إثر التطبيع التركي الإسرائيلي.. من يتحكم في نفط البحر المتوسط؟
مستوى جديد من العلاقات التركية الإسرائيلية في اتجاه صريح نحو التطبيع على المستوى السياسي بين البلدين وما يعقبه من تعاون اقتصادي متوقع
مستوى جديد من العلاقات التركية الإسرائيلية في اتجاه صريح نحو التطبيع على المستوى السياسي بين البلدين وما يعقبه من تعاون اقتصادي متوقع خلال الفترة المقبلة، ضمن إستراتيجية جديدة تتبناها تركيا للتصالح مع كل الأطراف التي جمعتها معها خلافات خلال الفترة الماضية مثل مصر وروسيا، فيما يعرف دبلوماسيا بسياسة الصفر.
ولا شك أن ما يخفيه الاتفاق من نتائج على مستوى الاقتصاد ستنعكس تبعاتها على المنطقة بأكملها وفقا لتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحفي عقده من العاصمة الإيطالية روما، لافتًا إلى أن له "أهمية اقتصادية وأمنية كبيرة ستنعكس على المنطقة".
وأكثر ما يمكن أن تتأثر به اقتصاديات المنطقة، ودول شرق البحر الأبيض المتوسط، قطاع الطاقة الذي يعتمد بنسبة كبيرة على حقول الغاز في المياه الإقليمية للبحر المتوسط، خاصة مع وجود صراعات ثلاثية بين مصر وإسرائيل وتركيا حول اكتشافات حقول الغاز بالمتوسط، وهو ما تسعى مصر إلى حسمه بإرسال خرائط موثقة للطرفين تميز نقاط التلاقي بالمياه الاقتصادية لها مع قبرص وغزة.
الدكتور رمضان أبوالعلا -خبير البترول والطاقة- يرى أن التقارب ما بين تركيا وإسرائيل حتمًا سيؤثر على قطاع البترول والطاقة بالمنطقة، لكثرة المناطق التي بها تداخلات وتشابكات لحقول البترول في المياه العميقة للبحر الأبيض المتوسط بين قبرص واليونان وتركيا إضافة إلى مصر.
ومعلوم أن مصر واليونان والجزء التركي من قبرص كانت تشكل "لوبي" بمياه المتوسط للاستفادة القصوى من حقول الغاز بتلك المنطقة، وإسرائيل تسعى جاهدة أن تكون طرفًا رابعًا في هذا التحالف عن طريق تطبيع العلاقات مع تركيا، وفتح قنوات دبلوماسية لتحسين العلاقات مع دول أخرى؛ لأن إسرائيل يعنيها بالدرجة الأولى أن تكون لها علاقات مع كل دول المنطقة إعمالا لمصالحها الاقتصادية.
وعن تأثير الوضع الجديد على مصر، قال "أبوالعلا" لبوابة العين الإخبارية، إن مصر أهدرت العديد من حقوقها البحرية في الوقت التي تسعى فيه دول الجوار لاستغلال أقل الفرص لتدعيم حقها في نفط البحر المتوسط، مطالبًا بإعادة النظر في مسألة ترسيم الحدود بين مصر وقبرص واليونان.
وكشف عن أن حقلي أفر وديت وليفياثان الواقعين شرق البحر المتوسط يقعان في المياه الإقليمية لمصر، وأعتقد ان المواءمات السياسية بالمنطقة تجبر مصر على القبول بالوضع الحالي وخارطة الترسيم المتفق عليها سلفًا.
يشار الى أن نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي قال: "الآن من الممكن توريد الغاز من إسرائيل إلى تركيا ومنها إلى أوروبا.. من دون الاتفاق كان من المستحيل فعل ذلك".
وردًّا على سؤال حول احتمالات تعزيز الروابط في مجال الطاقة بين البلدين، قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم خلال مؤتمر صحفي "إن تطبيع العلاقات السياسية والاقتصادية مع إسرائيل ستكون له الأولوية عند تنفيذ الاتفاق بين البلدين".
من ناحيته، أكد الدكتور إبراهيم زهران -الخبير البترولي ووكيل وزارة البترول المصرية الأسبق- أن التقارب بين إسرائيل وتركيا طبيعي، فالمصلحة الاقتصادية هي الحاكمة في العلاقات بين الدول وبناءً على ذلك تتشكل سياسات الدول تجاه بعضها البعض على الرغم مما قد يشوبها من أزمات طفيفة، كما حدث لتركيا مع إسرائيل بعد العبارة "مرمرة"، ومع روسيا عقب إسقاط الطائرة.
وأضاف زهران لبوابة العين، أن ما يشاع من تخوفات عن خسارة مصر لحقوقها في نفط البحر المتوسط بفعل هذا التطبيع التركي الإسرائيلي، مجرد تخيلات لا ترقى إلى الواقع، لأن مصر لا تربطها أي نقاط حدودية مع تركيا، إضافة إلى أن حقل "ظهر" المصري يعمل يكامل طاقته بمياه مصر الإقليمية، دون تخوفات من أي تغيير يطرأ في العلاقات الاقتصادية بين دول المتوسط.
وحسب قراءات المعنيين بالشأن التركي والإسرائيلي، فعلى الرغم من الجوانب الخفية للعلاقات الاقتصادية التي قد تطرأ على ضوء اتفاقية التطبيع بين تركيا وإسرائيل، إلا أن الأيام القليلة المقبلة ستكشف عن ملامح التغيرات في خارطة العلاقات الاقتصادية بين البلدين وعلى رأسها ملف الطاقة، خاصة بعد تصريح رئيس وزراء إسرائيل عن استخدام تركيا كبوابة لتصدير الغاز إلى دول أوروبا.
aXA6IDMuMTI5LjQ1LjE0NCA= جزيرة ام اند امز