الجيش الجزائري يدعو "فلول إرهاب التسعينيات" للاستسلام
المبادرة فرصة جديدة أمام ما تبقى من الجماعات المسلحة التي نشرت الإرهاب في البلاد في التسعينيات لنبذ الفكر الإرهابي
دعا الجيش الجزائري الفلول الإرهابية إلى الاستسلام والتوبة عن الفعل الإرهابي "قبل فوات الأوان".
وتبدو إتاحة فرصة أخيرة أمام "ما تبقى" من الجماعات المسلحة- التي نشرت الإرهاب في البلاد في التسعينيات- لوضع سلاحها والاستفادة من تدابير ميثاق السلم والمصالحة الذي أُقر في 2005.
وجاء في بيان لوزارة الدفاع الجزائرية "أن الوزارة تدعو من تبقى من الإرهابيين لاغتنام هذه الفرصة للعودة إلى جادة الصواب قبل فوات الأوان، والاستفادة من التدابير القانونية سارية المفعول، على غرار الكثير ممن سلموا أنفسهم للسلطات الأمنية".
دعوة الجيش الجزائري تزامنت مع تسليم إرهابيين اثنين نفسيهما للسلطات العسكرية في مدينة جيجل (شرق البلاد)، وهما قياديان فيما يعرف بـ"تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، التحقا بالجماعات الإرهابية منذ أكثر من 20 سنة، أي مع بدء النشاط الإرهابي في الجزائر سنوات التسعينيات.
وبحسب البيان فإن الإرهابيين سلما نفسيهما في 8 سبتمبر/أيلول الجاري، ويتعلق الأمر بالمسمى "ب. عبد الحكيم" المكني "أبو دجانة" الذي التحق بالجماعات الإرهابية سنة 1992، والثاني فهو "ق.يزيد" الملقب بـ "المثنى" والتحق بالجماعات الإجرامية في 1993.
والملاحظ في البيان أنه لم "يشترط سقفا زمنيا" لاستسلام الإرهابيين، رغم أن التدابير القانونية سارية المفعول بحسب الخبراء الأمنيين يقصد بها ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي يعتبر القانون الوحيد الذي يشمل الجماعات الإرهابية.
وهذا يعني أن السلطات الجزائرية لا زالت تعول على قانون المصالحة لاستقطاب بقايا الإرهابيين، رغم استمرار الحملات الأمنية والعسكرية في مختلف مناطق البلاد، حيث تم القضاء على أكثر من 90 إرهابيا منذ بداية العام الجاري.
وبحسب الخبير الأمني، عمر بن جانة، في حديث مع بوابة العين الإخبارية، فإن "المقصود بالتدابير القانونية هو ميثاق السلم والمصالحة الذي تم إقراره 2005، خاصة وأن القانون لم يُشر إلى مدة معينة لانتهاء القانون؛ بما يعني أنه لازال ساري المفعول، ويبقى فرصة أمام المسلحين للتوبة عن العمل المسلح لكن بشروط وآليات واضحة ودقيقة".
وأضاف أن "دعوة الجيش تعكس المقاربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب التي لا تقتصر على الحل الأمني والعسكري فقط، والذي يبقى مستمرا وحقق نجاحا كبيرا، بل ترتكز أيضا على جوانب أخرى من أهمها العفو، والهدف من ذلك العمل على اجتثاث هذه الظاهرة بكل الوسائل".
وأقرت الجزائر قانونا للسلم والمصالحة الوطنية صوت عليه أكثر من 96 % من الجزائريين في 29 سبتمبر/أيلول 2015، أعقب قانون الوئام المدني، وتم تنفيذ الميثاق بوصفه قانونا في 28 فبراير/شباط 2006، حيث يحرص القانون على تسميتهم "بالمغرر بهم".
وساهم ذلك في وضع حد لأعمال العنف والجرائم التي شهدتها الجزائر منذ مطلع التسعينيات وخلفت قرابة 200 ألف قتيل ومئات المفقودين، وخسائر اقتصادية فاقت الـ 50 مليار دولار، وهي المرحلة التي اصطلح على تسميتها في الجزائر "العشرية السوداء"، في حين يسميها قانون المصالحة "المأساة الوطنية".
ومنذ إقرار قانوني الوئام المدني (سنة 1999) والمصالحة الوطنية (2005)، بلغ عدد المستفيدين من العفو بحسب أرقام رسمية أكثر من 15 ألف شخص، مع إعادة ما يزيد عن 4300 شخص إلى مناصب عملهم، في حين بلغ عدد الإرهابيين الذين تم القضاء عليهم 17 ألف إرهابي.
ويستثني القانون من العفو كل المتهمين بارتكاب مجازر جماعية ووضع المتفجرات في الأماكن العمومية والاغتصاب، مع منع كل من تم العفو عنهم من ممارسة أي نشاط سياسي مهما كان.