مرشح رئاسي سابق في الغابون يكشف لـ"العين الإخبارية" خفايا الانقلاب ودور زوجة الرئيس
هل تم التخطيط لانقلاب الغابون منذ فترة طويلة؟، وهل كانت سيلفيا زوجة الرئيس المعزول، القطرة التي أفاضت الكأس وعجّلت بغروب عرش آل بونغو؟
أسئلة عديدة لا تزال تطوق انقلاب جيش الغابون على الرئيس علي بونغو، في الثلاثين من الشهر الماضي، الحدث المفاجئ والمنتظر في آن، يجيب عنها السياسي الغابوني والمرشح الرئاسي السابق أندريه بواسا.
وفي مقابلة مع "العين الإخبارية"، تحدث السياسي المعارض أندريه بواسا عن دور سيلفيا زوجة علي بونغو في إسقاطه و"هي التي كانت تتحكم في جميع مفاصل الدولة لدرجة أنها كانت تدير البلاد كمطبخ عائلي، وتجهز ابنها نور الدين لوراثة الحكم".
تطرق بواسا أيضا إلى حروب القصر المشتعلة بين سيلفيا ومعسكرات أخرى تريد نيل نصيبها من كعكة السلطة، معتبرا أن الانقلاب تم التخطيط له منذ مدة وأن الانتخابات الأخيرة وما شابها من "تزوير" عجلت أيضا بحلول ساعة الصفر.
السياسي الغابوني تناول أيضا النفوذ الفرنسي في الغابون، مشيرا إلى أن باريس لن تكون حاضرة مستقبلا في أفريقيا كما كانت من قبل، مستبعدا في الآن نفسه أن تبسط روسيا نفوذها في الغابون، فيما أعرب عن تطلع للمزيد من الشركاء من الدول العربية.
كما حذر من أن يخلق الانقلاب مناخا ملائما للإرهاب، وإن يعتقد أن الغابون حالة مختلفة عن مالي وبوركينا فاسو والنيجر، البلدان التي تطوقها التنظيمات المتطرفة في ساحل القارة.
وفيما يلي نص المقابلة:
س : لمحة عنكم للجمهور العربي؟
أنا أفريقي أحمل الجنسية الغابونية وأعيش في الولايات المتحدة الأمريكية منذ 24 عامًا. ورجل أعمال في قطاعات الطيران والتكنولوجيا المالية والتمويل.
أترأس حركة سياسية تحمل اسم "الغابون الجديد والمبتكر"، وعلى مدار 3 انتخابات متتالية، كنت مرشح حزب (زعيم المعارضة) الراحل بيير مامبوندو "اتحاد الشعب الغابوني" في أمريكا الشمالية، وائتلاف المعارضة مع جان بينغ، واليوم مع البروفيسور ألبرت أوندو أوسا مرشح ائتلاف المعارضة "البديل 2023".
س: لماذا عارضتم ترشح علي بونغو للانتخابات الرئاسية الأخيرة؟
لطالما عارضت ترشيح الحزب الديمقراطي الغابوني (الحاكم سابقا) لعلي بونغو، فلقد كان والده عمر بونغو مرشحه الطبيعي قبل أن يصبح هو أيضًا الوريث الطبيعي له.
منذ عام 1967، أي أنه مضى 56 عامًا وعائلة بونغو تدير هذا البلد الجميل الذي يحتوي على الموارد الطبيعية الهائلة. الغابون ليست مملكة بل جمهورية. وكثيرا ما كانت الانتخابات مزورة وكانت نتائج إدارتهم للبلاد كارثية.
لقد أعطوا الأولوية لفرنسا وعائلاتهم وأصدقائهم على حساب الشعب الغابوني، وعلى بونغو ترأس البلاد لولايتين وفي الفترة الثانية، قام بتعديل الدستور لإلغاء قفل تحديد الولايات الرئاسية باثنتين.
وعلاوة على ذلك، فإن صحة على بونغو لم تعد تسمح له بالترشح مرة أخرى، ما يعني أن كل المعطيات كانت ضده وكل العلامات الحمراء كانت موجودة.
س: هل تعتقدون أنه تم التخطيط للانقلاب منذ فترة طويلة أم أن إعلان نتائج انتخابات 26 أغسطس، وفوز علي بونغو، هو ما دفع الجيش للتحرك؟
أعتقد أنه تم التخطيط للانقلاب منذ فترة طويلة، فالفوضى التي وضع علي بونغو وزوجته وسيلفيا -وشركاؤهما- البلاد فيها، وظروف الانتخابات، والفوضى والمناخ أثناء التصويت وبعده، كل ذلك ساهم في وقوع هذا الانقلاب، لقد كان متوقعًا، لكننا لم نكن فقط نعرف كيف سيحدث.
س: هل تعني أن سيلفيا زوجة علي بونغو هي الحاكمة الفعلية للغابون؟
من المؤكد أنك سمعت عن ماكسون أكرومباسي وبريس لاكريش ألينغا، الثنائي القوي في القصر، وسيلفيا كانت بالتأكيد من أكبر أسباب السقوط، فلقد قسمت معسكر بونغو، وشجعت ما يسميه الغابونيون اليوم بالفيلق الأجنبي (مجموعة من غير الغابونيين في الرئاسة) كانوا يتخذون القرارات.
لقد أدارت الرئاسة مثل مطبخ العائلة وسمحت لابنها نور الدين بونغو فالنتين وأصدقائه بإدارة الغابون مثل محل بقالة في الحي، وإذا لم تهب اليوم عشيرة بونغو لمساعدتهم فذلك بسبب إدارتهم الكارثية، لقد نسيت سيلفيا أنها تزوجت من أفريقي.
س: جيش الغابون أعلن الجنرال بريس أوليغي نغيما "رئيسًا انتقاليًا" لكن دون تحديد فترة رئاسته أو المؤسسات التي سيرأسها. هل بإمكان المعارضة أن تثق بالعسكريين وسط هذه الضبابية؟
في ضوء آخر أنشطة اللجنة الانتقالية التي يرأسها أوليغي نغيما، يبدو واضحا وجود نضج، والمحادثات مع رجال الدين والمجتمع المدني وجزء صغير من المعارضة بدأت بالتوصل إلى حل وسط، ونحن في انتظار موقف ألبرت أوندو أوسا (زعيم المعارضة ومرشحها الرئيسي أمام علي بونغو).
سيتم تحديد الفترة الانتقالية وكذلك الحكومة الانتقالية بالإجماع وأعتقد أن الجنرال أوليغي بدأ يحقق نجاحا في استقطاب المعارضة والأطراف الفاعلة المهمة في الأزمة.
س: انقلاب الغابون يعتبر الثامن في غرب أفريقيا خلال ثلاث سنوات فقط. هل تعتقدون أن هذه الانقلابات ستساهم في تغيير موازين القوى بالمنطقة، خصوصا في ما يتعلق بالنفوذ الفرنسي والروسي؟
الغابون جزء من أفريقيا الوسطى، وبالنسبة لي، فإن الروس ليسوا وراء الانقلابات، إلا أنهم يستغلون الفراغ الذي تركه الغرب وأيضا الحاجة إلى الدعم المالي والمادي الذي يشعر به رعاة هذه الانقلابات خلال هذه الفترة.
ومن ناحية أخرى فإن طبيعة العلاقات مع فرنسا هي المسؤولة عن هذه الانقلابات، لأن هذه العلاقات باتت مرفوضة بشكل متزايد من قبل الأجيال الجديدة وقادتهم الجدد، ولذلك على فرنسا أن تتوقف عن وضع بيادقها على رؤوس الدول الأفريقية وعن جعل أفريقيا محفظتها أو ينبوعها.
والأهم ينبغي أن تتوقف الروح الاستعمارية ويجب أن تكون المعاملات بين البلدان الأفريقية وفرنسا متوازنة، في سياق الاحترام المتبادل وعلى أساس المنفعة المتبادلة. الأفارقة بشر مثلهم مثل المواطنين الفرنسيين.
س: بعد سلسلة الانقلابات الأخيرة، كيف ترون مستقبل فرنسا في أفريقيا بشكل عام وفي وسط وغرب القارة بشكل خاص؟
على فرنسا مراجعة سياستها لأن الأفارقة، وخاصة الأجيال الجديدة، لم يعودوا يتسامحون مع طبيعة علاقات باريس مع أفريقيا. لن تكون فرنسا حاضرة مرة أخرى في أفريقيا كما كانت من قبل. أفريقيا في السنوات القادمة ستكون أكثر استقلالا. فرنسا علقت اتفاقياتها العسكرية مع الغابون والشعب سعيد للغاية بذلك ويود حتى أن يغادر الجنود الفرنسيون الموجودون في البلاد.
س: هل يمكن أن تبسط روسيا نفوذها في الغابون، وإذا كان الأمر كذلك، فهل سيكون وجودها موضع ترحيب؟
لا شيء يشير إلى ذلك، لكن الغابون منفتحة على الشركاء الذين سيلعبون بنزاهة في سياق مربح للجانبين، ونود أن نرى المزيد من الشركاء من الدول العربية لإقامة شراكات في المجالات المربحة.
س: هل تعتقدون أن الفوضى الناتجة عن الانقلابات يمكن أن تخلق مناخا ملائما للإرهاب؟
في بعض الحالات نعم. كل شيء يعتمد على التحديات المطروحة وطبيعة الانقلابات ومنفذيها إضافة إلى السكان، وكذلك الشركاء الخارجيين. وحالة الغابون تختلف عن مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
س: الغابون دولة تزخر بثروات طبيعية هائلة. هل تعتقدون أنه من المحتمل أن تتحول إلى ساحة للصراع الدولي؟
لا أظن ذلك. لدى الغابون جيران طيبون لن يتورطوا في الصراع معنا، والمشكلة الحالية هي مشكلة عائلة واحدة (بونغو) ضد شعب بأكمله. ولن يسمح أهل الغابون لأنفسهم بالوقوع في فخ الانقسام بفعل قوى خارجية، بما في ذلك فرنسا. نحن نتعلم مما يحدث في أماكن أخرى. نأمل أيضا أن يتفهم الجنرال أوليغي هذا جيدا.
س: الخاسرون والرابحون من انقلاب الغابون؟
الخاسرون 100 % هم علي بونغو وحزبه وأصدقاؤه، وفرنسا وإن لم يعرف حتى الآن دورها في الانقلاب.
أما بالنسبة للفائزين، فدعونا ننتظر سنة، لكن ما يمكن أن أؤكده هو أن الناس يشعرون بتحسن اليوم مقارنة بالأمس، وعلينا الاعتراف بأن الانقلاب أنقذنا من حمام دم كما حدث في انتخابات سابقة، خصوصا أن الشعب كان مستعدا لمواجهة النظام البائد حال سرقة انتصاره مرة أخرى وهذا ما حصل.
س: ترشحتم للانتخابات الرئاسية الأخيرة. كيف تجاوزتم عقبة قانون وضعه علي يونغو ويحدد مدة إقامة معينة لاستيفاء معايير الترشح؟
عندما قررت الترشح، لم يكن هذا القانون موجودا، وهو يستهدف المرشحين من المغتربين، ومن بينهم أخوه غير الشقيق دينيس عمر بونغو، حفيد الرئيس الكونغولي دينيس ساسو نغيسو.
س: هل تخليتم عن السباق؟
لم أتخل عن السباق وأخطط لخوض الانتخابات المقبلة بعد الفترة الانتقالية، أنا فقط اتخذت خطوة إلى الوراء قبل الانتخابات لأراقبها، وأعمل مع الشتات وبعض أعضاء المعارضة، كما أنوي التعاون مع أعضاء "لجنة المرحلة الانتقالية وإعادة المؤسسات" (شكلها الجيش عقب الانقلاب) والتي يرأسها الجنرال بريس كلوتير أولينغي (الرئيس الانتقالي).
س: إعلام غابوني اعتبر أن ترشحك للرئاسية الأخيرة شكل دليلا على الانقسام العميق الذي تعيشه المعارضة في الغابون. ما تعليقكم؟
لا أظن ذلك. لقد اعتدنا أن نبدو منقسمين قبل يوم الانتخابات، ولكن في النهاية تمكنت المعارضة الكبرى من الحصول على مرشح واحد.
خلال الانتخابات الأخيرة، اعتقد علي بونغو وحزبه أن إعادة انتخابه ستكون آلية بسبب الترشيحات المتعددة للمعارضة، غير أن اختيار ألبرت أوندو أوسا في اللحظة الأخيرة ليكون ممثل الشخصيات الرئيسية في المعارضة كان بمثابة طعنة في القلب.
وهذا الاختيار قاد إلى تعبئة الشعب الغابوني وتحفيزه للتصويت للمعارضة، مع أن الكثير من الناخبين لم يسجلوا في القوائم الانتخابية بسبب الإحباط الناجم عن الانتخابات السابقة والمخاوف من تزوير الانتخابات مرة أخرى.
س: لو فزتم ماذا سيكون برنامجك أو أولوياتك؟
كنت سأناضل من أجل إدارة شبه فيدرالية تشمل لامركزية في القرار. الغابون تضم 9 مقاطعات بالإضافة إلى الشتات الذي يمثل بالنسبة لي المقاطعة العاشرة.
بالنسبة لي، ينبغي توزيع الميزانية حسب حجم وتكاليف كل منطقة، ويجب تجنب تركز السكان في العاصمة. كنت سأشكل حكومة مركزية. الأولويات بالنسبة لي ستركز على البنية التحتية، بما في ذلك الطرق والمستشفيات والمدارس والمباني الحكومية والمياه والكهرباء والتعليم والإسكان والتدريب المهني وريادة الأعمال والرياضة والاجتماعية.
ولتحقيق ذلك، كنت سأود أن أبدأ بتطهير المالية العامة، ومراجعة الاتفاقيات مع فرنسا وبعض الشركاء الآخرين، وإصلاح الخدمة المدنية، وتعزيز علاقاتنا مع الشركاء الاقتصاديين الحاليين، فضلاً عن البحث عن شركاء جدد.
aXA6IDMuMTQ1LjguMiA=
جزيرة ام اند امز