خبراء لـ"العين":الصناديق الخاصة "مال سائب" يجب أن يدعم الاقتصاد المصري
نائب برلماني وخبير اقتصادي دعوا في حديثين منفصلين لـ"العين" إلى ضرورة أن يستفيد الاقتصاد المصري من الصناديق الخاصة.
"الصناديق الخاصة" في مصر بمثابة الداعم الغائب للاقتصاد المصري والذي يعاني ركودا منذ سنوات عديدة جراء الظروف التي مرت بها البلاد منذ ثورة يناير 2011 والتي يمكنها أن تكون حاضرة بقوة في دعم ودفع الاقتصاد وعجلة التنمية فما هي قصة هذه الصناديق؟
"الصناديق الخاصة" بداية هي خزائن موازية لخزينة لدولة في المؤسسات الحكومية والخاصة والهيئات والوزارات تنشأ بموجب قرارات جمهورية وتستقبل حصيلة مدفوعات الأفراد والمواطنين مقابل تقديم الخدمات، كاستخراج الرقم القومي وبطاقة التأمين والدمغات وتراخيص السيارات والقيادة والبناء وعدادات الكهرباء والمياه والغرامات وغيرها من أوجه المعاملات الخدمية بين الفرد والهيئة، حيث تذهب كل هذه الأموال إلى تلك الصناديق بهدف تحسن الخدمات.
هذه الخاصة تضم مليارات تتفاوت التقديرات بشأنها حيث لا يوجد إحصاء رسمي بشأنها، وهي على ذلك، بعيدة عن أعين الحكومات بكل ما تحويه من أسرار تتعلق بأرصدتها والآليات المنظمة لها وجهات صرف المبالغ الخاصة بها، كما أنها لا تتبع الموازنة العامة للدولة على الرغم من عجز الموازنة واحتواء "الصناديق الخاصة" على مبالغ كبيرة.
لا تتدخل الحكومة في آليات عمل تلك الصناديق بل تكون تابعة بشكل مباشر لرئيس الهيئة أو المؤسسة المنتمي لها الصندوق، ويكون من حقه صرف حوافز أو مكافئات مالية منها لشخصه أو للعاملين بناءا على الرؤى الشخصية للمسئول تحت بند تحسين الخدمات، وهو ما يجعل هذه الصناديق بعيدة عن أعين الجهات الرقابية.
النائب عصام الفقي، أمين لجنة الخطة الموازنة في البرلمان، قدُر القيمة النقدية للصناديق الخاصة في مصر بـ500 مليار جنيه على الأقل ، في الوقت الذي بلغت نسبة العجز في الموازنة خلال 9 أشهر من العام المالي الحالي - من يوليو/تموز إلى مارس/آذار 9.2% من الناتج المحلي الإجمالي بواقع 254.9 مليار جنيه .
ويقول الفقي لبوابة "العين" الإخبارية إن لجنة الخطة والموازنة في البرلمان تبحث عن بدائل عدة لتوجيه الحكومة إليها بدافع زيادة المدخلات الحكومية وارتفاع الناتج المحلي، وعلى رأس تلك المقترحات قضية الصناديق الخاصة التي تفاقمت أزماتها وأصبح من الضرورات الملحة لدينا فتح هذا الملف لإخضاعها لرقابة الدولة وضمها للموازنة العامة وهو ما نسعى إليه جاهدين في هذا التوقيت الحرج من عمر الاقتصاد المصري.
تجدر الإشارة إلى أن الصناديق الخاصة في مصر أنشئت منذ عام 1967 لتخفيف العبء عن الموازنة العامة للدولة فيما يخص تطوير الهيئات الحكومية وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.
تم تدشين أول صندوق للنظافة في عام 1967ورصدت ميزانيته من فرض رسوم على المواطنين المنتفعين بالخدمة، وفي عام 1973 أتاح القانون المصري لرئيس الجمهورية اتخاذ قرارات بإنشاء صناديق أو حسابات خاصة تتبع الهيئات والمؤسسات العامة على أن تخصص لها موارد وأرصدة خاصة لاستخدامات معينة خارج الموازنة العامة للدولة.
خلال السنوات الأخيرة تشعبت تلك الصناديق حتى انتشرت بكثافة في كل المؤسسات الحكومية ومؤسسات قطاع الأعمال في مصر بما فيها دواوين المحافظات، وتضخمت المبالغ التي تحويها تلك الصناديق، وهو ما أثار الشكوك حولها باعتبارها فساد مستتر ودفع الاقتصاديين والخبراء للمطالبة بإخضاعها للموازنة العامة للدولة أو الرقابة الحكومية المباشرة.
الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي وأستاذ العلاقات الاقتصادية الدولية، كانت له رؤية فريدة فيما يخص قضية "الصناديق الخاصة" حيث طالب باستمرار فصلها عن الموازنة العامة، قائلا إن هذه الصناديق أنشئت لأهداف مقبولة منذ البداية تتعلق بعدم تحميل الموازنة العامة أعباء تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وتطوير الهيئات الحكومية التي تتولى تقديم تلك الخدمات، وفوارق الأجور والرواتب المتمثلة في حوافز ومكافآت العاملين بالقطاع الحكومي وقطاع الأعمال حيث من المعروف أن الأجر الأساسي للموظف الحكومي بمصر لا يتناسب مع معطيات السوق وتطورات العملة الأجنبية.
ويرى الدمرداش في حديثه لبوابة "العين" الإخبارية أن الصناديق الخاصة يجب أن تستمر وتعمل وذلل لنُبل ما أنشأت من أجله، لكنها تحورت في الأعوام الماضية عن غايتها وأصبحت "مالا سائبا يعلم السرقة"، لذلك لابد من فرض رقابة صارمة عليها وتقنينها بالشكل الذي يضمن أكبر استفادة منها، كما أنها تعد استثمارات قائمة للدولة يمكن الانتفاع من أموالها بمخصصات خدمية عديدة بدلا من صرفها في مصارف الموازنة العامة التي تستهلك بدون ناتج.
وتعكف لجنة الخطة الموازنة في البرلمان على دراسة ملف "الصناديق الخاصة" ومن المنتظر أن تُتخذ بشأنها قرارات حاسمة في القريب العاجل ربما بربطها بالموازنة العامة، أو فرض الرقابة عليها وهو ما سيتبين لاحقا.
aXA6IDMuMTQ2LjIwNi4yNDYg جزيرة ام اند امز