2019.. عام صعود السياسيين العرب في أوروبا

من بينهم مهند الحلاق السياسي الألماني ذو الأصول العراقية الأقرب للفوز بمنصب عمدة مدينة جرافيناو في ولاية بافاريا جنوبي البلاد
برزت أسماء سياسيين من أصول عربية في سماء السياسة الأوروبية عام 2019، حيث أصبحت واحدة من أصول مصرية أول عربية ومسلمة تتولى رئاسة كتلة في تاريخ البرلمان الألماني.
كما خاض شاب من أصول مصرية انتخابات البرلمان الأوروبي على قائمة حزب الشعب النمساوي الحاكم، ونجح عراقي مهاجر في اختراق السياسة الألمانية.
أميرة.. أول مسلمة تترأس كتلة برلمانية
في 12 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، انتخبت كتلة حزب اليسار (معارض) في البرلمان الألماني، أميرة محمد علي، السياسية الألمانية ذات الأصول المصرية، وديمتار بارتش لرئاستها، حيث يتبع الحزب مبدأ الرئاسة المشتركة، وينتخب رجلا وامرأة لتزعم كتلته.
وفي كلمة مقتضبة عقب انتخابها، قالت أميرة: "إن رئاستها للكتلة البرلمانية هو بالأساس تكليف من النواب لتوحيد المجموعة الممثلة لحزب اليسار في البرلمان، وتجاوز خلافاتها".
ورغم أن حزب اليسار هو ثاني أصغر كتلة نيابية في البرلمان، ويبلغ عدد نوابه 69 نائبا، فإنه من الأحزاب المعارضة المهمة.
فهو إلى جانب حزب الخضر "يسار" (67 نائبا) والحزب الديمقراطي الحر "يمين وسط" (80 نائبا) يشكلون كتلة معارضة في مقابل كتلة حزب "البديل لأجل ألمانيا" اليميني المتطرف (91 نائبا)، صاحب أكبر كتلة برلمانية معارضة.
وكان فوز أميرة محمد علي بالمنصب مفاجأة، و"ذروة مسيرة سياسية خاطفة"، حسب وصف صحيفة "فرانكفورتر إلجماينه" الخاصة.
فوز أميرة بمنصبها الجديد أحدث مفاجأة كبيرة لأنها تعد من النواب غير المعروفين كثيرا، ولا يزيد عدد متابعيها على موقع التدوينات القصيرة "تويتر" على الألفين.
كما أنه لم يمضِ على وجودها في البوندستاج (البرلمان الألماني) أكثر من سنتين، فهي انتخبت لعضوية البرلمان لأول مرة عام 2017.
ودخلت أميرة عالم السياسة منذ 4 سنوات فقط، خاصة عام 2015، عندما انضمت لحزب "اليسار" في مدينة ألدنبرج بولاية ساكسونيا السفلى شمالي ألمانيا، التي انتقلت إليها من هامبورج قبل 10 سنوات.
ولم تعكس حياتها المهنية اهتماما كبيرا بالسياسة قبل ٢٠١٥، حيث إنها كانت تعمل محامية لشركة سيارات في ألدنبرج، بعدما درست الحقوق بجامعتي هامبورج وهايدلبرج.
إلا أن منفذها للسياسة كان زوجها الذي كان ناشطا سياسيا والتقته لأول مرة في ألدنبرج. ومع تطور علاقتهما، بدأت اهتمامات أميرة السياسية تتزايد رغم أنها كانت تطمح لأن تصبح قاضية.
ومع دخولها عالم السياسة، ووصولها إلى "البوندستاج" عام 2017، كانت اهتماماتها الرئيسية تتركز على البحث في حماية المستهلك والحيوان.
وبانتخابها زعيمة لكتلة حزب اليسار، باتت أول عربية ومسلمة تترأس كتلة نيابية في البرلمان الألماني.
وهي خطوة ذات دلالة كبيرة في ظل صعود اليمين المتطرف، حيث إن حزب "البديل لأجل ألمانيا" المعادي للمسلمين، ثالث أكبر كتلة برلمانية، وحزب المعارضة الرئيسي.
وفي مقابلة سابقة، قالت أميرة محمد علي إنها "لا تزور المساجد باستمرار، لكن دينها مهم بالنسبة لها"، لكن تكوينها الديني وأصولها المهاجرة يلعبان دورا كبيرا في توجهاتها المعادية للعنصرية والتمييز، وتنشط كثيرا في مكافحة الظاهرة.
مهند.. نجم ساطع في بافاريا
أما مهند الحلاق، السياسي الألماني ذو الأصول العراقية، يعد المرشح الأقرب للفوز بمنصب عمدة مدينة جرافيناو في ولاية بافاريا جنوبي ألمانيا، في الانتخابات التي ستجرى مارس/آذار المقبل، وفق صحيفة "باساور نويه برسه" الألمانية.
وأواخر الشهر الماضي، أعلن الحلاق، نائب رئيس الحزب الديمقراطي الحر في جرافيناو، ترشحه لمنصب عمدة المدينة، قائلا: "إنها تفتقر لسياسة مواكبة للقرن الواحد والعشرين".
وأضاف "يمكنني فعل الكثير للمدينة وللمواطنين".
وولد الحلاق في بغداد عام 1989، قبل أن تقرر أسرته مغادرة العراق في 2000 "من أجل البحث عن مستقبل أفضل لأطفالها"، وفق ما نقلته الصحيفة.
ومن ثم خاضت عائلته رحلة هجرة غير شرعية، بدأت بمغادرة العراق لتركيا، ومن الأخيرة عبر البحر المتوسط إلى إيطاليا، قبل أن تستقر في ألمانيا.
وكان الحلاق يبلغ من العمر 11 عاما حينما وصلت عائلته الأراضي الألمانية عام 2000.
وانتخابات جرافيناو لن تكون الظهور السياسي الأول للحلاق، حيث خاض انتخابات البرلمان الأوروبي في مايو/أيار الماضي، على قائمة الحزب الديمقراطي الحر، لكن جهوده لم تكلل بالنجاح.
ومنذ ٢٠١٧، يشغل الحلاق عضوية الهيئة العليا للحزب الديمقراطي الحر بمدينة جرافيناو، ويتولى أيضا منصب نائب رئيس هيئة تنقية الصرف الصحي في المدينة ذاتها.
ويتبنى الحلاق سياسية تدعم منح "الحماية الإنسانية" للاجئين الفارين من الحروب، بالتزامن مع تقوية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي كسبيل لوقف الهجرة غير الشرعية، بدلا من الاعتماد على نظام رجب طيب أردوغان في هذا الإطار، وفق موقعه الإلكتروني.
وبذلك، يطالب الحلاق صراحة بإلغاء اتفاق اللاجئين الموقع مع أنقرة في ٢٠١٦، ويثير دائما مسألة انتهاك حقوق الإنسان في تركيا.
سليمان.. عربي في أكبر حزب نمساوي
كذلك خاض أحمد سليمان، وهو شاب نمساوي من أصول مصرية، انتخابات البرلمان الأوروبي، في مايو/أيار الماضي، مرشحا على قائمة حزب الشعب "يمين وسط" الحاكم في النمسا.
ورغم أنه لم يوفق في الظفر بمقعد في البرلمان الأوروبي، فإن خوضه السباق في الثلاثين من عمره ضمن قائمة حزب الشعب يعد بداية كبيرة لحياة سياسية يمكن أن تكون زاخرة بالإنجازات.
وسليمان المولود في 1988 لأبوين مصريين يعيشان في النمسا، حصل على بكالوريوس العلوم السياسية والتنمية الدولية من جامعة فيينا (حكومية) في 2011، وانضم لحزب الشعب في نفس العام.
وعمل مستشارا في وزارة الخارجية النمساوية لفترة طويلة عقب إنهائه دراسته الجامعية، كما شارك في الحملة الانتخابية لرئيس حزب الشعب، سبستيان كورتس، التي قادته لرئاسة الحكومة النمساوية في 2017.
سليمان الذي يعتبر كورتس مثله الأعلى، وضع "القضاء على الهجرة غير الشرعية" هدفا أساسيا لحملته السابقة لعضوية البرلمان الأوروبي، كما منح أهمية كبيرة لقضايا التحول المناخي.
وفي تصريحات سابقة، قال: "الاتحاد الأوروبي ينظر لمصر نظرة إيجابية بسبب دورها الرائع في السيطرة على عمليات الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط"، مضيفا "أعتز بمصريتي ودور بلدي الأم الرائع في الشرق الأوسط".