يوم أمس الأول الجمعة، ودع العالم وليس أمريكا فقط، الأسطورة الرياضية الخالدة محمد علي، الذي جسد كل القيم والأخلاق الدينية والإنسانية
يوم أمس الأول الجمعة، ودع العالم وليس أمريكا فقط، الأسطورة الرياضية الخالدة محمد علي، الذي جسد كل القيم والأخلاق الدينية والإنسانية، التي لطالما كانت زاده في مواجهة الهجمات والحملات الإعلامية التي طالته منذ اعتناقه الدين الإسلامي في ستينات القرن الماضي، وظل وفياً لهذا الدين حتى رحيله عن العالم.
لم يكن الأمر مستغرباً المحبة التي حظي بها الأسطورة، ليس في الولايات المتحدة فحسب، بل وفي كل أنحاء الأرض، إذ إن محمد علي ساهم بشكل كبير في تعزيز حضور الإسلام في الولايات المتحدة، واقتدى به الكثير من المولودين فيها، وكان له دور مؤثر أفضل بكثير من دور بعض الدعاة والوعاظ، الذين تاجروا بالدين، وحولوه إلى سلعة جنوا من ورائها أرباحاً طائلة، كما أن دوره الكبير يتجاوز أدوار كثير من الجماعات الدينية في الولايات المتحدة وغيرها من دول العالم.
سيفتقد المسلمون شخصية محورية كبيرة متمثلة في الأسطورة محمد علي، فقد تصدى رحمه الله، لكل الإساءات للإسلام، وقاد جولات عرفت به في مختلف أصقاع العالم، سواء في إفريقيا أو آسيا أو الوطن العربي، ومنها الزيارة المهمة التي قام بها إلى دولة الإمارات العربية المتحدة ولقائه المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
رحل محمد علي بعد صراع طويل مع مرض الرعاش، والذي لم يمنحه القدرة على مواصلة أداء دوره الإنساني، لكنه ظل حاضراً بإسهاماته الكبيرة وبمواقفه السياسية، بخاصة عندما رفض التجنيد في الجيش الأمريكي والقتال في فيتنام، وهو موقف جلب له المتاعب مع الساسة الأمريكيين، لكنه لم يعبأ لذلك، بل استمر في التمسك بقناعاته ورؤيته للجانب المضيء من الأدوار التي يستطيع لعبها لحماية الإنسان.
كان محمد علي حريصاً على عدم تعريض الإسلام للإهانة أوإلحاق أي أذى به، ومن المواقف النادرة التي اتخذها ذلك الموقف الذي رفض فيه أن يكتب اسمه في قائمة الشرف في هوليوود، كما يتمنى المشاهير، مؤكداً أنه لن يسمح لأن تلوث الأقدام اسم أشرف المرسلين (محمد) على «نجمة هوليوود» التي تكتب عليها الأسماء عند ما يعرف ب«ممر الشهرة»، ما اضطر المسؤولين عن ذلك إلى وضع اسمه على نجمة ووضعها على الحائط وليس على الأرض، وهو الوحيد الذي حظي بهذا الشرف، إذ إن نجمة هوليوود الخاصة بمحمد علي هي الوحيدة التي لا تطأها الأقدام من بين نجوم المشاهير في هوليوود.
يرحل محمد علي، لكنه ذكراه ستبقى خالدة إلى الأبد، وحين شيعت جنازته أمس الأول كانت هناك حشود ضخمة تلقي النظرة على أعظم رياضيي العالم، فالناس لم يودعوا مجرد جثة، بل إنسانا ألهمت مواقفه الإنسانية ملايين الأشخاص في العالم، وستظل هذه المواقف عنواناً لجيل ملهم من أجيال العالم الإسلامي الذي تلفه اليوم الخلافات والصراعات، حيث تشتعل الحرائق في كل بلد من بلدانه.
نقلاً عن "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة