يشكل السجال الأخير الذي أطلقه ترامب برثائه بطل الملاكمة محمد علي كلاي الذي توفى ، آخر مظاهر هذا "التقارب" المستحدث بين العالمين
يقرّب المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترامب المسافة بين بلاده وعالمنا العربي، ويردم الفجوة التي اعتقدنا أنها كبيرة بين عالم يرفع لواء الديموقراطية وحقوق الإنسان، وعالمنا الغارق قي الحروب الطائفية الدموية.
ويشكل السجال الأخير الذي أطلقه الملياردير الأميركي برثائه بطل الملاكمة محمد علي كلاي الذي توفى السبت الماضي، آخر مظاهر هذا "التقارب" المستحدث بين العالمين.
فالى كل البلبلة التي يثيرها موقفه من حظر دخول المسلمين الأراضي الأميركية، أشعل ترامب جدلاً جديداً عبر تغريدة قال فيها إن كلاي بطل عظيم حقاً، ورجل رائع و"سنفتقده جميعاً".
وأضاف: "كان يمثل شخصين. على الحلبة، كان شرساً، لكنه خارجها كان من ألطف الرجال الذي عرفتهم. كان شاعراً رائعاً، وشديد الكرم، ورجلا رائعا"!
كان طبيعياً أن يستغل المرشحون الديموقراطيون ازدواجية خطاب ترامب المعادي للمسلمين، وهو ما فعله في الواقع بيرني ساندرز الذي وصف كلام منافسه بـ"الرياء". إلا أن المفارقة بدت في تغريدات "طائفية" أطلقها مواطنون أميركيون على "تويتر" وبدت شبيهة بحلقات الجنون التي تنطلق على مواقع التواصل الاجتماعي بعد خطاب لزعيم سني أو شيعي في لبنان أو العراق أو أي دولة أخرى من منطقتنا المريضة بالطائفية.
لم يكن ترامب وكلاي عدوين. بينهما علاقة تعود إلى أكثر من ٣٥ عاماً. ونشر المرشح الجمهوري صوراً له ولضيفه في حفلة زواجه الثاني عام ٢٠٠٥، و في مناسبات خيرية عدة. إلا أن ما حاول ترامب تناسيه عندما رثاه الأسبوع الماضي هو الرد القاسي لكلاي عليه بعد دعوته إلى حظر دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة.
دعا بطل الملاكمة المسلمين في كانون الأول الماضي إلى الوقوف في وجه "أولئك الذين يستخدمون الإسلام لدفع أجندتهم الشخصية الخاصة بهم". وعندما سئل ترامب عن هذا البيان السبت، أجاب: "لا أعتقد أنه كان يقصدني. لم يذكر اسمي أو أي شيء يخصني".
لا تشبه أميركا التي يحاول ترامب الدفع في اتجاهها، الدولة التي حلم بها كلاي و"حلق فيها كفراشة ولدغ كنحلة "وصولاً إلى القمة. نضالات أشخاص مثله في الدفاع عن الحقوق المدنية وانهاء التمييز العنصري، والعدالة الاجتماعية والسلام والحرية وسواها ستكون كلها مهددة اذا قرر الأميركيون حقاً تسليم بلادهم إلى ترامب. وفي الاقتصاد لن تكون أميركا أفضل حالاً، إذ يقدّر وزير الخزانة الأميركي سابقاً لورنس سامرز أنه يكفي أن يحقق المرشح الجمهوري نصف وعوده لتنزلق أميركا إلى أسوأ الحروب التجارية... هذا ناهيك بأن تصويره أميركا على أنها في حرب مع الإسلام يشكل بذاته دعوة مفتوحة للإرهاب إلى أميركا.
نقلاً عن "النهار"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة