سوريا 2017.. صعود الأسد واندثار داعش والأزمة "محلك سر"
"مناطق خفض التصعيد" و"إعطاء الأولوية للحرب على داعش".. كلمتا السر في سير التطورات الميدانية التي شهدتها سوريا على مدار عام 2017.
"مناطق خفض التصعيد" و"إعطاء الأولوية للحرب على داعش".. كلمتا السر في سير التطورات الميدانية التي شهدتها سوريا على مدار عام 2017، خاصة مع ما ترتب عليهما مع هزيمة التنظيم الإرهابي وبروز نجم الرئيس السوري بشار الأسد ميدانيا.
وتقف "بوابة العين" الإخبارية في التقرير التالي على أبرز تلك النقاط من خلال تناول هزيمة داعش في معركتي الرقة ودير الزور، وذلك بالتوازي مع دعوات تثبيت وقف إطلاق النار في عموم سوريا وخاصة في مناطق "خفض التوتر".
تمكنت روسيا الداعمة للأسد، وتركيا الداعمة للمعارضة، في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2016، من التوصل إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار في سوريا، مع استثناء تنظيمي "داعش" و"النصرة".
خفض التصعيد
الاتفاق سعى كل من روسيا وإيران، كضامنين عن النظام، وتركيا كضامن عن المعارضة إلى ترسيخه عبر جولات سلام عُقدت في العاصمة الكازاخية أستانة، وذلك عبر 8 جولات تبلورت بتثبيت وقف إطلاق النار وإنشاء مناطق "خفض التوتر".
وشمل "خفض التوتر" مناطق: الغوطة الشرقية، وبعض محافظات الجنوب السوري، وإدلب، وشمال حمص.
ورغم إعلان النظام السوري ترحيبه والتزامه بوقف إطلاق النار وما ترتب عليه من "خفض التصعيد"، إلا أن الغارات الجوية لطائراته وطائرات حليفه الروسي على عدد من تلك المناطق شككت من مدى جدية ذلك الالتزام.
وكان أبرز تلك الانتهاكات التي قام بها الرئيس السوري قيامه بهجوم جوي بالسلاح الكيماوي، في 4 إبريل/نيسان الماضي، على مدينة خان شيخون في ريف إدلب، وهو ما أدى إلى وقوع قرابة 100 قتيل أغلبهم من الأطفال، وإصابة نحو 400 آخرين.
ورغم نفي الأسد وحليفه الروسي مسؤولية دمشق عن هذا الهجوم، إلا أن منظمة الأمم المتحدة، ومن خلال لجنة التحقيق التي شكّلتها بالتعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، قالت في تقرير لها، صدر في أكتوبر/تشرين الأول، إن النظام السوري هو المسؤول عن هجوم "خان شيخون".
القصف لم يتوقف عند خان شيخون، وإنما امتد إلى مناطق أخرى من إدلب، فضلا عن استهداف الغوطة الشرقية وحماة وحمص وحلب ودمشق.
وساهم وقف إطلاق النار في تركيز الأعمال العسكرية للقوات السورية والمليشيات الداعمة لها على تنظيم داعش، وتحييد الأعمال القتالية بين النظام والمعارضة بشكل أو بآخر. وهو ما ساهم في عدم استمرار استنزاف قوات الأسد بشكل كبير.
داعش يتقهقر
تمكنت قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من الولايات المتحدة، من هزيمة تنظيم داعش الإرهابي في عاصمة خلافته المزعومة في سوريا (الرقة) في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
إعلان النصر من قبل "سوريا الديمقراطية"، ذات الأغلبية الكردية، أتى بعد معارك دامت قرابة 4 شهور منذ إعلانها الحرب على داعش في المدينة السورية في يونيو/حزيران الماضي. خاصة بعد إعلان واشنطن في يوليو/أيار الماضي دعمها الأكراد بالسلاح الثقيل ضد التنظيم الإرهابي.
وكان داعش تمكن من السيطرة على الرقة منذ 2013؛ إلى جانب "جبهة النصرة" و"الجيش السوري الحر"، لكن السيطرة الثلاثية على المدينة لم تستمر كثيرا؛ حيث استطاع داعش إحكام قبضته على كامل المدينة في يناير/كانون الثاني 2014 بعد ضعف الجيش السوري الحر وفك الارتباط مع "النصرة".
وأدت المعارك بين قوات سوريا الديمقراطية "قسد" وتنظيم داعش إلى مقتل قرابة 3250 شخصا بينهم 1130 مدنيا، وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وإلى شرق مدينة الرقة، حيث دير الزور، أعلن الجيش السوري في 3 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، استعادة السيطرة على دير الزور، المعقل الأخير لداعش في سوريا.
ومنذ 2014، كان التنظيم الإرهابي يسيطر على دير الزور، والتي تمثل أهمية استراتيجية كبيرة لمحاذاتها الحدود العراقية، ومن ثم وصل أماكن سيطرة التنظيم في البلدين العربيتين.
ولعبت موسكو دورا بارزا في تسهيل استعادة النظام السوري وسيطرته بالكامل على مدينة دير الزور، خاصة بعد استعادة قوات سوريا الديمقراطية على مدينة الرقة بدعم أمريكي، وذلك رغبة منها في تحقيق انتصار كبير وسريع على داعش مقارنة بالجهود الأمريكية ولتصبح أكثر نفوذا وقوة، بحسب محللين.
دعم الروس للنظام السوري عسكريا واستخباراتيا ساهم في سيطرة الثاني على المزيد من الأراضي التي خسرها أمام المعارضة أو تنظيم داعش.
وفي السياق ذاته، قال قائد مقر القوات الروسية في سوريا ألكسندر لابين، في 12 سبتمبر/أيلول الماضي، إن قوات النظام السوري تمكنت من تطهير 85% من الأراضي السورية من المتشددين.
وترى موسكو أن داعش انتهى في سوريا، وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من قاعدة حميميم، خلال زيارته الأولي إلى سوريا منذ 2011، إن قواته دحرت تنظيم داعش، معطيا الأوامر ببدء انسحاب جزئي لقواته من البلد العربي.
ويبدو أن موسكو ترى أن الحرب الأهلية السورية انتهت برمتها، وقال وزير الدفاع الروسي، في أغسطس/آب الماضي إن "فصل المعارضة السورية المعتدلة عن الإرهابيين، وتطبيق خفض التصعيد في سوريا أتاحا إنهاء الحرب الأهلية فعليا".
قواعد عسكرية
وجراء الحرب الأهلية السورية، التي تدخلت بها العديد من الأطراف الإقليمية مثل تركيا وإيران، والدولية مثل أمريكا وروسيا لضمان مصالحهم المتنوعة والمختلفة أيضا. ساهمت تلك الدول بشكل أو آخر في ضمان بقائها في البلد العربي حتى بعد هزيمة داعش.
وتتواجد القوات الروسية في سوريا في قاعدتي حميميم الجوية باللاذقية، وقاعدة طرطوس البحرية. اللتين تؤسس موسكو لوجود دائم بهما، وفق ما أعلن وزير الدفاع الروسي في 26 ديسمبر/كانون الأول.
وعن الوجود الأمريكي، قالت تقارير إعلامية إن واشنطن استفادت من دعمها الأكراد عبر إنشاء 3 قواعد عسكرية في المناطق التي يسيطرون عليها، وهم كوباني والحسكة وحلب على الحدود التركية السورية.
فيما توجد القوات البريطانية في قاعدة عسكرية بمعبر التنف الحدودي جنوب شرق حمص.
وعن تركيا، كشفت وسائل إعلام سورية في بداية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عن أن أنقرة استكملت تأهيل القاعدة العسكرية الأولى، في جبل الشيخ بركات بريف حلب الغربي، ضمن 8 قواعد تنوي إنشاءها في سوريا.
يضاف إلى ذلك الوجود التركي في منطقة إدلب منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ضمن اتفاق "خفض التوتر".
إيران هي الأخرى عملت على ضمان بقائها على الأراضي السورية، وقالت مصادر استخباراتية غربية، في 20 نوفمبر/تشرين الثاني، إن طهران أنشأت قاعدة عسكرية في منطقة الكسوة جنوب دمشق.
وخلفت الحرب الأهلية في سوريا أكثر من 320 ألف قتيل، وفقا لإحصائية أعدها المرصد السوري لحقوق الإنسان في الفترة من مارس/آذار 2011 حتى فبراير/شباط 2017.