إعلانات رمضان في منافسة الدراما.. تكلفة باهظة تستفز المواطنين
إعلانات الشركات المصرية على الفضائيات خلال رمضان باتت تنافس الأعمال الدرامية نفسها بتكاليف باهظة تصل لعشرات ملايين الجنيهات
لم تستأثر المسلسلات الضخمة وحدها بجذب انتباه المشاهدين في رمضان، حيث كان للإعلانات أثر كبير خلقت من خلاله حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام المصرية، لاعتمادها على تكاليف إنتاجية عالية أو احتوائها على كلمات مبهمة للعامة حملت إيحاءات أثارت استياء البعض.
وكان إعلان أحد شركات الاتصالات الذي يعرض على كافة القنوات المصرية في الفواصل الدرامية ولم تتجاوز مدته دقيقتين، هو السبب وراء فتح باب التساؤلات حول تكاليف إنتاجه وأجور أبطاله، فضلا عن قيمة عرضه على كل القنوات بتلك الكثافة، حيث ضم 9 من أشهر الفنانين المصريين.
وكشف أحد العاملين بقناة فضائية مصرية لبوابة "العين" الإخبارية، أن أسعار الحملات الإعلانية تراوحت هذا العام ما بين 11 إلى 15 مليون جنيه مصري للشركة المعلنة أو الراعي لأحد المسلسلات أو البرامج، بحسب تسعيرة العمل الدرامي أو البرنامج ومدى شعبيته ونسبة إقبال المعلنين للظفر بعرض إعلاناتهم عليه.
وأضاف المصدر أن مرات عرض الإعلان خلال رمضان تختلف بين الفضائيات لكنها لا تتجاوز في مجملها 350 مرة على القناة الواحدة بموجب العقد المبرم، لافتا إلى أن أي عرض للإعلان خارج الشهر تكون بعقد وبنود مالية جديدة، أما مدة الإعلان فتقاس بوحدة الـ"30 ثانية" وتتراوح أسعار الوحدة بين الفضائيات من 150 ألف إلى 30 ألف جنيه مصري.
ومن المعلوم أن سوق الدراما الرمضانية هو تنافس من أجل جذب الإعلانات للفضائيات، وهو ما جعل الدراما والبرامج المختلفة مجرد وسيلة إلى "الإعلانات"، ومن هنا طغت الناحية التجارية على المهنية نوعا ما.
ووصف هشام جمال أستاذ الإعلام المرئي بجامعة القاهرة ومخرج الإعلانات، الحالة التي يشهدها الإعلام المصري خلال رمضان بـ"الصراع المستعر"، قائلا إن فوضى الإعلانات تعتمد على الكمّ وليس المضمون أو الأسلوب الذي يعرض به، حتى إن الفقرة الإعلانية المكدسة بين الفواصل الدرامية حولت المشاهدة والتركيز من الخط الدرامي إلى الإعلاني، "فأصبحنا نشاهد فقرة إعلانية يتخللها دراما".
وطالب جمال بضرورة وجود جهاز رقابي يجيز ويمنع ظهور تلك الإعلانات على الشاشة، استنادا إلى مناسبتها للذوق العام ومدى صلاحية محتواها وتأثيرها على المجتمع، وهو ما كان معمولا به في التلفزيون المصري سابقا.
وبحسب تقديرات الخبراء فإن حجم سوق الإعلانات في مصر تخطى 3 مليارات جنيه بزيادة تعادل 600 ألف جنيه مصري عن عام 2014، والذي بلغت قيمة الإعلانات على الفضائيات المرئية به 2 مليار و200 ألف جنيه، ويستحوذ شهر رمضان فقط على 65% منها.
وعن التكلفة العالية للإعلانات والتي وصلت إلى 60 مليون جنيه لإنتاج أحد الإعلانات، قال جمال إن المشاهد لا يهمه النجوم الذين يستخدمهم المنتج، ولكن الأهم بالنسبة إليه هو ما هي جودة الخدمة المقدمة، مشيرا إلى أنه يفضل إنفاق تلك المبالغ على تحسين خدمات الشركات المعلنة، بدلا من أن تذهب كتسعيرة لإعلان ما، ثم يتم تحصيلها بعد ذلك من جيوب المستهلكين برفع الأسعار.
وكشفت دراسة أعدها الدكتور علي عجوة عميد إعلام جامعة القاهرة الأسبق أن 47% من الإعلانات تعبر عن التبذير الاستهلاكي الذي لا يتوافق مع الواقع الاقتصادي المصري، فيما تشجع 21.5% من الإعلانات على السفه الاستهلاكي وحب التملك، و15% تدعو إلى التفاخر والمباهاة، بينما خلصت دراسة أخرى أعدتها الدكتورة جيهان البيطار الأستاذة في كلية الإعلام أن 78% من الإعلانات في مصر مضللة و65% منها مثيرة للغرائز.
ومن جانبه، رأى سامي الشريف رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري الأسبق أن ما يمر به قطاع الإعلان المصري هو "فوضى عميقة"، قائلا لبوابة "العين" الإخبارية إن غياب الجهاز الرقابي الإعلامي في مصر فتح أبوابا عدة من التجاوزات بظهور أجور خيالية لنجوم الإعلانات تستفز المواطنين في ظل حالة من ضيق العيش وتدني مستوى المعيشة لدى كثير من طبقات المجتمع المصري.
وذكر الشريف أن قوانين الإعلام الغربي الحاكمة للمحتويات الدرامية والفنية توصي بعدم تجاوز فترات الإعلان 8 دقائق في الساعة خلال تقديم المادة الفنية أو البرامجية، وهو ما ينبغي اتباعه والعمل به في مصر.
aXA6IDMuMTQwLjE5Ny4xNDAg جزيرة ام اند امز