19 دولة تتصدى للتغير المناخي بـ"تعهد غلاسكو".. لن نمول هذه المشاريع
تعهدت 19 دولة من بينها دول تسجل فيها انبعاثات كبيرة كالولايات المتحدة وكندا، الخميس في غلاسكو بوقف تمويل مشاريع مصادر الطاقة الأحفورية.
وتستهدف الدول التسعة عشر الموقعة على التعهد وقف تمويل المشاريع التي لا تترافق مع أنظمة احتجاز الكربون، في الخارج، بحلول نهاية العام 2022.
من جهة أخرى، أفادت دراسة علمية نشرت الخميس على هامش المؤتمر العالمي للمناخ "كوب 26" بأنّ الانبعاثات العالمية لثاني أكسيد الكربون قفزت في 2021 إلى مستويات قريبة من تلك القياسية المسجّلة خلال فترة ما قبل أزمة "كوفيد-19"، الجائحة التي تسبّبت بشلل اقتصادي عالمي أدّى إلى انخفاض كبير في انبعاثات غازات الدفيئة.
وجاء في بيان مشترك لـ19 دولة مشاركة في مؤتمر الأطراف حول المناخ المنعقد في غلاسكو في المملكة المتحدة برعاية الأمم المتحدة، "الاستثمار في مشاريع مصادر الطاقة الأحفورية غير المرفقة بأنظمة احتجاز الكربون، دونه مخاطر اجتماعية واقتصادية متزايدة وله تداعيات سلبية على عائدات الحكومات والعمالة المحلية والمكلفين والصحة العامة".
وقادت بريطانيا المبادرة للوصول إلى هذا البيان الذي تعهد موقعوه "وقف أي دعم مالي رسمي مباشر جديد لقطاع الوقود الأحفوري الدولي غير المرفق باحتجاز الكربون بحلول نهاية العام 2022".
وقال وزير الأعمال البريطاني جريج هاندز لدى عرضه المبادرة "وقف التمويل الدولي لكل مشاريع الوقود الأحفوري هو الحدود الحيوية المقبلة التي ينبغي احترامها لكي يبقى هدف 1.5 درجة مئوية في متناول اليد"، في إشارة إلى الهدف الطموح الوارد في اتفاق باريس للمناخ لحصر الاحترار المناخي بـ1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الحقبة الصناعية.
مبادرات أخرى
كما وافقت دول مجموعة العشرين أخيرا فقط على وقف دعم المشاريع الجديدة لإنشاء محطات طاقة تعمل بالفحم في الخارج. لكن الخطة التي أعلنت الخميس تشمل الغاز والنفط للمرة الأولى، وتعد بإعادة توجيه الأموال المخصصة لتلك المشاريع نحو الطاقة المتجددة.
وإذا تم احترام هذا الالتزام، فإن أكثر من 15 مليار دولار ستفيد الطاقة النظيفة، كما يقدر خبراء.
وفي مبادرة أخرى روجت لها الحكومة البريطانية، التزم أكثر من 40 بلدا "إعلان الانتقال من الفحم إلى الطاقة النظيفة"، وقدّم العديد منها التزامات مماثلة مثل بولندا وفرنسا.
ورغم ذلك، فإن دولا كبيرة منخرطة في هذا القطاع، مثل أستراليا والصين والهند والولايات المتحدة واليابان وروسيا، لم تكن من البلدان الموقعة.
في المقابل، ضمّت المبادرتان دولا تتمتع بالقليل من الثقل الاقتصادي الدولي منها جزر المالديف وجزر مارشال وفيجي ومالي والنيبال. كذلك كانت ويلز أيضا من الدول الموقعة التزام التوقف عن استخدام الفحم الذي كانت منتجا رئيسيا له، إلى جانب المملكة المتحدة التي ما زالت جزءا منها.
وذكر المنظمون على سبيل المثال الاتفاق المعلن في وقت سابق في مؤتمر الأطراف والذي تعهدت فيه ألمانيا والولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي تمويل "انتقال عادل للطاقة" بقيمة 8,5 مليارات دولار لمساعدة جنوب إفريقيا للتخلص من اعتمادها على الفحم لإنتاج الطاقة. وفي المقابل، جوهانسبرغ ليست من الدول الموقعة اتفاق الفحم.
ومع ذلك، أظهر المضيفون البريطانيون حماستهم، مثل ألوك شارما، رئيس كوب 26 الذي قال "نحن نصل إلى اللحظة التي نعيد فيها الفحم إلى كتب التاريخ"
ميزانيات الكربون
وأظهرت دراسة أجراها مركز "جلوبل كربون برودجكت"، وهو كونسورتيوم علماء دوليين يدرسون "ميزانيات" الكربون العالمية، أنّ إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم في 2021 سيصل إلى مستوى يقلّ بنسبة 0.8% فقط عن مستواه في 2019.
وأضافت أنّ الانبعاثات الناتجة عن استخدام الفحم الحجري في 2021 ستتجاوز المستوى الذي كانت عليه قبل الجائحة ولكنّها ستبقى دون مستواها القياسي المسجّل في 2014.
أما الانبعاثات الناتجة عن استخدام الغاز الطبيعي، فستبلغ في 2021 أعلى مستوى لها على الإطلاق، وفقاً للدراسة.
وبسبب جائحة كوفيد-19، فرضت غالبية دول العالم قيوداً على التنقّل وأغلقت قطاعات عدّة من الاقتصاد القائم بشكل أساسي على الوقود الأحفوري، الأمر الذي تسبّب في 2020 في انخفاض ضخم في إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة بلغ 5.4%.
أمّا في 2021 فمن المتوقّع، وفقاً للدراسة، أن يرتفع مستوى الانبعاثات بنسبة 4.9% لتصل إلى أقلّ من 1% من المستوى القياسي المسجّل في 2019.
وتتعرض الدول لضغوط للقيام بالمزيد من أجل الحد من تغير المناخ من ناحية وحماية السكان من الكوارث الطبيعية من ناحية أخرى، مع هدف يحدّ الاحترار العالمي بـ1.5 درجة مئوية والتأكيد على فكرة أن كل عُشر درجة له أهمية.
"ذروة" الانبعاثات
وجاء التقرير بينما تعقد قمة "كوب 26" للمناخ التي تستمر 13 يوما، والتي شهدت انتقادات وجهتها الولايات المتحدة لكل من الصين وروسيا حول عدم التعامل بجدية مع مكافحة الاحترار المناخي.
وبالنسبة إلى توزّع الانبعاثات في 2021 بحسب المناطق الجغرافية، توقّعت الدراسة أن تسجّل الصين، أكبر مصدر للانبعاثات في العالم منذ 2007، قفزة في حصّتها لتصل إلى 31%، أي ما يقرب من ثلث ما ينتجه العالم بأسره من انبعاثات.
وقد يرتفع التلوث الكربوني من النفط مع تعافي قطاعات النقل والطيران من جائحة كوفيد، بحسب الدراسة التي نشرت في مجلة "إيرث سيستم ساينس داتا".
وتعني نتائج التقرير أن الانبعاثات المستقبلية لثاني أكسيد الكربون قد تتجاوز المستوى القياسي المسجل في عام 2019 والذي بلغ أربعين مليون طن.
وتتماشى هذه الأرقام مع توقعات المنظمة الدولية للطاقة التي قالت إن الانبعاثات من الطاقة ستصل إلى أعلى مستويات لها على الإطلاق في عام 2023.
وأكد مدير الأبحاث في مركز أبحاث المناخ الدولي في أوسلو غلين بيترز المشارك في التقرير "ربما سنبدأ الحديث عن ذروة الانبعاثات في 2023 و2024".
زيادة في الانبعاثات
ووجد التقرير أن هناك عودة إلى أنماط ما قبل كوفيد بين الدول الأربع التي تشكل أكبر مصدر لانبعاث الكربون في العالم، والتي تنتج 60% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم.
في الصين التي تعهدت بأن تبلغ الانبعاثات ذروتها "قبل" 2030، وأن تحقق الحياد الكربوني قبل 2060، سيشهد النمو الاقتصادي المدفوع بحوافز حكومية زيادة في الانبعاثات بمقدار 5.5% هذا العام مقارنة بـ2019.
وأشار بيترز الى أن "الانتعاش في الصين كان قويا"، موضحا "يبدو أن الصين تمر بمرحلة نمو قوي مرة أخرى".
ومن المتوقع أن تشهد انبعاثات الهند ارتفاعا في فترة الانتعاش الاقتصادي بعد الوباء العام 2021 بما يفوق مستويات 2019، بينما ستنخفض الانبعاثات في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بمقدار 3.7% و 4.2% على التوالي، وستكون نسبتهما من الانبعاثات العالمية 14% و17%.
aXA6IDUyLjE1LjE3MC4xOTYg جزيرة ام اند امز