتقدم لكن من المتوقع أن تستمر عدة أسابيع، وربما تكون هناك جولات إضافية من المفاوضات".
غير أن أجواء التفاؤل لم تنعكس في تقرير القناة الإخبارية الـ12 الإسرائيلية.
ونقلت عن مصدر إسرائيلي رفيع، قوله "في غضون أيام قليلة سنعرف، بعد رد حماس على رد إسرائيل، ما إذا كانت الحركة مهتمة بصفقة أم أنها تتلكأ".
aXA6IDE4LjE5MS4yMTUuMzAg جزيرة ام اند امز