أعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، استضافة مصر الشهر المقبل، مؤتمرا دوليا لإعادة الإعمار في قطاع غزة، داعيا دول العالم إلى المشاركة فيه.
وقال الرئيس السيسي، رئيس القمة العربية الطارئة في كلمته في افتتاح أعمال القمة بالقاهرة اليوم الثلاثاء، إن مصر أعدت خطة للتعافي وإعادة الإعمار في غزة دون تهجير سكانه، داعيا القادة العرب إلى اعتماد تلك الخطة.
وأضاف أن انعقاد القمة الطارئة يأتي استجابة للنداء الفلسطيني، مشيرا إلى أن المنطقة تواجه تحديات جسيمة تعصف بالأمن والاستقرار.
وقال السيسي: "يجمعنا اليوم واقع مؤلم، في ظل ما تواجهه منطقتنا من تحديات جسام، تكاد تعصف بالأمن والاستقرار الإقليميين، وتبدد ما تبقى من مرتكزات الأمن القومي العربي، وتهدد دولا عربية مستقرة، وتنتزع أراضي عربية من أصحابها دون سند من قانون أو شرع".
حرب ضروس
وأضاف أن ذاكرة الإنسانية ستتوقف طويلا، أمام ما حدث في غزة، لتسجل كيف خسرت الإنسانية قاطبة، وكيف خلف العدوان على غزة، وصمة عار في تاريخ البشرية، عنوانها: نشر الكراهية وانعدام الإنسانية، وغياب العدالة.
وأوضح أن الحرب الضروس على قطاع غزة، استهدفت تدمير أوجه وسبل الحياة، وسعت بقوة السلاح، إلى تفريغ القطاع من سكانه، وكأنها تخير أهل غزة، بين الفناء المحقق، أو التهجير المفروض، وهو الوضع الذى تتصدى له مصر، انطلاقا من موقفها التاريخي، الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني على أرضه، وبقائه عليها عزيزا كريما حتى نرفع الظلم عنه.
وتابع: "أوهنت الممارسات اللاإنسانية، التي تعرض لها أهلنا في فلسطين عزائم البعض، إلا أنني كنت دائما، على يقين بثبات وبسالة الشعب الفلسطيني الأبي، الذي ضرب مثالا في الصمود والتمسك بالأرض، ستقف عنده الشعوب الحرة، بالتقدير والإعجاب".
ووصف تمسك الشعب الفلسطيني بأرضه، بأنها "مثال في الصمود، من أجل استعادة الحقوق".
اتفاق السلام
وقال السيسي: "مصر التي دشنت السلام، منذ ما يناهز خمسة عقود في منطقتنا، وحرصت عليه، وصانت عهودها حياله، لا تعرف سوى السلام القائم على الحق والعدل، الذي يحمى المقدرات، ويصـون الأرض ويحفــظ السـيادة".
وأشار إلى ما ورد بشكل لا يقبل التأويل في معاهدة السلام التي أبرمتها مصر عام 1979، والتي ألزمت كل طرف، باحترام سيادة الآخر وسلامة أراضيه، بما يفرض التزاما قانونيا، بعدم خلق واقع طارد للسكان خارج أراضيهم، كونه يمثل انتهاكا للالتزام باحترام قدسية الحدود الآمنة.
وأشاد بالجهود المقدرة للرئيس دونالد ترامب وإدارته في تحقيق وقف إطلاق النار في غزة، معربا عن الأمل في أن تستمر وتتواصل، بهدف تحقيق استدامة وقف إطلاق النار في القطاع، واستمرار التهدئة بين الجانبين، وبعث الأمل للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، من أجل سلام دائم في المنطقة بين جميع الشعوب.
ملامح الخطة المصرية
وكشف السيسي عن ملامح الخطة المصرية لإعمار غزة، وقال: "عملت مصر كذلك، بالتعاون مع الأشقاء في فلسطين، على تشكيل لجنة إدارية من الفلسطينيين المهنيين والتكنوقراط المستقلين، توكل إليها إدارة قطاع غزة، انطلاقا من خبرات أعضائها، بحيث تكون تلك اللجنة، مسؤولة عن الإشراف على عملية الإغاثة، وإدارة شؤون القطاع لفترة مؤقتة، وذلك تمهيدا لعودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع".
وتابع: "كما تعكف مصر، على تدريب الكوادر الأمنية الفلسطينية، التي يتعيّن أن تتولى مهام حفظ الأمن داخل القطاع، خلال المرحلة المقبلة، كما عملت بالتعاون مع دولة فلسطين والمؤسسات الدولية، على بلورة خطة شاملة متكاملة، لإعادة إعمار قطاع غزة، دون تهجير للفلسطينيين، تبدأ بعمليات الإغاثة العاجلة والتعافي المبكر، وصولا لعملية إعادة بناء القطاع".
ودعا إلى اعتماد هذه الخطة في القمة اليوم، وحشد الدعم الإقليمي والدولي لها، كونها تحفظ للشعب الفلسطيني، حقه في إعادة بناء وطنه، وتضمن بقاءه على أرضه.
وأكد أن هذه الخطة يجب أن تشهد على التوازي، مسار خطة للسلام من الناحيتين السياسية والأمنية، تشارك فيها دول المنطقة، وبدعم من المجتمع الدولي، وتهدف إلى تسوية عادلة وشاملة ومستدامة للقضية الفلسطينية.
القدس رمز للهوية
وحذر السيسي من مغبة استمرار الاعتداءات على المسجد الأقصى، والانتهاك المتعمد لحرمته، والمساس بالوضع القائم به، وقال: "القدس ليست مجرد مدينة، بل هي رمز لهويتنا وقضيتنا، والحديث عن التوصل إلى السلام في الشرق الأوسط، دون تسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو لغو غير قابل للتحقق".
وشدد على ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على خطوط الرابع من يونيو/حزيران لعام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، مع توفير جميع الضمانات اللازمة في الوقت ذاته، لحفظ أمن إسرائيل.
ودعا إلى النظر إلى معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، التي تم التوصل إليها بوساطة أمريكية عام 1979، كنموذج يُحتذى به، لتحويل حالة العداء والحرب والرغبة في الانتقام إلى سلام دائم، وعلاقات دبلوماسية متبادلة.