2019.. السترات الصفراء تغير وجه فرنسا
رغم مرور أكثر من عام على مولد "السترات الصفراء" إلا أنها لا تزال باقية وتؤكد أن القرار التقشفي الاقتصادي في فرنسا لم يعد أمرا سهلا
في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 خرج مئات الآلاف من المحتجين الغاضبين في شوارع فرنسا وهم يرتدون السترات الصفراء للتظاهر ضد ضريبة وقود جديدة فرضتها حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون، ورغم مرور أكثر من عام على مولد تلك "الحركة الاحتجاجية" إلا أنها لا تزال باقية وتؤكد أن القرار التقشفي الاقتصادي في فرنسا لم يعد أمرا سهلا.
وعلى مدار عام 2019، استمرت تظاهرات السترات الصفراء ورغم خفوتها وربما اختفاؤها في الأشهر الأخيرة من العام إلا أنها عاودت الظهور مجددا مع توجه الحكومة نحو قرار اقتصادي جديد بخصوص تعديل قوانين النظام الشامل للتقاعد.
وحافظت الحركة على وجودها من خلال التظاهر في العديد المدن الفرنسية الكبرى يوم السبت من كل أسبوع.
والحركة التي بدأت وفقا ليورونيوز، بـ280 ألف شخص اتفقوا عبر فيسبوك على ارتداء سترات صفراء أثناء التظاهر في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، لا ترتبط بأي حزب سياسي أو نقابة ولا زعيم يحركها.
وقد ظهرت حركة السترات الصفراء لأول مرة في مايو/أيار 2018، لكنها اكتسبت شهرتها وقوتها في تظاهرات نوفمبر/تشرين الثاني.
وعلى الرغم من أن الاحتجاجات كانت في البداية ضد ضريبة الوقود، إلا أنها سرعان ما تحولت إلى احتجاجات أوسع ضد عدم المساواة الاجتماعية، وارتفاع تكاليف المعيشة وسياسات ماكرون خاصة ما يتعلق منها بالإصلاحات الضريبية.
ورغم تراجع ماكرون في ديسمبر/كانون الأول 2018 وإلغاء ضريبة الوقود، لم يكن هذا كافيا لإخماد الاحتجاجات، ما اضطر الرئيس الفرنسي إلى إعلان رفع الحد الأدنى للأجور بمقدار 100 يورو، وخفض الضرائب على أرباب المعاشات.
لم يكن هذا كافيا أيضا، وعليه أطلق ماكرون في يناير/كانون الثاني 2019 "النقاش الوطني الكبير"، وبعد مرور 6 أشهر، أنتجت المشاورات العامة تخفيضات ضريبية بقيمة 17 مليار يورو وغيرها من الحوافز المالية.
- تغيير وجه فرنسا
"لقد هزت السترات الصفراء أجندتنا البرلمانية بالكامل"، هكذا اعترف إريك بوثوريل النائب بحزب "الجمهورية إلى الأمام" بالتأثير الطاغي للحركة الاحتجاجية على الأوضاع في فرنسا.
وحزب "الجمهورية إلى الأمام" هو الحزب الذي أسسه ماكرون في 2016.
تأثير "السترات الصفراء" لم يكن في 2019 فقط، بل امتد إلى 2020 وهو ما أظهره مشروع موازنة البلاد للعام القادم، والذي تتضمن إجراءات لتشجيع الاستثمار والاستهلاك.
وبحسب تلك الموازنة، سيتم خفض الضرائب على الفرنسيين بمقدار أكثر من 9 مليارات يورو، وتمديد إلغاء ضريبة السكن السنوية على المنازل، فضلا عن إلغاء بعض الامتيازات الضريبية للشركات.
- مكاسب الشعب الفرنسي
المكاسب التي جناها الفرنسيون من الاحتجاج ظهرت سريعا، ففي مايو/أيار الماضي، كشف تقرير من المعهد "الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية" أن الاقتصاد الفرنسي ينمو بشكل منتظم بينما تعافى صافي الناتج المحلي الفرنسي.
وقال التقرير، إن مستوى ثقة الأسر المعيشية الذي تدهور في خريف عام 2018، في ذروة أزمة احتجاجات "السترات الصفراء"، قد تعافى إلى حد كبير منذ يناير/كانون الثاني 2019 كما اقترب المؤشر في مايو/أيار 2019 إلى أعلى قراءة منذ اندلاع الاحتجاجات.
وقال التقرير، إن الفرنسيين الذين شملهم الاستطلاع بدوا أفضل حالاً بكثير من بضعة أشهر، فيما يتعلق بالحالة المادية المستقبلية وتطور مستوى المعيشة.
- خسائر اقتصادية
ورغم المكاسب التي جناها الشعب الفرنسي من احتجاجات السترات الصفراء، إلا أن الحركة خلفت خسائر بالمليارات لاقتصاد البلاد.
ففي فبراير/شباط 2019، اعترف وزير المالية الفرنسي برونو لومير بأن الاحتجاجات كلفت اقتصاد البلاد نحو 5.7 مليارات دولار.
كذلك، خسرت الفنادق الفرنسية قرابة 20.43 مليون دولار، إثر انخفاض معدل إشغال الفنادق بنسبة 35%، بحسب إحصاءات مؤسسة "إم كيه جي".
وامتدت الخسائر أيضا إلى قطاعات التجزئة والنقل والسيارات والمطاعم.