بالفيديو.. شاهد معاناة الفارين من "داعش" في الفلوجة
شهادات مفزعة رواها النازحون من سكان الفلوجة إلى خارج المدينة التي يسيطر عليها "داعش"، وتحاصرها القوات العراقية في محاولة لاقتحامها
في خيمة وسط صحراء قاحلة وجو قائظ تعلو ابتسامة وجوه السيدة ناصرة وابنتها وأحفادها، وتقول المرأة المسنة بوجهها الموشوم، إنهم فقدوا مذاق الأرز إلى أن التفوا حول طبق في المخيم أعاد إلى أذهانهم عيشتهم المفقودة.
تعكس شهادة العائلة حجم المأساة التي يعانيها السكان النازحين عن الفلوجة، إذ خاطرت السيدة ناصرة بحياتها وحياة أطفالها لبلوغ المخيم الواقع في عامرية الفلوجة، وسارت مع عائلتها طوال الليل تقريبًا حتى لا يرصدهم حراس "داعش" الذين يمنعون السكان من المغادرة.
يدير المجلس النروجي للاجئين المخيم على غرار عديد المخيمات، ويوفر المأوى والمساعدات لنحو 3 آلاف شخص هربوا خلال الأسبوع الماضي، من المدينة التي تحاصرها وتقصفها القوات العراقية تمهيدًا لاقتحامها.
وتكشف شهادات العائلات الظروف الصعبة التي يعاني منها نحو 50 ألف شخص لا يزالون عالقين في المدينة شبه المعزولة عن سائر العراق منذ أشهر.
في خيمة ناصرة، يختصر ماهر صبيح وهو رجل طويل القامة في متوسط العمر، الوضع قائلا: "كان وزني 103 كيلوغرامات، أما اليوم فأنا أزن 71 كلغ"، ويقول جميع النازحين حديثًا عن مدينة الفلوجة، إنهم عانوا من انقطاع الخبز والأرز.
وتروي مديحة خضير وهي تجلس في خيمتها الفارغة مع ابنتيها، كيف عانت عائلتها في الفلوجة وكيف أنها اضطرت إلى طحن نوى التمر لصنع الطحين، وتتابع مديحة التي كانت تسكن في قرية خاضعة لسيطرة تنظيم "داعش" بالقرب من الفلوجة، كيف أن طعم ذلك الطحين كان حامضًا ولا أحد يريد أكله، ثم اغرورقت عيناها بالدموع وهي تستذكر رحلة الفرار من المدينة.
المخاطرة بكل شيء
أما رسمية عباس وهي مسنة تلتف بعباءة سوداء وتحمل حفيدها البالغ من العمر 5 أيام بين ذراعيها، فتروي كيف كان مقاتلو "داعش" يوزعون حصصا قليلة على الأهالي ويحتفظون بالطعام الجيد لأنفسهم.
تذكر المرأة غلاء المواد الغذائية إذ بلغ سعر كيس السكر نحو 40 دولارًا، أما الأرز فكان التنظيم يوزع ربع كيلو أحيانًا وهو بالكاد يكفي لأعداد وجبة للأطفال.
تقول وكالة الأنباء الفرنسية، إن كل العائلات البالغ عددها 252 أسرة، وصلت إلى مخيم الفلوجة الجديد الذي دشن السبت الماضي، وفي الخيام نام بعض الأطفال في الظل ليستريحوا من عناء الرحلة وللوقاية من قيظ الظهيرة.
وفي مكان قريب، يجهد عمال لبناء مراحيض لتلبية احتياجات العدد المتزايد لسكان المخيم، وسجل الأحد الماضي أكبر عدد من النازحين من مدينة الفلوجة لكن ومع تزايد حدة المعارك واقتحام المدينة صباح الإثنين فان من المتوقع قدوم أعداد أكبر.
وقالت بيكي بكر عبدالله منسقة الإعلام في المجلس النروجي للاجئين، إنهم يعدون مساعدات أكبر بشكل مسبق لتقدم إلى الأسر التي يأملون أن تتمكن من الفرار، رغم أن الوصول إلى المخيم محفوف بالمخاطر المحدقة.
ولفت أحمد صبيح البالغ من العمر نحو 40 عامًا، إلى أنه وصل إلى المخيم قبل مطلع الفجر، ونصح الراغبين في الخروج من المدنية بضرورة اختيار طريق سالكة؛ لأن الذين لم يعرفوا طريقهم جيدا تعرضوا للقتل، ويستدرك الرجل، كيف أنه قرر المخاطرة بكل شيء؛ لأنه كان أمام خيار وحيد وهو إنقاذ عائلته أو الموت معهم.