قطاع العقارات المصري يسيطر عليه "جنون" الأرقام، ورغم أن العرض أكبر من الطلب إلا أن الأسعار تشتعل يوميا وبدون مبرر..
"جنون" أسعار العقارات في مصر.. تحولت من ظاهرة إلى أزمة باتت تؤرق المواطنين المصريين يوما بعد يوم، وانتقلت بدورها إلى خبراء التخطيط العمراني والإسكان الذين بادروا بالبحث عن أسباب الارتفاع غير المبرر للعقارات في ظل زيادة المعروض منها بنسب تفوق الباحثين عن وحدات سكنية.
بوابة "العين" الإخبارية حصلت على أرقام هامة بشأن العقارات في مصر تؤكد أن قطاع العقارات في مصر يعاني "شيزوفرينيا"، البيانات المنسوبة إلى الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء ووزارة الإسكان المصرية، تفيد بأن عدد الوحدات السكنية الفارغة في مصر 8 مليون و300 ألف وحدة، وأن احتياج المصريين من الوحدات السكنية حتى عام 2020 سيبلغ 4 مليون و600 ألف وحدة على الأكثر، مما يعني وجود خلل في معادلة العرض والطلب، وبحسب الدراسة التي أعدها الدكتور أبو زيد راجح وكيل وزارة الإسكان ورئيس المركز القومي لبحوث الاسكان السابق، فإن مصر لديها وحدات سكنية قائمة تكفي حتى عام 2025 دون إنشاء أي وحدات سكنية جديدة.
والملاحظ لسوق الإعلانات بمختلف أنواعها وأشكالها الدعائية في مصر مؤخرا، يجد سيطرة تامة لقطاع العقارات، ما بين الكومباوندات الفاخرة والوحدات المنفردة والمنتجعات والقرى السياحية، بأسعار لا تتناسب مع متوسط دخل الفرد لأكثر من 95 % من المواطنين في مصر، وقد يصل سعر الوحدة السكنية المكونة من قطعة واحدة بمساحة 150 متر إلى مليون جنيه، فيما وصفه البعض باستفزاز مشاعر الشعب.
وبحسب المهندس خالد عباس، نائب وزير الإسكان للشئون الفنية، فإن حجم الاستثمارات بالسوق العقارية في العام الحالي 2016 بلغ 200 مليار جنيه مع توقعات بنموها 20% حتى نهاية العام، حيث يشهد التطوير العقاري في مصر طفرة غير مسبوقة على مستوى الإسكان الاجتماعي التابع للدولة والمشروعات الخاصة وشبكات الطرق.
الدكتور رضا حجاج، أستاذ التخطيط العمراني والخبير السابق بالأمم المتحدة، قال إن الإسكان في مصر أزمة مفتعلة ناتجة لعدة أسباب، أهمها "تجارة المرافق"، موضحا أن المرافق في مصر يتم تنفيذها بأعلى سعر في العالم على الإطلاق.
وفي تصريحات لبوابة العين الإخبارية، فسر "حجاج" الأسباب المباشرة وغير المباشرة لارتفاع أسعار العقارات، حيث عزاها إلى أسباب محلية، أولها أن نسبة الإشغال في المدن الجديدة لا تتعدى 5% فقط على الرغم من تمليك 40 % من وحدات الإسكان بها، ما يعني وجود فائض بنسبة 95 %، وهنا أدارت الحكومة ظهرها لتلك النسب ولم تكلف نفسها لعمل دراسة أو بحث لكشف نفور المواطنين عن السكن بتلك الوحدات بل شرعت في بناء مدن جديدة بنفس الكيفية لتزيد من مسببات الأزمة.
والسبب الثاني يعود إلى عدم وجود إرادة سياسية لحل مشاكل المواطنين، ربما مصر أثقلتها أزمات كثيرة وعصفت بها الأحداث الأخيرة فلم ينظر إلى احتياجات المواطن في المقام الأول، وأهم احتياجاته التي تتمثل في سكن بأسعار مناسبة.
"غياب الرؤية" كان سببا ثالثا لتفاقم الأزمة والارتفاع الجنوني للعقارات، فالأرقام المنسوبة إلى الجهاز المركزي للتعبئة غير معلن عنها للمواطنين من قبل الحكومة، وبالتالي فليس معلوما لدى المتعاملين بسوق العقارات أن العرض يصل إلى ضعف الطلب وهو ما يفوت على المواطن فرصا لتقليل الأسعار ويمنح الملاك والمستثمرين مساحة أكبر لفرض أسعار خيالية.
أما السبب الرابع، فأرجعه خبير التخطيط العمراني إلى عدم اتباع الأسلوب العلمي منذ البداية وحتى الآن، فالمسؤولون لا يعتمدون على العلماء المتخصصون لمجابهة تلك الأزمات، وربما يوجد خبراء مضللون أصحاب منافع أو مآرب شخصية يفاقمون الأزمة، أما السبب الخامس فكان التغول الرأسمالي التقليدي في مجال التنمية العقارية الذي مهدت له الدولة بطريق الخطأ ونفذته بالخطأ أيضا.
aXA6IDE4LjE5MC4xNzYuMTc2IA==
جزيرة ام اند امز