"طوز خورماتو" .. مدينة تمزقت بين الأكراد والتركمان
الأكراد يسيطرون على أحد شطري المدينة، أما الشطر الآخر فيخضع لسيطرة التركمان.
في بعض المواقع يأخذ الخط، الذي يقسم هذه المدينة في شمالي العراق إلى شطرين، شكل الجدران الواقية من الشظايا والمتاريس التي تصنع نهايات مفاجئة للشوارع المتربة.
وفي مواقع أخرى لا يرى هذا الخط سوى أهل طوز خورماتو، الذين يدركون بالفطرة، أين ينتهي عالمهم في هذه المدينة وأين تبدأ الأرض المعادية.
يسيطر الأكراد على أحد الشطرين أما الشطر الآخر فيخضع لسيطرة التركمان، ويخوض الطرفان حربا من أجل فرض النفوذ في المدينة التي يتجاوز عدد سكانها 100 ألف نسمة من المحتمل أن تنزلق للمشاركة فيها جماعات مسلحة قوية لتتحول إلى مواجهة أوسع نطاقا في الفراغ الذي خلفته الدولة العراقية.
وتتيح طوز خورماتو فرصة لتذوق ما يعنيه التقسيم على أرض الواقع بعد عامين من اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية شمال العراق وغربه لتحيي توترات طائفية وعرقية وتفتح بابا لصراعات جديدة معقدة على السلطة من شأنها أن تزيد من تفتت البلاد.
ويواجه رئيس البلدية الكردي صعوبات شديدة في فرض سلطته على الجانب التركماني من الخط الفاصل كما أن الشرطة أضعف من الجماعات المسلحة التي تجوب الشوارع.
وقال كريم شكور المسؤول الكردي في الإدارة المحلية في مكتبه داخل مجمع محصن في طوز خورماتو الواقعة على مسافة 175 كيلومترا تقريبا شمالي بغداد "المؤسف أنها أصبحت مدينتين."
وأصبحت بيوت كثيرة في كل الشوارع تقريبا على الجانبين معروضة للبيع لأن الأسر تفر من المدينة خوفا من تزايد العنف.
ويقف شبان يحملون بنادق والقلق باد على وجوههم خارج قواعد الفصائل المسلحة، بينما كتبت على الجدران عبارات تشير إلى أن الدماء ستسيل.
وقال شيخ من التركمان "لم تحدث هذه العداوة من قبل"، وأضاف أنه كان يعيش في أحياء مختلطة إلى أن حرق أكراد منزله عندما بدأت أعمال العنف بين الجانبين في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
أما الآن فهو يعيش في منطقة بها أغلبية تركمانية انتقل منها الأكراد إلى حي آخر.
وأصبح السوق الرئيسي، الذي اعتاد الطرفان إتمام تعاملاتهما من خلاله، تحت سيطرة التركمان وبات الأكراد يخشون الذهاب إليه ففتحوا مجموعة جديدة من المتاجر في الشطر الخاص بهم من المدينة.
وقال محمد عباس، رئيس بلدية المدينة، إنه قسم عماله إلى جماعتين حتى يمكنهم تنظيف الشوارع في أمان.
وقال "نحن نوزعهم حسب الطائفة والعرق حتى يمكنهم الوصول إلى جميع المناطق، فنرسل الأكراد إلى المناطق الكردية والتركمان إلى المناطق التركمانية."
وهجر المدرسون والتلاميد التركمان المدارس الواقعة في الشطر الكردي وانسحب الأكراد من مدارس الشطر التركماني.
وأصبح المستشفى الرئيسي محظورا على الأكراد ولا تجروء سوى قلة قليلة على دخول المحكمة أو مكتب التوثيق لأنهما يقعان قرب قاعدة للفصائل التركمانية.
وتدهورت الصداقات بين التركمان والأكراد ومن يتجاوز الخط الفاصل بين الشطرين يجازف بالتعرض للإهانة أو الاعتداء الجسدي أو الخطف أو حتى القتل.
وفي الشهر الماضي تلقى سبعة من العاملين الأكراد في مركز طبي بضاحية يهيمن عليها التركمان رسالة نصية عبر الهاتف تطالبهم بإنزال علمهم والرحيل.
وقالت الرسالة، التي اطلعت عليها رويترز وكانت موقعة باسم التركمان، "سنحاربكم أينما كنتم ونسحق رؤوسكم تحت أقدامنا ونجعلكم عبيدا لنا."
aXA6IDMuMTUuMTIuOTUg جزيرة ام اند امز