اليوم الـ37 لحرب غزة.. نيران لا تتوقف ونزوح كثيف ووضع صحي كارثي
وضع يزداد مأساويّة على كل الأصعدة خاصة الصحي، مع دخول الحرب في غزة يومها الـ37، وسط أزيز رصاص وانفجارات واشتباكات لا تتوقف، حولت القطاع إلى جحيم، دفع السكان إلى الفرار جنوبا بشكل كثيف.
مأساة مستمرة، رغم دعوة الدول العربية والإسلامية، التي اجتمعت في السعودية، في قمة غير عادية، السبت، إلى الوقف الفوري للعمليات العسكرية في غزة، رافضة تبرير إسرائيل بأنها تفعل ذلك دفاعا عن النفس.
كما تأتي وسط أنباء عن إحراز بعض التقدم نحو التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس في غزة.
نيران لا تتوقف
ومع الساعات الأولى من صباح الأحد، شن الجيش الإسرائيلي غارات على أنحاء متفرقة من قطاع غزة، بينها غارة استهدفت مدرسة للأونروا تأوي نازحين شمالي غزة، بحسب وسائل إعلام فلسطينية.
وخلال الساعات الماضية لم تتوقف الاشتباكات العنيفة التي يخوضها الجيش الإسرائيلي مع حركة حماس في قلب غزة.
وقالت "سرايا القدس" الذراع العسكريّة لحركة الجهاد، إنّ "مقاتلينا يخوضون اشتباكات ضارية في محيط مجمع الشفاء الطبّي وحيّ النصر ومخيّم الشاطئ، ويوقعون إصابات مباشرة في صفوف قوّات العدو".
وأضافت: "استهدفنا الحشّود العسكرية المتوغّلة جنوب حيّ الزيتون بوابل من قذائف الهاون والصواريخ".
وفي سياق متصل، قالت حركة حماس، إنها دمرت كليا أو جزئيا أكثر من 160 هدفا عسكريا إسرائيليا في غزة، بما في ذلك أكثر من 25 مركبة خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، رغم تأكيد متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن حماس فقدت السيطرة على شمال غزة.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مؤتمر صحفي في وقت متأخر، السبت، مقتل 5 جنود إسرائيليين آخرين في غزة، موضحا أن 46 شخصا قتلوا منذ بدء عملياته البرية هناك.
الوضع الصحي
"النيران لا تتوقّف أبدا، الضربات الجوية متواصلة وكذلك قصف المدفعيّة".. هذا هو الحال في محيط مستشفى الشفاء، أكبر مستشفى في غزة، بعدما بات 20 من إجمالي 36 مستشفى في القطاع "خارج الخدمة" حسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة (أوتشا).
وقال أشرف القدرة، المتحدث باسم وزارة الصحة في قطاع غزة، إن "المستشفى أوقف عملياته بعد نفاد الوقود". مضيفا أن "رضيعين توفيا في الحاضنة نتيجة لذلك وهناك 45 رضيعا في المجمل".
وأضاف أن "القصف الإسرائيلي أدى إلى مقتل مريض في العناية المركزة، وإن القناصة الإسرائيليين على أسطح المنازل يطلقون النار على المجمع الطبي من وقت لآخر، مما يحد من قدرة الناس على الحركة.. نحن محاصرون داخل مجمع الشفاء الطبي والجيش الإسرائيلي يستهدف معظم المباني بداخله".
ويُثير الوضع في مستشفيات شمال القطاع الفلسطيني المحاصر، ولا سيّما مستشفى الشفاء في مدينة غزة، قلق منظّمات دوليّة عدّة، حيث أعرب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس عن قلقه من "فقدان الاتصال" مع محاوريه في مستشفى الشفاء.
وتحدّثت منظّمة أطبّاء بلا حدود عن "قصف متواصل" على المستشفيات في غزّة في الساعات الـ24 الماضية، ولا سيّما مستشفى الشفاء "الذي أصيب مرّات عدّة، بما يشمل قسم الحضانة".
وقال مدير قسم الجراحة في مستشفى الشفاء مروان أبو سعدة "اليوم قصفوا غرفة العناية المركّزة. يطلقون النار ويقصفون كل مكان حول المستشفى، لا يمكنكم الدخول أو الخروج من المستشفى. الوضع في المستشفى خطير جدا جدا".
وأضاف "الأشخاص الذين حاولوا ترك المستشفى أطلِق عليهم النار في الشارع، البعض منهم قُتل، البعض منهم جُرح. لا أحد يستطيع دخول المستشفى، ونحن لا نستطيع الخروج منه.. إطلاق النار في كل مكان".
وقال مدير مجمع الشفاء الطبي محمد أبو سلمية "الطواقم الطبية عاجزة عن العمل والجثث بالعشرات لا يمكن التعامل معها أو دفنها"، مضيفا: "المستشفى محاصر تماما والقصف مستمر في محيطه".
ومن جانبه، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الأميرال دانيال هاغاري، إن "الجيش الإسرائيلي سيساعد في إجلاء الرضع من المستشفى".
وأضاف "طلب موظفو مستشفى الشفاء أن نساعد في نقل الرضع في قسم الأطفال غدا إلى مستشفى أكثر أمانا. وسنقدم المساعدة اللازمة".
وتقول إسرائيل إن الأطباء والمرضى وآلاف الأشخاص الذين تم إجلاؤهم والذين لجأوا إلى المستشفيات في شمال غزة يجب أن يغادروا حتى تتمكن من التعامل مع مسلحي حماس الذين تقول إنهم أقاموا مراكز قيادة تحت هذه المستشفيات وحولها، بحسب قولها.
لكن حماس تنفي استخدام المستشفيات بهذه الطريقة، فيما يؤكد الطاقم الطبي أن المرضى قد يموتون إذا تم نقلهم، ويقول مسؤولون فلسطينيون إن النيران الإسرائيلية تجعل مغادرة الآخرين أمرا خطيرا.
ومع تدهور الوضع الإنساني قالت سلطة الحدود في غزة إن معبر رفح إلى مصر سيعاد فتحه، الأحد، أمام حاملي جوازات السفر الأجنبية بعد إغلاقه يوم الجمعة.
لكن الخرق الوحيد للحصار جاء عبر طائرة تابعة لسلاح الجو الملكي الأردني قامت بإنزال "مساعدات طبية عاجلة" فوق غزة مخصصة للمستشفى الميداني الأردني، وذلك للمرة الثانية منذ بدء الحرب، وفق ما أعلن الجيش الأردني في بيان الأحد.
وقال مصدر عسكري مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة إن "عملية الإنزال جاءت لتعزيز وتطوير إمكانيات المستشفى وزيادة قدرة الكوادر الطبية في تقديم خدمات صحية وعلاجية للتخفيف عن الأهل في قطاع غزة"، دون إعطاء المزيد من التوضيحات.
اتفاق رهائن محتمل
وعلى وقع الضربات، قالت القنوات الإخبارية التلفزيونية الرئيسية الثلاث في إسرائيل، دون أن تذكر مصادرها، إنه "تم إحراز بعض التقدم نحو التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس في غزة:.
لكن نتنياهو قال إنه لن يناقش تفاصيل أي اتفاق محتمل، والذي وفقا للقناة 12 الإخبارية، سيشمل إطلاق سراح ما بين 50 إلى 100 امرأة وطفل ومسن على مراحل خلال فترة توقف للقتال من ثلاثة إلى خمسة أيام.
ووفقا للتقارير الإعلامية، ستطلق إسرائيل سراح السجناء الفلسطينيين من النساء والقصر من سجونها وستدرس السماح بدخول الوقود إلى غزة، مع احتفاظها بالحق في استئناف القتال بعد الاتفاق.
وقال نتنياهو "عندما يكون لدينا شيء ملموس لنقوله، سنقوم بإطلاع العائلات على الأمر وسنعرضه على الحكومة. حتى ذلك الحين سيكون الصمت هو الأفضل".
وفي تل أبيب، انضم الآلاف إلى مسيرة لدعم أسر الرهائن، للمطالبة بإعادة الرهائن المحتجزين لدى حماس في قطاع غزة.
وفي لندن، نظم ما لا يقل عن 300 ألف شخص مسيرة مؤيدة للفلسطينيين واعتقلت الشرطة أكثر من 120 شخصا أثناء محاولتها منع المتظاهرين اليمينيين المتطرفين الذين نصبوا كمينا للمسيرة. وانضم أكثر من 20 ألف شخص إلى مسيرة مؤيدة للفلسطينيين في بروكسل.
القمة العربية الإسلامية
ودعت الدول الإسلامية والعربية، التي اجتمعت في المملكة العربية السعودية في قمة عربية إسلامية غير عادية أمس السبت، إلى الوقف الفوري للعمليات العسكرية في غزة، رافضة تبرير إسرائيل بأنها تفعل ذلك دفاعا عن النفس.
وأدانت القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية التي أقيمت في الرياض "جرائم الحرب والمجازر الهمجية الوحشية واللاإنسانية التي ترتكبها حكومة الاحتلال الاستعماري" في الأراضي الفلسطينية، حسبما ذكر البيان الختامي.
وطلبت من المحكمة الجنائية الدولية "استكمال التحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني".
وفي مؤتمر صحفي في تل أبيب، حث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو القادة العرب على "الوقوف في وجه حماس".
وقال نتنياهو "لقد جلبت إلى قطاع غزة شيئين فقط: الفقر والدم". وأضاف أن "حماس جزء لا يتجزأ من محور الإرهاب الذي تقوده إيران، ومحور الإرهاب والكراهية هذا يعرض العالم بأسره والعالم العربي كله للخطر".
نزوح كثيف للسكان
بسبب حدّة المعارك في شمال قطاع غزة، نزح عشرات آلاف الفلسطينيّين في الأيام الماضية بعد إنذارات من الجيش الإسرائيلي لكي يلجأوا إلى الجنوب.
وبعد تعرّض القطاع لقصف متواصل منذ أكثر من شهر وخضوعه لحصار كامل، أصبح الوضع الإنساني فيه كارثيا فيما نزح 1.6 مليون من سكّانه البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة وفق الأمم المتحدة.
ووافقت إسرائيل على "هدن" إنسانيّة يوميّة للسماح للمدنيين بالفرار عبر "ممر إجلاء" إلى جنوب القطاع هربا من المعارك.
وحُرم القطاع من الماء والكهرباء والمواد الغذائية والدواء بسبب الحصار المطبق الذي تفرضه إسرائيل منذ 9 أكتوبر/تشرين الأول.
من جهتها، تخشى المجموعة الدوليّة اتّساع رقعة الحرب إقليميا، وكان الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله أعلن، السبت، أنّ مقاتليه بدأوا خلال الأيام الماضية باستخدام أسلحة جديدة ضدّ إسرائيل من جنوب لبنان، عدا عن إرسال طائرات مسيّرة إلى مناطق في عمقها.
وبعد خمسة أسابيع على بدء الحرب، أعلنت إسرائيل، الجمعة، خفض حصيلة ضحايا الهجوم الذي شنّته حماس من 1400 إلى 1200 قتيل، موضحة أنّ "هذه الحصيلة ليست نهائيّة".
وكانت السلطات أكّدت أنّ غالبيّة القتلى مدنيّون وسقط معظمهم في اليوم الأوّل للهجوم غير المسبوق. كما احتجز مقاتلو حماس ما يقارب 240 شخصا رهائن ونقلوهم إلى غزّة.
وفي الجانب الفلسطيني، قُتل أكثر من 11078 شخصا بينهم أكثر من 4506 أطفال في القصف الإسرائيلي على غزّة، حسب وزارة الصحّة التابعة لحماس.