بالصور.. بروفيسور عراقي يفتح جروح علماء بلاده وإهمال الحكومة لهم
وفاة زوجة الدكتور علي الهاشمي بالسرطان لم يمنع إبداعه
صورتان قاسيتان للعالم العراقي علي الهاشمي، المتخصص في الفيزياء الطبية بجامعة البصرة، والذي تخرج على يديه آلاف الأطباء.
كشفت مصادر مقربة من عائلة العالم العراقي علي الهاشمي لبوابة العين الإخبارية، أن الأستاذ الجامعي "مستاءٌ" من نشر صورتين له على مواقع التواصل الاجتماعي دون علمه وموافقته، موضحةً أنه اتصل مع عدة صفحات لإزالتهما، حيث يظهر فيهما جالساً على الأرض بانتظار استلام راتبه التقاعدي.
وأشارت المصادر إلى أن الهاشمي بحاجة لفترة معينة ليخرج من الحالة النفسية المتدهورة التي أصابته بعد نشر صورتيه في حالة مأساوية لعالم تخرّج على يديه آلاف الأطباء والأكاديميين ومشهد قاسٍ يعبر عن حالة العلماء في العراق، الذين لا يمتلكون حتى حساباً مصرفياً كحق طبيعي لهم.
وحاولت "العين" مراراً الاتصال بجامعة البصرة، حيث يدرّس فيها الهاشمي، لفهم حقيقة ما يجري، لكن دون جدوى.
وكان ناشطون عراقيون قد شنوا حملة تنديد على حكومتهم لتجاهلها حماية العلماء مادياً ومعنوياً، حيث نشروا صورتين للبروفيسور علي الهاشمي، المتخصص في الفيزياء الطبية "الفسلجة".
ماذا قال طلابه عنه؟
يعتبر علي الهاشمي من أكثر الأساتذة الجامعيين المحببين لدى طلابهم، بحسب لقاء بوابة العين الإخبارية مع 3 من طلابه، بالإضافة إلى تعليقاتهم المتعاطفة مع صور أستاذهم.
الدكتورة هدى الخفاجي، ناشطة مدنية في مجال حقوق الإنسان وطالبة سابقة لدى البروفيسور علي الهاشمي، تؤكد أنها ستتخذ إجراءً دولياً ضد ما حدث بحق أستاذها.
وتضيف هدى لبوابة العين الإخبارية: "لن ننسى تواضع الدكتور علي وإنسانيته، فقد كان صديقاً للطلاب قبل أن يكون أستاذاً، علماً أن مرض زوجته بسرطان القولون لم يؤثر على تدريسه لنا، حتى بعد وفاتها ظل مخلصاً لنا".
وتوضح الخفاجي أنه لو لم يكن الوضع المادي لأستاذها سيئاً لما رأته بهذه الحالة الإنسانية الصعبة، متسائلة: "ما المانع أن يستلم راتبه التقاعدي عبر بطاقات الصراف الآلي أو بظرف يصله إلى منزله؟ لماذا كل هذه الإهانة؟".
أما الدكتور عقيل عبد الزهراء، المقيم في البصرة أيضاً، فيقول إن زوجة البروفيسور علي الهاشمي كانت تدرّسهم مادة "علم الأدوية"، إلا أن مرضها الذي استمر حوالي 10 سنوات لم يشعر به إلا زوجها.
ويضيف عقيل عبد الزهراء لبوابة العين الإخبارية: "الأجمل في شخصية الدكتور علي طيبته قبل أن يكون أستاذاً لنا، فكان أباً لكل طالب في كلية الطب، وفوق هذا زهده في الحياة ونقاء روحه ودعابته التي استخدمها لكسر حاجز الخوف الذي يعتري الطلاب في أول دخولهم لكلية الطب".
بينما يسرد أحمد إسماعيل عبد الله، الذي لا يزال طالباً في كلية الطب، بكثير من الأسى مضمون الصورة التي تعود لأستاذه، فيقول إن أكثر الدروس التي استمتع فيها الطلاب كانت محاضراته، فالفيزياء الطبية أو "الفسلجة" رغم صعوبتها إلا أن أسلوب تدريسها من قبل علي الهاشمي جعلتها من أسهل المواد التي تعلم أساسيات الطب.
ويندد أحمد بوضع العلماء في العراق، موضحاً أن آلاف الأطباء تخرجوا وهم بحالة علي الهاشمي وأكثر.
بدورها، وجهت الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي، المتمثلة في دائرة شؤون المواطنين والعلاقات العامة، ما أشبه برسالة اعتذار إلى عائلة الهاشمي، بعد الإساءة إليه في إنجاز معاملته التقاعدية.
وقال محمد كامل، رئيس المهندسين في رئاسة الوزراء، بحسب بيان حصلت بوابة العين الإخبارية على نسخة منه، إن "مع العرض بأنه إن شاء الله يوم غد سوف يصحب جنابه وفد من قسم شؤون المواطنين في ديوان المحافظة لإنجاز أي متعلق في معاملته".
وبحسب الموقع الإلكتروني لجامعة البصرة، ترأس علي حسين الهاشمي فرع "الفسلجة" بين عامي 2005 و 2009، وكذلك بدءاً من 2012، مع إشرافه على مئات رسائل الماجستير والدكتوراه في الجامعة التي تأسست في 1964، وتتوزع كلياتها في كورنيش شط العرب وكرمة علي وباب الزبير والبراضعية.
تفاقم أزمة العلماء العراقيين
شهد العراق موجة نزوح كبيرة لأهم العلماء إبان الغزو الأمريكي سنة 2003، حيث استقبلت دول الاتحاد الأوروبي النسبة الأكبر منهم ثم أمريكا وغيرها من الدول.
ولا توجد إحصائية دقيقة لأعداد العلماء العراقيين، إلا أن تقديرات تشير إلى أن عدد العلماء الذين قُتلوا منذ سقوط نظام صدام حسين تجاوز 5500 عالم، بينما تعرض نحو 20 ألفا للتهجير والمضايقة منذ 4 أعوام، واتهام الموساد الإسرائيلي وأمريكا وجهات عراقية غير معروفة بتنفيذ عمليات الاغتيال، بحسب تقرير سابق عرضته وزارة التعليم العالي على الحكومة العراقية.
ويعيش علماء العراق في حالة مأساوية، وخاصة مع أساليب تنظيم داعش الإرهابي في تصفيتهم بين الفينة والأخرى، فيما نشرت مواقع عراقية أسماء أهم 141 عالماً تم اغتيالهم، وأغلبهم أساتذة جامعات وعلماء آثار كانوا ذوي مناصب وكفاءات رفيعة، تخلص منهم التنظيم.
يمكن مشاهدة هذا الفيديو للعالم علي الهاشمي في إحدى محاضراته: