الحكومة الجزائرية تكشف عن عقوبات ضباط الجيش مخترقي "واجب التحفظ"
عقوبات صارمة أقرها قانون جرى تعديله في الجزائر لضباط الجيش المتقاعدين الذي يدلون بتصريحات تضر بسمعة المؤسسات والسلطات العامة
كشفت الحكومة الجزائرية عن مضمون القوانين الجديدة التي تنوي اعتمادها لتشديد قواعد "واجب التحفظ" على ضباط المؤسسة العسكرية، وذلك بعد موجة شهدتها الجزائر مؤخرًا ظهر خلالها عدد من الضباط المتقاعدين من الخدمة في وسائل الإعلام الخاصة ينتقدون نظام حكم الرئيس الجزائري بوتفليقة.
وتنص العقوبات حسب ما تضمنته التعديلات على القانون الأساسي للمستخدمين العسكريين، على أن أي إخلال بـ"واجب التحفظ" بالنسبة للضبط المتقاعدين من الخدمة، يعرض صاحبه لـ"سحب وسام الشرف" و"رفع شكوى ضده لدى الجهات القضائية المختصة"، وكذلك "التنزيل في الرتبة".
ويلزم القانون بشكله الجديد، كل عسكري بعد التوقف النهائي عن الخدمة أن يظل ملزمًا بـ"واجب التحفظ" ويشير إلى أن أي إخلال بهذا الواجب من شأنه "المساس بشرف واحترام مؤسسات الدولة" سيعرض صاحبه للعقوبات المذكورة.
وينص القانون على أنه "يتعين على العسكريين المحالين مباشرة إلى الحياة المدنية، أن يتحفظوا عن كل فعل أو تصريح أو سلوك من شأنه الإضرار بسمعة المؤسسات والسلطات العمومية".
وتشير قراءات الصحف الجزائرية إلى أن الغرض من تشديد القوانين، هو إيقاف التصريحات شديدة الانتقاد التي وجهها عدد من ضباط المؤسسة العسكرية المتقاعدين، إلى الرئيس بوتفليقة وقائد أركان الجيش مؤخرا، بحيث صار واجبًا على الضباط حتى وهم في التقاعد عدم الإدلاء بأي تصريح يفهم على أنه إساءة لمؤسسة الرئاسة أو الجيش.
وكان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة قد ترأس مجلسًا للوزراء قبل نحو أسبوعين، رغم أزمته الصحية، وصادق على مشروعي قانونين يتضمنان تعديلات على القانون الأساسي العام لضباط الاحتياط والقانون الأساسي العام للمستخدمين العسكريين، بهدف تعزيز القواعد المسيرة لـ"واجب التحفظ" بالنسبة إلى الضباط العامين والضباط السامين المتقاعدين.
وسارعت الحكومة الجزائرية إلى عرض المشروعين على المجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى للبرلمان)، من أجل المصادقة عليه في أقرب وقت قبل انتهاء الدورة الربيعية للبرلمان المقررة في 2 يوليو/تموز المقبل، وتشير مصادر برلمانية إلى إمكانية تمديد هذه الدورة حتى 23 يوليو/تموز في حال لم يسعف الوقت البرلمان في المصادقة على القانون.
وتسعى الرئاسة الجزائرية بهذه القوانين، بحسب مراقبين إلى عدم تكرار ما جرى قبل 8 أشهر، عندما أطلق اللواء المتقاعد حسين بن حديد، قائد الناحية العسكرية الثالثة سابقًا، تصريحات مثيرة للجدل بخصوص الرئيس بوتفليقة وشقيقه المستشار برئاسة الجمهورية وقائد أركان الجيش الوطني الشعبي.
وذكر بن حديد خلال حديثه في إحدى القنوات الإذاعية أن "هناك مشروعًا لتوريث الحكم يجري التحضير له في الجزائر لصالح شقيق الرئيس، السعيد بوتفليقة"، ولم يلبث بن حديد سوى أيام حتى جرى اعتقاله بتهمة إفشاء أسرار عسكرية، ولا يزال إلى الآن في الحبس الاحتياطي من دون محاكمة، رغم استغاثة محاميه مرارًا بسبب لوضعه الصحي المتدهور.
كما اتُهم الفريق المتقاعد محمد مدين المدعو توفيق قائد المخابرات السابق والرجل النافذ في النظام الجزائر على مدار 25 سنة، بخرق واجب التحفظ أيضًا، عندما كتب رسالة إلى الرأي العام الوطني في بداية ديسمبر/كانون الأول الماضي، مطالبًا بـ"رفع الظلم" عن أحد كبار معاونيه.
وباتت تدخلات اللواء خالد نزار، وزير الدفاع في زمن الرئيس الشاذلي بن جديد، تثير حفيظة المقربين من الرئيس بوتفليقة، بسبب انتقاداته اللاذعة لنظام الحكم عبر أحد المواقع الإخبارية التي يمتلكها نجله.
وكان أحمد أويحيى مدير ديوان الرئاسة، والشخصية المقربة من بوتفليقة، قد نفى وجود نية لدى السلطات الجزائرية باستهداف ضباط بعينهم، مشيرًا إلى أن الضباط المتقاعدين في كل دول العالم ملزمون بواجب التحفظ، ولكن "المعارضة تعتقد أن لهذا القانون وتوقيت صدوره أهدافًا أخرى، تتعلق بإخفاء تفاصيل الصراع بين الرئاسة وجهاز المخابرات السابق الذي جرى حله مؤخرًا.