السعودية وإيران.. خلاف "معتاد" في سوريا واتفاق "نادر" بلبنان
يشغل بموجبه سليمان فرنجية مقعد الرئاسة ويصبح سعد الحريري رئيسًا للوزراء
اللافت أن يحدث توافق بين السعودية وإيران حول مقترح لحل أزمة منصب الرئيس الشاغر في لبنان، رغم خلافهما في كل القضايا الإقليمية الأخرى
لم تتخذ السعودية خطوة في الأزمة السورية، إلا وعارضتها إيران، حتى في الاجتماع الذي تعتزم الرياض استضافته للمعارضة السورية في منتصف شهر ديسمبر الجاري، ولكن اللافت هو أن يحدث توافق بين الدولتين حول مقترح، لحل أزمة منصب الرئيس الشاغر في لبنان منذ 18 شهرًا.
وفي اليوم نفسه -الذي تعرب فيه إيران عن رفضها رسميا اجتماع الرياض، في تصريحات لنائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، نقلتها وكالة فارس الإيرانية- يقول السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري: إن بلاده تبارك مقترحًا يشغل بموجبه السياسي المسيحي الماروني سليمان فرنجية صديق الرئيس السوري بشار الأسد مقعد الرئاسة في لبنان، على أن يصبح سعد الحريري المدعوم من المملكة رئيسًا للوزراء.
وكانت إيران قد شجعت هذا المقترح أيضا خلال زيارة علي أكبر ولايتي أحد كبار مستشاري المرشد الأعلى في إيران في أثناء زيارته بيروت هذا الأسبوع، وقال إنه يأمل انتخاب رئيس في لبنان "في المستقبل القريب".
وتصف وكالة "رويترز" هذا التوافق السعودي الإيراني في لبنان بـ"النادر"، بين دولتين تقفان على طرفي نقيض من الصراعات في المنطقة بما في ذلك في سوريا واليمن.
وتدعم السعودية في لبنان سعد الحريري (45 عاما)، الذي يقود تحالف 14 آذار المكون من مجموعة من الأحزاب اللبنانية، وتشكل قبل عشر سنوات لمعارضة النفوذ السوري في لبنان، وتدعم إيران قوى الثامن من آذار بزعامة حزب الله.
ورغم اتفاق الدولتين على هذا المقترح، إلا أنه لا يزال قيد البحث والتداول بين المسؤولين اللبنانيين.
عقبة رئيسية
وحسب وكالة رويترز، فإن العقبة الرئيسية التي تواجه التوصل لاتفاق، هي الحصول على موافقة زعماء موارنة آخرين يسعون لشغل منصب الرئاسة خاصة ميشال عون وهو حليف لحزب الله وسمير جعجع، الذي لا يزال رسميا مرشح تحالف 14 آذار لمنصب الرئيس.
ورحب البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي بهذا التقدم، وقال إنه سيلتقي بفرنجية غدا الجمعة.
وقال: "نشكر الله أنه صار في (هناك) مبادرة.. ومبادرة لها قيمتها بحد ذاتها ومبادرة جدية ولذلك أقول إن الباب فتح حتى كل الفرقاء يستطيعون يتحدثون بمسؤولية ويصلون إلى الحل الأنسب".
وقال الحريري -الذي كان يتحدث في فرنسا بعد اجتماع مع الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند-: إن "هناك أمل كبير اليوم في لبنان بإنجاز هذا الموضوع"، مشيرًا إلى الفراغ الرئاسي الذي نتج عن إخفاق الخصوم السياسيين في الاتفاق على من يشغل المنصب.
وردا على سؤال إذا كان اقتراح تعيين فرنجية ما زال قائمًا، قال الحريري: إن هناك حوارًا جاريا بين كافة الفرقاء اللبنانيين، وهناك أمل كبير اليوم في لبنان بإنجاز هذا الموضوع.. وبإذن الله ستكون الأمور بخير قريبًا.
فرصة تاريخية
وتعود علاقات فرنجية بأسرة الأسد إلى طفولته عندما كان جد سليمان فرنجية يصطحبه في رحلات إلى دمشق لزيارة صديقه الرئيس الراحل حافظ الأسد، واعتاد فرنجية على القيام برحلات الصيد مع باسل الأسد الشقيق الأكبر لبشار، الذي توفي في حادث سيارة في 1994.
وفي 1978 هاجمت ميليشيا مسيحية منزل عائلة فرنجية في شمال لبنان فقتلت أباه وأمه وأخته، واتهم جعجع بالمسؤولية عن الهجوم الذي وقع إبان الحرب الأهلية لكنه نفى المشاركة فيه.
وقال فرنجية -في ساعة متأخرة من مساء أمس الأربعاء-: إن ترشحه ليس رسميا حتى الآن لكنه ما زال ينتظر أن يؤيده الحريري رسميا.
ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية عنه قوله: "نحن أمام فرصة تاريخية، ومن لديه فرصة أخرى للبنان ليقدمها ويبادر، ولكن اليوم إذا ضاعت هذه الفرصة أخشى أن نذهب إلى مرحلة أسوأ بكثير مما نحن عليه".