بعد 66 يوما من مشاورات الكويت.. لا جديد تحت شمس الأزمة اليمنية
ما يلبث المبعوث الأممي، أن يعلن عن حدوث تقدم في مشاورات السلام اليمنية، حتى يفاجئه الحوثيون بما يجعله يتراجع عن نغمة التفاؤل
ما الذي حدث في المشاورات التي تستضيفها الكويت منذ 66 يومًا، بغية الوصول إلى اتفاق سلام ينهي الأزمة اليمنية؟
الحساب الرسمي للمبعوث الدولي للأزمة اليمنية إسماعيل ولد الشيخ على تويتر، ربما يقدم إجابة على هذا السؤال، فما يلبث أن يعلن من خلاله عن حدوث تقدم في مشاورات السلام، وأنهم باتوا أقرب إلى الاتفاق من أي وقت مضى، حتى يفاجئه الحوثيون بما يجعله يتراجع عن نغمة التفاؤل.
فولد الشيخ الذي قال في 29 مايو/أيار "نحن على الطريق الصحيح والمرحلة المقبلة ستكون حاسمة"، هو نفسه الذي قال في 2 يونيو/حزيران: " لقد شهدت الأيام الماضية إعادة خلط للأوراق السياسية حول العديد من القضايا".
وولد الشيخ الذي وصف في 10 يونيو/حزيران الأرضية المشتركة التي تجمع الوفدين بأنها واسعة وتسمح بالبناء عليها، وصولا إلى اتفاق، هو نفسه الذي وصف في 21 يونيو/حزيران، الهجوم المباغت الذي شنه الحوثيون على جبل جالس بغية السيطرة عليه، بأنه "تطور خطير يمكن ان يهدد المشاورات برمتها".
هذه الحالة التي لا يدوم فيها التفاؤل طويلا، لا تعطي انطباعا بأن هذه المفاوضات أخذت طريقا سيفضي في النهاية إلى نتيجة ملموسة تنهي الأزمة اليمنية، وهو ما يبدو واضحا بعد 66 يومًا من المشاورات، حيث لم تحقق إلى الآن أي تقدم يذكر، مع أنها انطلقت وفق مرجعية حددها المبعوث الأممي، وهي قرار مجلس الأمن 2216، والذي يدور مضمونه حول إنهاء الانقلاب والعودة إلى العملية السياسية.
وبينما كان مخططًا أن تسير المفاوضات في طريق البحث عن آليات تنفيذ هذا القرار، تمكن الحوثيون من السير بها في اتجاه آخر؛ وهو معالجة آثار انقلابهم، بدلا من التركيز على جوهر المشكلة، وهو إنهاء الانقلاب.
فقضية الأسرى والمعتقلين، وهي إحدى آثار هذا الانقلاب، يكشف الحساب الرسمي للمبعوث الأممي للأزمة، أنها أخذت جانبًا كبيرًا من النقاشات، أفضت في النهاية إلى اتفاق بأن يقوم كل طرف بالإفراج عن الأسرى والمعتقلين كبادرة لحسن النية.
ورغم ترحيب المبعوث الدولي بالتقدم الذي تم إحرازه في هذا الملف، إلا أن مصادر محلية كشفت في وقت سابق لبوابة العين الإخبارية، عن أن الحوثيين أفرجوا عن جنائيين متهمين بتجارة المخدرات، وأبقوا على المحتجزين السياسيين، في التفاف واضح على الاتفاق.
وإذا كان المفاوضون يحتاجون إلى 66 يومًا للوصول إلى هذا الاتفاق الفرعي، الذي لا يدخل في صلب المفاوضات، فكم من الوقت يحتاجون للوصول إلى اتفاق ينهي أصل الأزمة؟
أغلب الظن أنهم لن يصلوا لهذا الاتفاق؛ لأن الحوثيين لا يرغبون أن يحتكموا لرأي الشارع عبر ممارسة ديمقراطية، وكل غايتهم في المفاوضات هو الوصول إلى اتفاق يمنحهم شرعية للوجود كشريك في سلطة اغتصبوها بالقوة.
وفي وقت سابق، عبر عبدالملك المخلافي، وزير الخارجية اليمني، ورئيس الوفد الحكومي المفاوض في مشاورات السلام بالكويت، عن هذا المعنى، بقوله في تغريده على حسابه بتويتر: "هناك هوة واسعة في النقاش.. نحن نناقش من أجل عودة الدولة لتكون مصدر أمان للجميع وهم يفكرون فقط بالسلطة وتقاسمها.. ويطالبون بحكومة توافقية".
وأضاف: "مطالبنا ومعنا شعبنا اليمني استعادة الدولة والسلام، وهم يقولون بصريح العبارة تعالوا نتفق على السلطة وإلا فلن تحصلوا على الدولة ولا السلام".
وتكشف ممارسات الحوثيين عن أنهم لن يبرحوا هذا الخط الذي رسموه لأنفسهم، وأن وجودهم في المفاوضات ما هو إلا وسيلة يكسبون بها مزيدًا من الوقت، من أجل الترتيب لتعيينات جديدة في المناصب الحكومية، يحكمون بها السيطرة على مفاصل الدولة، والسيطرة على مناطق جديدة، كما حدث قبل أيام في منطقة جبل جالس الإستراتيجية.
فإلى أي مدى سيستمر مسار المفاوضات محققًا الهدف الذي يبغاه الحوثيون؟ ربما يأتي اليوم الذي يجيب فيه المبعوث الأممي على هذا السؤال عبر تغريدة جديدة.