2022.. العام الذي أعيد فيه رسم خريطة الطاقة عالميا
قبل عام تقريبا حدث الأسوأ في صناعة الطاقة العالمية، يتمثل في اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وما تبعها من تحولات في صناعة الطاقة.
روسيا حتى نهاية 2021، كانت أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم بأكثر من 350 مليار متر مكعب، ومنتجا رئيسيا له بأكثر من 639 مليار متر مكعب سنويا، وثالث أكبر منتج للنفط بـ 11 مليون برميل يوميا.
لقد غذت صدمة الحرب الروسية الأوكرانية التضخم في جميع أنحاء العالم، وسط إعادة توجيه تدفقات النفط والغاز والفحم؛ الأمر الذي ألحق أضرارا لا يمكن إصلاحها بالعلاقات التجارية القائمة منذ فترة طويلة بين روسيا والغرب.
هذه الأزمة بين الجانبين، أعادت تشكيل خريطة الطاقة، التي من المحتمل أن تتفوق حتى في أعقاب أزمات النفط في سبعينيات القرن الماضي إبان الحرب الإسرائيلية العربية.
- أكبر اكتتاب عالمي في 2023.. كيف ستغير "أدنوك للغاز" أسواق الطاقة؟
- الطاقة النووية.. "مفاعل صغير" يخدم المناخ ويحل أزمة العالم
لقد كانت روسيا تمضي قدما في بناء اسمها كمصدر موثوق ومستدام للطاقة حول العالم، خاصة لدول الاتحاد الأوروبي، الذي ساعد موسكو في بناء خط نورد ستريم 1 ونورد ستريم 2.
يتهم الغرب روسيا، بتسليح صادرات الطاقة التقليدية (النفط، الغاز الطبيعي، الفحم)، ما دفعها إلى تغيير أنماط الاستهلاك، وتسريع التحول الأخضر العالمي بشكل كبير؛ فيما يؤكد الغرب أن نفوذ روسيا في الطاقة لن يعود كما كان.
وشهد العام الماضي، ترشيدا غير مسبوق في استهلاك الكهرباء في معظم أنحاء أوروبا، لدرجة أن تعليمات صدرت بإطفاء الأنوار عن أبرز المعالم السياحية ليلا، إلى جانب واجهات المحال التجارية.
اليوم، تعد التغييرات في صورة الطاقة مقياسا حاسما لمدى جودة أداء الغرب في الجهود المبذولة للضغط على بوتين للمطالبة بالسلام، بحسب ما تورده وكالة بلومبرغ.
يقول الغرب إن عائدات النفط والغاز تمولان آلة الكرملين الحربية ويحددان قدرتها على إحداث تأثيرات على الأرض في أوكرانيا، في وقت كان الاتحاد الأوروبي في 2022 يستورد بمتوسط مليار دولار يوميا من مشتقات الطاقة الروسية.
يبدو أن تأثير عقوبات النفط الغربية على موسكو ملموسة، إذ انخفضت عائدات موسكو من النفط والغاز لشهر يناير/كانون الثاني الماضي بنسبة 46% مقارنة بالعام السابق بحسب بلومبرغ،
كذلك، ترى الوكالة أن هناك القليل من الدلائل على أن رحيل الشركات الغربية الكبرى يؤثر على عمليات الحفر في الوقت الحالي.
** حلم أوروبا الأخضر
قد يكون قرار روسيا -أحد المصدرين الرئيسيين للمواد الهيدروكربونية- تسليح هيمنتها على الطاقة وتهديد جيرانها هو الحافز الذي يحتاجه العالم للتخلص من إدمان الكربون.
وبحسب بيانات لشركة Rystad Energy، ستبلغ انبعاثات الوقود الأحفوري ذروتها بحلول عام 2025، ثم تبدأ بالتراجع التدريجي.
وأحد أكثر الأمور إثارة للقلق اليوم هو الغموض المتزايد في التعاملات الروسية، حيث أصبح تتبع تدفق الهيدروكربونات وتدفق الأموال النقدية أكثر صعوبة من أي وقت مضى.
كما أصبح من الصعب تتبع عائدات النفط، وأساطيل الظل تسيطر على الأمواج؛ الظاهرة ليست جديدة لكن حجمها غير مسبوق، ما يعني أن الغرب قد يقوم فعلا بشراء النفط والغاز الروسي من خلال طرف ثالث.