القزم الفرعوني.. صانع حلي أو مسؤول عن سعادة الملك
حظي الأقزام بمكانة خاصة ومميزة في مصر الفرعونية، الأمر الذي يعكس مبدأ التسامح والتعايش واحترام الاختلاف الجسدي لدى قدماء المصريين .
"لا تسخر من الكفيف، ولا تهزأ بالقزم، ولا تسد الطريق أمام العاجز، ولا تهزأ من رجل مرضها الخالق، ولا يعلو صوتك بالصراخ عندما يخطئ"، تلك هي تعاليم "امينيموب" منذ أكثر من 3100 عام، والتي تعد خير مثال على نظرة وثقافة المصري القديم تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة عامة وتجاه الأقزام خاصة، والتي تضمنت مبدأ التسامح والتعايش معهم واحترام اختلافهم الجسدي .
ويرجع تاريخ الأقزام في مصر إلى عصور ما قبل التاريخ، وهو ما تدل عليه الهياكل العظمية التي تعود إلى حضارة "البداري" 4500 ق م ، بالإضافة إلى عصر الدولة القديمة التي ترجع إلى 2700- 2190 ق م .
وترك لنا المصريون القدماء العديد من الرسومات، والمنحوتات على جدران المعابد، والعديد من أوراق البردي عن حياة الأقزام الاجتماعية، وعملهم وحرفهم في مصر القديمة .
كان الأقزام في مصر القديمة نوعين: الأول هو القزم الافريقي والذي أحضره المصري القديم خلال تجارته مع النوبة وبلاد بونت، وكان دوره يقتصر على الرقص في القصر الملكي، لإدخال السرور على قلب الملك وهو ما يعرف بـ"الرقص للأرباب"، وقد جيء بأول قزم من بلاد بونت، في عهد الملك "اسيسي"، من الأسرة الخامسة.
النوع الثاني هو "القزم المصري" وكانوا يعانون من تشوه جسدي، حيث كانوا يتميزون برأس كبير وجذع طبيعي وأطراف قصيرة، واشتهر الأقزام بصناعة الحلي في مصر القديمة، وذلك نظرا لصغر أطرافهم التي كانت تمكنهم من تشكيل الحلي بسهولة ويسر، ويتضح ذلك من خلال أحد المناظر المصورة على جدران مقبرة " مريروكا" بمنطقة سقارة .
وأشهر الأقزام المصرية يسمى "سنب" وقد عاش في عصر الأسرة الخامسة، وكان موظفا كبيرا يتمتع بكثير من الألقاب الاجتماعية والدينية والشرفية، وتزوج من امرأة ذات بنية طبيعية، وهى إحدى وصيفات القصر، ودفن في قبر فخم قريب من هرم خوفو بجبانة الجيزة .
وفى عصر الأسرة السادسة قام الملك "بيبى الثانى" 2370 ق م بإرسال خطاب إلى الرحالة "حرخوف"، قال فيه " تعالى سريعا إلى القصر وأحضر معك القزم الذى جئت به من أرض الأرواح حيا سالما، وبصحة جيدة ليرقص للإله ويدخل السرور إلى قلب الملك، وإذا نزل معه إلى السفينة فعين أشخاصا أذكياء على جانبها لملاحظته حتى لا يقع في الماء، وإذا نام بالليل فعين له أشخاصا أذكياء يحرسونه في حجرته، لأن جلالتي يحب أن يرى هذا القزم أكثر من هدايا المناجم وهدايا بلاد بونت، فإذا وصلت إلى القصر ومعك هذا القزم حيا سالما فإن جلالتي سيعمل لك أشياء كثيرة".
وتقول الباحثة فرونيكديزين في كتابها الأقزام في مصر وبلاد اليونان"، إن الاقزام لم يكونوا مرفوضين أو منبوذين، إذا أن حجم التقدير الذين كانوا يحظون به رشحهم لمصاحبة الموتى إلى العالم الآخر.
وتضيف أن صورة قصار القامة في مصر تعكس موقفا إيجابيا، فشذوذهم الجسماني لم يكن موضع تسامحهم بحسب بل موضع قبول وتقدير لهالة القداسة التي تحيط بهم وارتباطهم برموز دينية .
ومن أهم المعبودات في مصر القديمة ، معبود " بس"، والذي صور على هيئة قزم، وهو يمثل رب المرح والسعادة وهو من الأرباب التي تعبد في المنازل، ولـ «بس» معبد خاص في الواحات البحرية بالصحراء الغربية لمصر .
aXA6IDE4LjIxOC43My4yMzMg جزيرة ام اند امز