الجزائر عينت محافظًا جديدًا في البنك المركزي بعد اتهامات مفاجئة للمحافظ السابق بالتقاعس عن أداء دوره من أنصار الرئيس بوتفليقة.
أُعلن في الجزائر عن تنصيب المحافظ الجديد للبنك المركزي، محمد لوكال، الذي تنتظره مهمة ثقيلة بالنظر إلى الوضع المالي الهش في البلاد؛ بسبب تراجع مداخيل النفط، بينما لا تزال التساؤلات تثار حول أسباب إقالة سلفه محمد لكصاسي، الذي عمر في هذا المنصب الحساس لسنوات طويلة.
قبل نحو شهرين، تعرض محافظ بنك الجزائر السابق، لهجوم غير مسبوق من عمار سعداني، الأمين العام لجبهة التحرير الوطني (حزب الأغلبية)، ثم من نواب الموالاة في البرلمان الجزائري، عندما عرض تقريره السنوي حول الحالة النقدية للبلاد، فكان ذلك مؤشرًا على قرب انتهاء مهامه التي استمرت أكثر من 13 سنة.
اتهم لكصاسي بأنه وراء التأخر الذي تعرفه المنظومة البنكية في الجزائر، كما تم تحميله تراجع القدرة الشرائية للدينار الجزائر، والفشل أيضًا في فتح مكاتب صرف للعملة، والمساهمة بسياساته في استفحال سوق العملة الموازية، بينما كان هو يرد دائمًا بأن حل هذه الأزمات يقع على عاتق الحكومة وليس من صلاحيات البنك المركزي.
وقبل الإطاحة به بأيام، أضيفت لمحافظ البنك المركزي، تهمة جديدة تتعلق بمنحه الأموال لرجل الأعمال يسعد ربراب من أجل تمكينه من الاستحواذ على مجمع "الخبر" الإعلامي الذي يضم جريدة واسعة الانتشار وقناة و4 مطابع، وهي الصفقة التي أثارت جدلًا واسعًا في الجزائر، وسعت الحكومة بكل ما تملكه من إمكانات إلى إبطالها.
هذه التهمة جاءت من عمار سعداني المعروف بقربه من رئاسة الجمهورية، والذي أراد إقحام البنك المركزي في حربه على قائد المخابرات السابق الجنرال محمد مدين المدعو توفيق الذي يرى أنه يسعى للعودة إلى السلطة في الانتخابات الرئاسية المنتظرة في 2019، عبر استعمال أذرعه المالية ومنهم رجل الأعمال يسعد ربراب، على حد قوله.
غير أن لكصاسي وجد من يدافع عنه ضد الهجوم الذي تعرض له؛ إذ تصدت لويزة حنون، زعيمة حزب العمال، لخصومه واتهمتهم بالموالاة للأوليغارشيا التي تغلغلت في دواليب السلطة. وقالت في تصريحاتها إن سبب التهجم على لكصاسي يعود إلى نزاهة تقاريره التي تفضح الوضع المالي الهش بسبب عمليات النهب التي تتعرض لها البلاد.
وتؤكد تقارير البنك المركزي في كل مرة على ضعف الوضعية المالية للجزائر جراء انخفاض احتياطي الصرف لمستويات مهمة في السنوات الأخيرة، وتحذر من مستويات الإنفاق التي تنتهجها الحكومة وتأثيرها السلبي على المتانة المالية للجزائر في السنوات المقبلة، وتشير التقارير إلى أن احتياطي الجزائر من العملة الصعبة لم يعد يكفيها إلا لسنتين من الاستيراد.
وبرأي النائب ناص حمدادوش، عن حركة مجتمع السلم، فإن خلفيات الهجوم على المحافظ السابق لبنك الجزائر، تتجاوز الفشل في فتح مكاتب الصّرف الرسمية وانهيار قيمة الدينار، والمرور بأزمات اقتصادية؛ لأن هذا الوضع ليس وليد اليوم.
وأوضح -في تصريح لبوابة "العين" الإخبارية- أن "الهجوم عليه من قبل بعض رموز السلطة ونوابها يدلّ على أنّ خلفيات ذلك، تتجاوز هذه المبرّرات، إلى خلفيات "صراع الأجنحة" المستحكم بين محيط الرئيس بوتفليقة والموالين للمخابرات".
وأضاف النائب قائلًا: "كنّا نتمنى أن تتم عمليات التعيين والتنحية وفق المعايير العلمية والموضوعية، وفي ظل الشفافية ووفق معايير المحاسبة وتحمّل المسؤولية، ولكنّ الواضح أن الولاءات مقدّمة على الكفاءات، الوطن هو مَن يدفع ثمن ذلك".
خيارات محدودة للمحافظ الجديد
وبعيدًا عن الجدل السياسي الذي صاحب تنحية محافظ بنك الجزائر، تنتظر الوافد الجديد محمد لوكال الذي تم تنصيبه أمس الخميس، مهمة ثقيلة تتعلق بإعادة الثقة إلى العملة الجزائرية التي تعاني تراجعًا رهيبًا أمام العملات الرئيسة، اليورو والدولار.
وفي هذا الصدد، قال الخبير المالي، فرحات آيت علي، في تصريح لبوابة "العين" الإخبارية، إن "الوضع معقد للغاية، فإذا أراد بنك الجزائر إبقاء الدينار على قيمته أو رفعها ستقابله مستويات احتياط الصرف المتدنية ولن يقدر على مقابلة العجز في الميزانية، وإذا أراد العكس فستقابله استحالة بعث الاستثمار الذي تعول الحكومة عليه لتنويع الاقتصاد الوطني".
وأبرز الخبير أن هامش المناورة بالنسبة لبنك الجزائر أصبح ضعيفًا جدًا، ولم يبق أمامه إلا خيارات محدودة لوقف تدهور قيمة الدينار قد لا توافق عليها الحكومة في النهاية، خاصة الاستدانة الخارجية لدعم احتياطي الصرف الحالي، علمًا بأن الدينار سجل أدنى مستوى له مقابل اليورو والدولار في تعاملات السوق الرسمية، بحيث بلغ سعر اليورو 123 دينارًا والدولار 100 دينار.
aXA6IDMuMTQyLjIwMC4yMjYg جزيرة ام اند امز