الأخوان فاروق.. أحدهما ارتكب مجزرة كاليفورنيا والآخر تم تكريمه لمكافحته الإرهاب
"رحيل" مصدوم من تصرفات "رضوان"
اختلف الأخوان فاروق جذريًّا، فكان الأكبر أكثر ميلا إلى الخروج على العادات والتقاليد، بينما كان الأصغر أكثر تدينًا وتحوّل إلى التطرف.
كان أحد الشقيقين يحب الحفلات وملاحقة الفتيات، وبعد المدرسة الثانوية دفعه الشعور بالواجب الوطني إلى التطوع في البحرية وحصل على نوطين، اعترافا بإسهاماته في "الحرب العالمية على الإرهاب"، أما الآخر فكان شديد التدين وأصبح غير متسامح على نحو متزايد وتنامى بداخله شعور بالكراهية دفعه في نهاية الأمر هو وزوجته إلى فتح النار على حفل في سان برناردينو بمناسبة موسم العطلات في الأسبوع الماضي، فيما وصفه مسؤولو إنفاذ القانون بأنه هجوم إرهابي (هجوم كاليفورنيا).
نشأ "رحيل سيد فاروق" وشقيقه الأصغر "رضوان سيد فاروق" في بيت واحد، وذهب الاثنان إلى مدرسة ثانوية واحدة بفاصل عامين، وخلال فترة المراهقة كان للاثنين في كثير من الأحيان علاقات اجتماعية في جماعات واحدة. لكن طريق كل منهما اختلف عن طريق الآخر وهما يكبران.
رضوان لقي مصرعه برصاص الشرطة في جنوب كاليفورنيا بعد أن اشترك مع زوجته في قتل 14 شخصا وإصابة 21 آخرين. أما رحيل فعلى قيد الحياة تنهبه الحيرة مما حدث.
وتعد قصة التباين في حياة الشقيقين، كما وصفها الأصدقاء والجيران وزملاء الدراسة السابقون الذين كانوا يعرفون الاثنين، قصة محيّرة، لأسباب، منها أنه لا توجد أدلة تُذكر على ما يوضح اختلاف مآل كل منهما.
وامتنعت الأسرة وكذلك رحيل عن الاستجابة لطلبات متكررة من خلال محامين للتعليق على ما جرى. لكن من يعرفون الشقيقين يقولون إن الاختلافات بينهما بدأت تظهر وتتنامي في المرحلة الثانوية.
شكيب أحمد، الذي يتردد على المسجد نفسه الذي يتردد عليه الشقيقان فاروق، قال: "أغلب الناس هنا يذهبون للمساجد إرضاءً للوالدين".
وأضاف أن رحيل كان من هذا النوع، فكان يذهب لأداء صلاة الجمعة لكنه كان يحب تناول المشروبات الروحية، وكانت له في المدرسة الثانوية حبيبة غير مسلمة، أما رضوان فكان أهدأ وأكثر جدية وأكثر تدينًا بكثير. وقال أصدقاء إنهم لم يروا رضوان يفقد أعصابه إلا مع أخيه الأكبر.
وقال أحمد: "كان لطيفا مع الجميع، لكنه كان من النوع الذي يحب الهيمنة، وكان يصيح في وجه أخيه".
مسافة فعلية
في أعقاب التخرج من المدرسة الثانوية عام 2003 وبعد شهور من بدء الاجتياح الأمريكي للعراق تطوع رحيل في البحرية وتوجه إلى معسكر تدريبي في إيلينوي، وفقًا لبيانات البحرية الأمريكية. وفي عام 2004 تم توزيعه للخدمة في حاملة الطائرات الأمريكية "إنتربرايز" كفنّي في نظم المعلومات.
وفي البيت كان رضوان الذي يتمتع بالذكاء قد أنهى دراسته الثانوية قبل عام من الموعد، حسبما توضح السجلات المدرسية. وفي الأعوام التي تلت ذلك يقول الأصدقاء والجيران إنه لم يعد يرتدي ملابس الجينز وقمصان البولو وبدأ يرتدي الجلباب، وقال أحمد: "لاحظت تغيرًا في الملابس واللحية".
وفي عام 2006 زادت حدة الاضطرابات في البيت ورفعت "رفيعة فاروق"، والدة الشقيقين، دعوى تطالب بالطلاق من زوجها "سيد" بعد زواج استمر أكثر من 24 عامًا، كما توضح وثائق قضائية.
وفي أوراق القضية استشهدت رفيعة بأمثلة على سوء معاملة الزوج وأكدت أنه "مريض نفسيًّا" وأنه كان يهدد "بقتل نفسه كل يوم"، وقالت إن ابنها حال بينهما في مرة من المرات لإنقاذها.
بينما قال جاسر شحاتة، صديق رضوان من مسجد سان برناردينو، إن رضوان كان يتحدث معه في السنوات الأخيرة عن مشكلاته الدينية مع والده وكيف أنه كان ينحاز إلى والدته في خلافاتهما. وقال شحاتة إن رضوان أبلغه أن والده كان يرفض الانتظام في الصلاة وإن هذا كان مصدرا للتوتر.
وعندما انضم رضوان إلى موقع "بست مسلم دوت كوم" للبحث عن شريكة الحياة عام 2013 كانت صفحة معلوماته الشخصية تصف كيف أنه كان يقضى وقت فراغه "في حفظ القرآن والاستزادة من الدين".
وكتب رضوان يقول إنه يبحث عن امرأة "تأخذ دينها على محمل الجد وتحاول دائما تحسين تدينها وتشجع الآخرين على هذا الأمر"، وظلت الصلة قوية بين الشقيقين رغم تباعد المسافات بينهما.
وقال مدعوون حضروا حفل زفاف رضوان العام الماضي في مركز "ريفرسايد الإسلامي" إن رضوان بدا كأنه يستمتع بأسلوب شقيقه الهادئ في التعامل مع الضيوف رغم أنه لم يقل شيئا يُذكر وبدا منعزلا. وخلال الحفل حاول رحيل معاكسة شقيقه الأصغر بأن ناداه "رضي" وتقبل رضوان الأمر بروح مرحة.
وقد فكر بعض من كانوا يعرفون الشقيقين في أمرهما واختلافاتهما كثيرا في الأيام الأخيرة. لكن الكثير من استنتاجاتهم قد تسري على أي شقيقين.
وقال عثمان أرشد، الذي كان طالبًا في مدرسة "لا سييرا الثانوية" مع الشقيقين: "رحيل كان شخصًا عاديًّا... أما رضوان فلم يكن أحد يتحدث معه".
وقالت "روز اجير" جارة الأسرة لسنوات، إن الفرق بين الاثنين في ما بدا لها يتركز في كون رحيل "صاحب شخصية آسرة وأمريكية أكثر". لكن هذا الفرق كان صحيحا حتى الأسبوع الماضي عندما اتضح أن الاختلافات أعمق بكثير. ويوم الاثنين قال المحامي ديفيد تشيزلي لشبكة "سي.إن.إن" الإخبارية إن رحيل "في غاية الاستياء من أخيه".
aXA6IDMuMTQyLjE3Mi4xOTAg جزيرة ام اند امز