من يرفض وجود خالق ويعتبرها خرافة خرقاء فماذا يقول في خرافة أقرب إلى الجنون ولا يدعمها سند علمي مطلق واحد وهي أن الكون خلق نفسه
من الأشخاص الذين بهروني بعلمهم واطلاعهم على شتى العلوم شخص عربي من إحدى دول الخليج العربي لم يبلغ الأربعين من العمر، حدث وأن قابلته بالصدفة في أحد المطارات العربية ودار بيننا نقاش ممتع حول حرية الأديان والمعتقدات التي كفلها الإسلام كدين سماوي خالص، قبل أن يضيف إليه البشر من موروث جعله كدين بشكل عام عرضة للصواب والخطأ في جزئيته التي أنتجها فكر البشر ولم تكن بوحي.
فكنا نتحدث معاً في أمور عامة وبادر بالسؤال "إلى أين أنت متوجه من هنا" فأخبرته بوجهتي التالية وانتهت جملتي بـ "إن شاء الله " فبتسم وقال "وإن لم يشأ ربك؟" فقلت له لن أذهب طبعاً.
ومن هذا المنطلق بدأنا في التحدث عن المشيئة الإلهية والقضاء والقدر حتى وصلنا إلى منعرج محوري جعل محدثي يعتدل في جلسته ويحدق في عيني سائلاً وهل تعتقد أن الله تلك القوة الخفيه التي تتحدث عنها من خلقت الكون ونحن تحت رحمته والأمر كله بيده ؟
وأعترف أنه فاجأني بسؤاله، وكان هروبي من الفخ بالرد على سؤاله بسؤال بعد أن أدركت أنه لا يؤمن بوجود الله، وليس لأن الجواب كان صعباً وبكل بساطة بالنسبة لي كمسلم الجواب هو نعم الله من خلقنا ونحن تحت رحمته تعالي ولكن تعلمت من حواراتي مع الملحدين أن أتبع نفس أسلوبهم وهو توجيه وابل من الأسئلة، وسؤال يتلوه سؤال والمبادرة بالتشكيك في صحة معتقده هو بصورة غير مباشرة.
فالملحد يعتقد أن الطبيعية والصدفة العشوائية السبب وراء الخلق والوجود؟ ويعتقد العلماء أن الهيدروجين نقطة انطلاق لجميع ما هو موجود من مادة في الكون وينصهر الهيدروجين ويتكون الهيليوم وغيره من المنتجات الكونية وكل عنصر في الجدول الكيميائي الدوري، والقضية الكبرى هنا أن الهيدروجين مصدر غير متجدد ولا توجد أي عملية في الكون اليوم تنتج الهيدروجين وهو يتناقص باستمرار وعليه فإن الكون لا يمكن أن يكون أبدي في الطبيعة.
ويدعي الملحد أنه يناقش العلم بينما هو في حقيقية الأمر يجادل في تاريخ النظريات العلمية والمفردات العلمية، ورسالتي هذه موجهة لكل من يتحدث كيف أن العلم أثبت أن الكون خلق نفسه وهو ما يرفضه المنطق السببي، وبما أن الملحد يؤمن بالعلم وما ذكره كبار العلماء في الفيزياء الكونية سنذكر ما ذهب إليه وذكره أعظم الملحدين وعقول الفيزياء الكونية في هذا الوقت وماذا قالو بعيداً عن العاطفة ورفض أو قبول وجود خالق للكون.
ونبدأ بالعالم البريطاني الشهير ستيفن هوكينز وهو يعترف بأن التصميم الذكي "من المحتمل جدا" وكان ذلك في تاريخ 8 مارس 2015 والفيزيائي النظري وعالم الكونيات البريطاني الشهير فاجأ المجتمع العلمي عندما أعلن خلال خطاب ألقاه في جامعة كامبريدج أنه يعتقد أن "شكلا من أشكال الذكاء الخارق" كان في الواقع وراء خلق الكون واعترف أن تجربة الاقتراب من الموت التي مر بها أخيه، الذي كان ميتا سريرياً لمدة 43 دقيقة بعد إصابته بأزمة قلبية غيرت جذريا رأيه في طبيعة الوعي البشري والكون ككل، ويعتمد العلم الحديث على إدراك أن الوعي يكمن في الدماغ البشري، ولكن ما مر به العالم الشهير في تجربة أخيه لا يمكن أن يفسر هل الوعي مجرد كذبة خارج جسم الإنسان؟ وهل الدماغ البشري مجرد مستقبل لموجة الوعي؟ ويقول ستيفن: " هذه الأسئلة العلم الحديث لم يرد عليها حتى الآن، ويمكن إعادة نظرتنا إلى الكون والفيزياء الحديثة تماما أعترف"، ومن ذلك التاريخ وستيفن هوكينغ يتعرض لضغوطات عظيمة من المجتمع لنفي أن هناك قوة لعبت دورا في خلق عالمنا، ما يقرب من 13.8 قبل بليون سنة .
الشخص الثاني هو أشهر من نار على علم وخاصة عند الملحدين وهو ريتشارد دوكينز، عندما زار ريتشاد دوكينز مكتب جوجل في كيركلاند، لمناقشة كتابه "شمعة موجزة في الظلام:حياتي في العلوم" وهو يعترف أن أفضل حجة يستخدمها من يؤمنون بوجود الله مع أنها في وجهة نظره ليس لها علاقة بوجود الله، ولكن أفضل الموجود حجة براعة ضبط خلق الكون إن صحت ترجمتي الحرفية لكلماته "الضبط الدقيق للكون" وبما معناه أو ما يدل على أن من يقول الصدفة أو قوانين فيزياء الطبيعة هي التي أوجدت نفسها ومن ثم الكون وجعلت الأرض سكنا مناسبا ووحيدا للبشر هو منطق غريب على المجتمع العلمي ( المحكم والقوانين العلمية).
وعندما سأل دوكينز استهل إجابته أنه ليس "بأي معنى الاعتراف بأن هناك حجة جيدة"، وأصر على أن "ليس هناك حجة لائقة لوجود الآلهة" ومن جهة أخرى عندما سأل ما هو أفضل طرح أو حجة يستخدمها من لا يؤمن بوجود الله لإثبات عدم وجود خالق أو نظرية التطور، فقال بكل ببساطة: "ليس هناك حجة على الإطلاق يمكن النظر فيها"، وهذا كلام أكبر ناقد للدين وفكرة وجود الله، وهو لا يعتقد بوجود إله.
والعالم الآخر الشهير في علوم الفيزياء الكونية ويدعي الشخص الذي أثبت خطأ ستيفن هوكينغ وهو برفسور جامعة ستانفورد الإمريكية ليونارد سسكيند أستاذ الفيزياء النظرية في جامعة ستانفورد، ومدير معهد ستانفورد للفيزياء النظرية وواحد من آباء نظرية الأوتار، ويقول الله ليس بديلا لخيارات أخرى وقد تم رفض خيار الله من قبل العديد من العلماء لأسباب غير علمية، ويقول إن هناك في الواقع قصتين ممكنتين؛ الأول هي الخلق والثانية هي الصدفة، وفي المحصلة من يرفض وجود خالق ويعتبرها خرافة خرقاء فماذا يقول في خرافة أقرب إلى الجنون ولا يدعمها سند علمي مطلق واحد وتعتبر نقيض كل ما هو علمي وهي أن الكون خلق نفسه .
فهل الإنسان تواجد في الحياة ليكون روحا تائهة في هذا الكون ؟ وقد خلق ليعيش لأقل من جزء من الثانية في حياة الكون وثم يموت وكل شئ ينتهي؟ تولد وتموت عبثاً وتريد أن تقنع نفسك أنك مستقر عقلياً ونفسياً وغير غاضب في عقلك الباطني وضميرك اليومي عن سبب وجودك في هذه الحياة بدون سبب وما هو الهدف؟ وبعد ذلك ستقول لي كن أخلاقياً ولا تقتل ولا تغتصب ولا تسرق ولماذا أفعل كل ذلك ولا قيمة لي ولحياتي ولا يوجد عقاب ولا حساب وهي حياة سأعيشها وأموت مرة واحدة، ومن غير المنطقي أن أخلق بكل هذه الشهوات ثم أقيد نفسي، ولماذا وما هو التفسير العلمي أو المنطق العلمي خلف ذلك ؟
في الحقيقة لا توجد إجابة، فلا تتعب أو تتعبي نفسك فقط انظر إلى أعلى، نعم لا يوجد الله يمكن أن تثبت وجوده في المختبر وبالتجربة ذلك صحيح، ولكن قل لي كيف استطعت علمياً أن تثبت أن الصدفة ( المسمى الرسمي للصدفة عند الملحدين هو قوانين الطبيعة )، فمن وضع القوانين وخلق كل شئ بهذه الجودة ولماذا؟ وكذلك كل ما تراه ليس له جوهر مادي حقيقي إن كنت تتحدث عن ما وراء العلم الذي تعلمته في الجامعات والفيزياء الحقيقية وحقيقة الوجود ! أنت حياتك ليس لها قيمة وليس هناك هدف من وجودك ولا إرادة ولا تعرف متي ستموت وإن حدث ذلك قل لي إن الطبيعة التي خلقتك عادلة وهو التفسير العقلاني الوحيد لوجود الكائن البشري في بيئة خصصت ليكون هو سيدها الأول وسخر كل شئ له ومنحه ما يتفوق به على جميع المخلوقات وحتى قد يعبث بالطبيعة، ولا تجن بعد ذلك وحافظ على عقلك .
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة