ستعقد قمة «منتدى» التعاون الصيني - الإفريقي في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا يومي الرابع والخامس من ديسمبر 2015.
ستعقد قمة «منتدى» التعاون الصيني-الإفريقي في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا يومي الرابع والخامس من ديسمبر 2015، ويصادف العام
الحالي الذكرى السنوية الـ15 لتأسيس منتدى التعاون الصيني الإفريقي، وهي القمة الثانية منذ انعقاد قمة بكين عام 2006، والقمة الأولى
التي تعقد في القارة الإفريقية.
سيجتمع الرئيس الصيني "شى جين بينج" مع رؤساء الدول الإفريقية في هذه القمة لتبادل وجهات النظر حول الصداقة والتعاون المتبادل
وتطوير والارتقاء بمستوى العلاقات الصينية-الإفريقية، في إطار سلسلة من الإجراءات والخطط.
إن هذه القمة تجسّد الحلم المشترك للجانبين الصيني والإفريقي، وتتفق مع توقعات الشعب الصيني والشعوب الإفريقية، وتشكِّل معلمًا
جديدًا في تاريخ العلاقات الصينية-الإفريقية، وتوفر مزيدًا من الفرص لتطور علاقات الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر
في مرحلة تاريخيةجديدة.
دعم متبادل بين الصين والدول الإفريقية في الاحتياجات والمزايا والفرص. إن الصين كأكبر دولة نامية، وإفريقيا باعتبارها القارة التي تضم
أكبر عدد من الدول النامية، تتشاطران السراء والضراء في مجتمع مشترك له المصير نفسه.
لقد تبادلت الصين والدول الإفريقية التأييد والدعم في ثورات الاستقلال والتحرير الكبرى للأمم الأسيوية والإفريقية قبل أكثر من نصف قرن؛ حيث عقد الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر ورئيس مجلس الدولة الصيني "تشو ان لاى" لقاء تاريخيًّا في مؤتمر باندونج، ولا يزال هذا اللقاء التاريخى حيا في ذاكرة الشعوب الأسيوية والإفريقية.
أما في المرحلة التاريخية الجديدة، فتعمل الصين والدول الإفريقية معا على تعزيز قضايا السلام والتنمية للعالم، وتشكلان قوة ناشئة مهمة في المجتمع الدولي.
وقد قطع التعاون الصيني-الإفريقي شوطا طويلا في كل المجالات منذ تأسيس منتدى التعاون الصيني-الإفريقي قبل 15 عاما، فعلى سبيل المثال، في عام 2014، تجاوز حجم التبادل التجاري بين الصين وإفريقيا 220 مليار دولار أمريكي، وتجاوز إجمالي استثمار الصين في إفريقيا 30 مليار دولار أمريكي، كما جاء أكثر من 20% من معدل نمو الاقتصاد الإفريقي من الصين في النصف الأول في عام 2015، وبالإضافة إلى ذلك ساعدت الصين الدول الإفريقية في حل «عنق الزجاجة» للتنمية فيها، أي تخلف البنية التحتية وقلة المتخصصين الأكفاء، من خلال توفير المساعدات المالية والاستثمار والتمويل والتدريب.. إلخ.
تدلّ الحقائق على أن ما طرحه الرئيس الصيني "شى جين بينج" من السياسات الصينية نحو إفريقيا الصادقة المخلصة الثاتبة والملموسة والعلاقة المتبادلة بين العدل والمصلحة، وتتفق تماما مع المزايا الجوهرية للعلاقات الصينية-الإفريقية، ألا وهي العلاقات الصادقة والمخلصة، كما أن الصيني صديق مخلص يعتمد عليه وشريك مهم لإفريقيا.
ترغب حاليا معظم الدول الإفريقية في تعزيز عملية التصنيع والعصرنة، وتعمل الصين في الوقت نفسه على تحسين الهيكلة الاقتصادية
وتحديث الصناعات، بما يوفر فرصة تاريخية لتحقيق تلاحم لإستراتيجية التنمية بين الصين وإفريقيا.
يسعى الجانب الصيني إلى مدّ أواصر بين التنمية وتحقيق الاستقلال الاقتصادي، والتنمية المستدامة بالإدارة الذاتية لإفريقيا، من أجل تحقيق التعاون والمنافع المتبادلة والتنمية المشتركة، لذا يعمل الجانبان الصيني والإفريقي باستمرار على التوصّل إلى مزيد من توافق الآراء وتوسيع مجالات وإثراء محتويات للتعاون.
ستتركز هذه القمة على تخطيط آفاق التعاون بين الصين وإفريقيا في كل المجالات، خاصة في مجالات التصنيع والزراعية، وتهدف إلى تفعيل مزايا الصين المتمثلة في المعدات والتكنولوجيا والأموال، من أجل تحويل الموارد الطبيعية والإنسانية الخصبة التي تشتهر بها إفريقيا إلى قوة دافعة للنمو الاقتصادي، وفوائد ملموسة للشعوب الإفريقية، بما يحقق التقدم الجوهري والارتقاء الشامل بتعاون الصين إفريقيا بهدف تحقيق المنافع المتبادلة.
أساس ثابت ومستقبل واعد لتعميق التعاون الصيني-المصري
تطوّر الصين دائما العلاقات مع مصر، باعتبارها دولة نامية وكبيرة عربيا وإفريقيا وإسلاميا، من منظور إستراتيجى وبعيد المدى، وتتخذ
إجراءات حقيقية لدعم جهود مصر الرامية إلى تحقيق الاستقرار والتنمية.
ظلّ الجانبان الصيني والمصري منذ أكثر من نصف قرن يتبادلان التفاهم والاحترام والثقة والدعم، وخير دليل هو أن مصر هي الدولة الإفريقية والعربية الأولى التي أقامت العلاقات الدبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية، وأيضا الدولة النامية الأولى التي أقامت علاقات التعاون الإستراتيجى نحو القرن الحادى والعشرين مع الصين.
وفى نهاية عام 2014، أقامت الصين ومصر علاقات الشراكة الإستراتيجية الشاملة، مما جعل العلاقات الصينية-المصرية نموذجًا للعلاقات بين الصين وإفريقيا، وبين الصين والعالم العربي، ولتعاون الجنوب-الجنوب.
فى سبتمبر 2015، قام الرئيس عبد الفتاح السيسى بزيارة الصين للمرة الثانية، وحضر الفعاليات الضخمة لإحياء الذكرى السنوية
السبعين لانتصار الشعب الصيني في حرب المقاومة ضد العدوان الياباني، وانتصار الحرب العالمية ضد الفاشية، وكانت قوات حرس الشرف المصري هي حرس الشرف الإفريقي والعربى الوحيد الذى شارك فى الفعاليات الضخمة التي أقيمت في بكين، وذلك إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على أن العلاقات الصينية-المصرية علاقات صلبة وقوية.
لقد صار هناك مزيد من التشابك والتلاحم بين الصين ومصر من حيث الأهداف الاستراتيجية، ومفاهيم التنمية مع تطوُّر وتعمُّق إستراتيجية «الحزام الاقتصادى لطريق الحرير وطريق الحرير البحرى للقرن الحادى والعشرين»، وإستراتيجية محور قناة السويس، بما يوفر مزيدًا من القوة الدافعة والمحركة.
ومن أجل تحقيق الأحلام المشتركة المتجسدة في تنمية البلاد ونهضة الأمتين وسعادة الشعبين، تعلق كل من الصين ومصر على بعضهما البعض توقعات كثيرة وتبذلان أقصى الجهود لتعزيز التعاون العملى بينهما، كما يظهر مزيد من القدرة الكامنة لتعاون البلدين في مجالات تشمل الاقتصاد والتجارة والاستثمار والبنية التحتية والطاقة والاتصالات.
على سبيل المثال، بلغ حجم التبادل التجارى بين الجانبين 11.6 مليار دولار أمريكى في عام 2014، وسجّل رقما قياسيا جديدا، حتى سبتمبر2015، بلغ حجم التبادل التجارى بين البلدين 9.67 مليارات دولار أمريكي، بزيادة 13% عن الفترة نفسها من العام الماضي. وحاليا تجرى المناقشات بشكل معمق حول تعزيز التعاون في القدرات الإنتاجية وقد أسفرت عن قائمة الدفعة الأولى من مجالات التعاون ذات الأولوية الأولى.
فتحدونى الثقة بأن التعاون المصري-الصيني الاستراتيجي الشامل سوف يجري في مسار سريع، طالما يعمل الجانبان على التمسك بالفرصة التاريخية وتفعيل مزايا الثقة السياسية المتبادلة والتكامل الاقتصادى وتوفير القوة الدافعة للتعاون العملى على أساس الصداقة التقليدية.
يقول المثل الصيني: «إذا أردت أن تركض بسرعة، يجب أن تركض وحدك»؛ ولكن إذا أردت أن تصل إلى الهدف، يجب أن تركض مع
الآخرين».
فستكون قمة جوهانسبرج لمنتدى التعاون الصيني-الإفريقي مسرحًا تاريخيًّا لتعزيز التضامن وتنوير التعاون بين الصين وإفريقيا، كما سيكون للعلاقات الصينية-المصرية مستقبلًا واعدًا في إطار منتدى التعاون الصيني-الإفريقي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة