الولع بالأناقة والجمال.. شعار المرأة في مصر القديمة
اكتشفت المرأة الفرعونية، منذ آلاف السنين، أسرار الأنوثة والدلال وفنون التزين والتجميل وعرفت خطوط "الموضة".
في روايته التاريخية الشهيرة "رادوبيس"، يصف الروائي الراحل نجيب محفوظ، بتفصيل ودقة، كيف كانت المرأة المصرية القديمة تعتني اعتناءً كبيرًا بجمالها، وتعتد بأنوثتها لدرجة التفنن في إبداع ملابسها وزينتها عطرها، كل ذلك في مشاهد روائية غاية في الروعة والجمال والتأثير. وإذا ما فارقنا مجال الرواية والتخييل إلى مجال التاريخ والآثار والحقائق المعروفة سنجد أن المرأة المصرية القديمة قد اكتشفت منذ آلاف السنين أسرار الأنوثة والدلال، وفنون التزين والتجميل وعرفت في ما عرفت معنى خطوط "الموضة" و"الشعر المستعار" وأبهى أنواع الملابس وأجمل الروائح العطرية، وكأنما كانت هي الأسبق إلى اختراع ما نعرفه الآن باسم بيوت الخبرة العالمية في الأزياء وأدوات التجميل.. إلخ.
العناية بالبشرة
اهتمت المرأة المصرية القديمة ببشرتها واستخدمت الزيوت، والدهانات الزبدية، للحفاظ على نضارتها وليونتها عن طريق ماسكات "قناعات" طبيعية من عسل النحل، وكذلك استعملت زيت البابونج والحلبة، وزيت الخروع، وزيت زهرة اللوتس لترطيب البشرة وللتخلص من النمش ومقاومة التجاعيد، كما استعملت أنواعًا معينة من الطين الغني بالعناصر الطبيعية والمعدنية المتوفرة في طمي النيل لعمل ماسكات طبيعية الذي يقوي البشرة ويحافظ عليها.
مستحضرات التجميل
كما عرفت المرأة المصرية بودرة الوجه، وصنعتها من حجر "التلك"، وذلك بطحنه وتجميع ذراته المتطايرة باهتزاز مروحتها، لتحصل على بودرة الوجه، كما كانت تقوم بطلاء شفتيها باللون الأحمر وكان يصنع من الشحم مع بعض النباتات، وكانت تضيف بعض "الراتنج" والدهون للمحافظة على ليونة الطلاء والشفاه وإكسابها بريقًا مميزًا، وكانت توضع بواسطة فرشاة أو بملاعق التجميل، وتوجد في متحف تورينو بإيطاليا بردية عليها رسم لسيدة مصرية تمسك بيديها فرشاة لتحديد الشفاه قبل طلائها.
واهتمت المرأة الفرعونية أيضًا بنعومة جسدها، وحرصت على التخلص من الشعر الزائد به من خلال شفرات حادة صنعت من معادن مختلفة أو أحجار شديدة الصلابة، وقد عثر بمقبرة أم الملك خوفو على شفرات صنعت من الحجر محفوظة في أكياس من الجلد، كما عثر على بعض الأدوات الدقيقة والأحجار الإسفنجية التي كانت تستخدم لتنعيم الكعبين وتنظيف وتهذيب الأظافر.
كحل العيون
وأبدعت المرأة في مصر القديمة في رسم خطوط العين في انسجام وتوافق رائع مع خطوط الحاجبين كلمسة جمالية من ناحية، ولحماية العين من وهج وحرارة الشمس المصرية باستخدام الكحل "الملاخيت" وهو خام أخضر مائل للزرقة من خامات النحاس يوجد في سيناء والصحراء الشرقية، وكحل "الجالينا" وهو خام من خامات الرصاص يتوافر بكثرة في جنوب الوادي بالقرب من أسوان، والكحل البلدي "السناج" وهو مركب أسود من الدخان، يتم تحضيره بإحراق بذور الكتان أو قشر اللوز.
العناية بالشعر
وتكاد تجمع كل المصادر القديمة، على أن المرأة الفرعونية كانت تهتم بزينتها وبتصفيف شعرها غاية الاهتمام، والعديد من النقوش الفرعونية يثبت أن مهنة مصففة الشعر كانت معروفة في مصر القديمة. وقد تعددت التسريحات في مصر القديمة، ومن بينها تضفيره في ضفائر صغيرة، أو تسريحة الشعر المجعد ما بين الطويل والقصير. وقد عرفت المرأة المصرية القديمة الشعور المستعارة (الباروكات) وكانت ترتدي في أغلب الأحيان في الاحتفالات. ولقد عثرت بعثة أثرية في تل العمارنة على جمجمة امرأة مصرية، توفيت منذ 3000 عام تضع على رأسها شعرًا مستعارًا، بالإضافة لـ70 وصلة تطويل تم تثبيتها في أنحاء متفرقة من رأسها، وكذلك عثر على 28 مومياء في الفترة من 1353-1335 وكانت تضع الشعر المستعار.
كما عرفت مثبتات متنوعة للشعر من المواد الراتنجية والدهون الحيوانية، واستعملت الأصباغ المستخرجة من قشر الرمان، والكركم، لصبغ الشعر باللون الأصفر والوردي، لإخفاء الشيب وإضفاء لمسة جمالية على الشعر.
أدوات التجميل
صنع المصري القديم العديد من أدوات الزينة والتجميل مثل "المشط" وكان يصنع من الخشب أو العاج، وكان نوعين؛ "الأول" واسع لفرد الشعر و"الثاني" ضيق للتنظيف والتسليك وتسمى "فلانية"، ومن أهم الأدوات التي تستعملها المرأة في الزينة والتجميل هي "المراية"، وكانت تصنع من الذهب، أو الفضة، أو البرونز، ويضم المتحف البريطاني مجموعة من أدوات التجميل تعود إلى عام 1350 ق.م، والتي تدل على المرأة المصرية كانت أول خبيرة تجميل في التاريخ القديم عرف منها العالم أسرار الجمال والأنوثة.
aXA6IDMuMTM4LjY5LjEwMSA=
جزيرة ام اند امز