السودان بأسبوع.. اكتشاف "مليارات" البشير والمحتجون يتمسكون بسلطة مدنية
السودان شهد الأسبوع الماضي تصاعد المطالب بنقل السلطة إلى المدنيين ومحاكمة البشير وقيادات نظامه بتهم الفساد المالي
سيطرت حالة من الشد والجذب بين المجلس العسكري الانتقالي بالسودان وقوى "الحرية والتغيير" على أحداث الأسبوع الماضي، وسط تصاعد مطالب المعتصمين أمام مقر القيادة العامة للجيش بنقل السلطة للمدنيين ومحاكمة الرئيس المعزول عمر البشير وقيادات نظامه بتهم قتل المتظاهرين وإرتكاب جرائم إنسانية في دارفور والفساد المالي.
- ساحة الاعتصام بالسودان تعرض صور ضحايا حروب البشير
- المجلس العسكري السوداني: لا نسعى للسلطة وفترتنا الانتقالية لن تزيد على عامين
كما برز خلال الأسبوع الماضي اكتشاف السلطات السودانية مبالغ مالية ضخمة في مكتب البشير بالقصر الرئاسي بالخرطوم شملت 6 ملايين يورو، و5 مليارات جنيه سوداني.
ووسط مطالب للمعتصمين بضرورة نقل السلطة من المجلس العسكري الانتقالي إلى حكومة مدنية، أكد الأخير استعداده لتسليم السلطة مع احتفاظه بالسلطات السيادية للدولة ومضى بملاحقة رموز نظام الرئيس المعزول عمر البشير .
تصعيد غير مسبوق
والأحد الماضي، شهد تصعيدا غير مسبوق من قوى إعلان الحرية والتغيير بعدما اتهمت المجلس العسكري بالمماطلة في الاستجابة لمطالب الشارع ومحاولة الالتفاف على الثورة وإعادة إنتاج نظام المعزول.
وفي مؤتمر صحفي بساحة الاعتصام أمام قيادة الجيش بالخرطوم، أعلن الناطق الرسمي باسم تجمع "المهنيين السودانيين"، محمد الأمين عبد العزيز، تعليق التفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي لحين إبعاد ثلاثة أعضاء بالمجلس هم : عمر زين العابدين وجلال الشيخ والطيب بابكر بوصفهم امتدادا للنظام السابق.
كما دعا الأمين المجلس العسكري للاعتراف بقوى إعلان الحرية والتغيير كممثل شرعي للمحتجين وتشكيل مجلس سيادي من المدنيين والعسكريين، مشددا على أنهم سيعلنون هياكل السلطة بشكل منفرد خلال أيام قادمة إذا لم يستجب المجلس لمطالبهم.
اعتراف بقوى التغيير
وبعد تصعيد المحتجين وانضمام الآلاف من أقاليم السودان المختلفة لاعتصام قيادة الجيش، أعلن المجلس العسكري الانتقالي اعترافه بقوى الحرية والتغيير كممثل شرعي للمعتصمين ووضع وثيقة "إعلان الحرية والتغيير" كأساس للتفاوض.
كما تقدم أعضاء المجلس العسكري الانتقالي الثلاثي عمر زين العابدين وجلال الشيخ والطيب بابكر باستقالاتهم إلى رئيس المجلس العسكري الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في خطوة تبدو استجابة لمطالب منظمي الحراك الشعبي.
ورغم عدم البت في الاستقالات فإن هذه الخطوة وجدت ارتياحاً في الشارع السوداني باعتبار الثلاثي يدين بالولاء لتنظيم الحركة الإسلامية السياسية المنبوذة من قبل السودانيين .
ولطمأنة المعتصمين، قال المتحدث باسم المجلس العسكري الانتقالي الفريق ركن شمس الدين كباشي، في أكثر من مناسبة، إن المجلس لا يسعى للسلطة، ولا يرغب بالتواجد في سدة الحكم، لكنه يعمل فقط على تهيئة الظروف لاستكمال عملية التغيير في البلاد.
وأكد على أن "الفترة الانتقالية عامان قد تقل ولن تزيد، ولا نسعى للسلطة، نعمل على تهيئة الظروف لاستكمال عملية التغيير".
لجنة مشتركة لاحتواء الخلافات
ومساء الأربعاء، تمكن اجتماع مطول بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير في القصر الرئاسي من إعادة الأمور إلى نصابها واستئناف التفاوض.
وبحسب الفريق ركن شمس الدين كباشي، فإن الطرفين اتفقا على تشكيل لجنة مشتركة للنقاش حول النقاط الخلافية وتقديم مقترح مشترك، كما اعترف المجلس بقوى إعلان الحرية والتغيير ووضع وثيقتهم كأساس للتفاوض.
وعلمت "العين الاخبارية" من مصادرها أن المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير اتفقا على كافة المسائل المتصلة بتشكيل السلطة الانتقالية، وتبقى فقط المجلس السيادي.
ويتمحور الخلاف في تمسك قوى إعلان الحرية والتغيير –حسب المصادر – بضرورة أن يكون غالبية أعضاء المجلس السيادي مدنيين وبتمثيل عسكري محدود على أن تقتصر سلطاته على المهام التشريفية وحماية الثورة دون التدخل في السلطات التنفيذية، بينما يرى المجلس العسكري أن يكون غالبية الأعضاء عسكريين وبسلطات سيادية عالية.
قطار عطبرة يلفت الأنظار
كما شهد الأسبوع الماضي، وصول مئات المحتجين من مدينة عطبرة شمالي السودان على متن قطار إلى ساحة الاعتصام لاستكمال مطالب الثورة، حيث جرى استقبالهم بحفاوة كبيرة.
ويومها، اصطف الآلاف على جانبي خط السكة الحديد التي يسير عليها القطار قرب القيادة العامة للجيش وهم يهتفون "سقطت سقطت، عطبرة وصلت"، مرحبين بما أسموه "قطار الشوق" الذي يحمل عمال السكة الحديد بمحطة عطبرة.
وتحظى مدينة عطبرة، شمالي السودان، برمزية تاريخية لاحتضانها محطة السكة الحديد بالبلاد، ولديها مسيرة حافلة بمناهضة الأنظمة القمعية والشمولية لدرجة جعلت السودانيين يسمونها بـ"مدينة الحديد والنار".
كما تمثل عطبرة قلعة الاحتجاجات المناهضة للأنظمة التي مرت على حكم السودان، حيث كان لنقابة عمال السكة الحديد بالمدينة أدوار فعالة في ثورتي أكتوبر/تشرين الأول 1964 وأبريل/نيسان 1985 اللتين أسقطتا أنظمة حكم برئاسة إبراهيم عبود، وجعفر نميري.
و19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، اندلعت من عطبرة شرارة الثورة ضد الرئيس المعزول عمر البشير لتنتقل منها إلى باقي مدن البلاد.
أموال الرئيس المعزول
وخلال الأسبوع الماضي، ضبط المجلس العسكري مبالغ مالية ضخمة في مكتب الرئيس المعزول عمر البشير بالقصر الرئاسي شملت أكثر من 6 ملايين يورو، و351 ألف دولار، و5 مليارات جنيه سوداني.
والسبت الماضي، أعلن المجلس العسكري الانتقالي عن تشكيل لجنة لحصر أصول حزب البشير لمصادرتها ووضعها تحت تصرف وزارة المالية.
والخميس، ذكرت صحيفة "التيار" السودانية أن قيمة الممتلكات والأصول المملوكة لحزب المؤتمر الوطني بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير تصل إلى نحو تريليون ونصف التريليون جنيه سوداني، أي ما يعادل 31 مليار دولار أمريكي.
وقالت الصحيفة التي تصدر في الخرطوم، الخميس، إن حزب البشير يملك نحو 5 آلاف سيارة فارهة، 40% منها دفع رباعي، إلى جانب أكثر من 3 آلاف شركة، كما يملك واجهات استثمارية أخرى تستفيد من إعفاءات جمركية مع إرغام الجهات الحكومية على التعامل معها ضمن سياسة التمكين للتنظيم الإخواني.
وذكرت أن حزب البشير يملك 1500 مقر بمختلف أنحاء السودان؛ أهمها المركز العام بالخرطوم، والذي بلغت تكلفة تشييده 50 مليون دولار (نحو 30 مليار سوداني).
كما استحوذ حزب الرئيس السوداني المعزول على 189 مركزاً بمحليات السودان وأكثر من 126 بعواصم الولايات و1185 فرعا على مستوى الوحدات الإدارية.
ملاحقة قيادات النظام
كما شهد الأسبوع الماضي استمرار ملاحقة رموز النظام الإخواني البائد، حيث جرى اعتقال القيادي الإخواني نافع علي نافع ورئيس البرلمان الأسبق أحمد إبراهيم الطاهر، بينما وضع رئيس البرلمان المنحل إبراهيم أحمد عمر قيد الإقامة الجبرية في منزله بمدينة أمدرمان.
وفي 11 أبريل/نيسان الماضي، أنهى الجيش السوداني حكم البشير الممتد لـ30 عاماً، إثر دخول ملايين السودانيين في اعتصام مفتوح أمام مقر القيادة العامة للجيش مستمر حتى الآن، بعد طرحهم مطالب جديدة تتمحور في نقل السلطة لحكومة مدنية وتشكيل مجلس سيادة من المدنيين والعسكريين.
وجاء قرار القوات المسلحة بعزل البشير بعد احتجاجات استمرت نحو 4 أشهر منذ اندلاعها في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وأحال المجلس العسكري الانتقالي البشير إلى سجن كوبر القومي بالخرطوم، وفتح بلاغات في مواجهته بتهم الفساد المالي وغسل الأموال ومخالفة قوانين النقد الأجنبي.
aXA6IDMuMTM1LjIwNi4xNjYg جزيرة ام اند امز