فتح الله كولن.. أزمة في زواج المصلحة الأمريكي التركي
هل ستستجيب واشنطن للطلب التركي وتسلم أنقرة فتح الله كولن، أم أن حرصها على كولن سيحول صداقتهما إلى عداء؟
لطالما وصفت العلاقة بين أمريكا وتركيا، بأنها زواج قائم على المصلحة؛ حيث يوجد لدى كل طرف في هذه العلاقة مزايا يحصل عليها من الطرف الآخر.
وخلال السنوات الماضية، كانت الحكومة التركية تنظر لهذا الزواج على أنه يفيدها في تفعيل الحرب ضد حزب العمال الكردستاني، فأمريكا إن لم تساعدها بمعلومات استخباراتية أو عمل مسلح، فإن غض الطرف عما يقوم به الجانب التركي في هذا الشأن، يعد في حد ذاته ميزة كبيرة.
في المقابل، فإن أمريكا استطاعت أن تحصل على مزايا استخدام قاعدة أنجرليك العسكرية التركية في حربها ضد تنظيم داعش الإرهابي.
ومثل أي زواج قائم على المصلحة، فإن أي طرف قد يستغني عن الطرف الآخر، إذا وجد من يحقق له منفعته، وهو ما استشعرته تركيا، إزاء تعامل أمريكا مع محاولة الانقلاب على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
واستغرق رد الفعل الأمريكي الواضح عدة ساعات لاستشراف المشهد ومعرفة لمصلحة من تسير الأمور.
وأعلن الرئيس الأمريكي، بارك أوباما، بعد ساعات من الانقلاب، دعم أمريكا للمؤسسات المنتخبة في تركيا، لكن التصريحات الأمريكية وفور اندلاع الأحداث كانت عائمة؛ حيث قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن الولايات المتحدة الأمريكية تأمل في أن يكون هناك استقرار داخل تركيا.
واستدعى هذا التأخر الأمريكي في اتخاذ موقف واضح، شبهات حول ضلوع واشنطن في الانقلاب، وساعد على سيطرة هذا الشعور لدى الأتراك، أن الدوائر السياسية والأمنية في أمريكا، تحدثت عن إمكانية حدوث انقلاب في تركيا منذ شهر مارس/ آذار الماضي.
وكتب عضو البنتاغون السابق "مايكل روبين"، في هذا الإطار، مقالًا في (20 مارس 2016) بعنوان "هل يمكن أن يحدث انقلاب عسكري في تركيا؟"، وخلص في هذا المقال إلى أن الولايات المتحدة لن تفعل الكثير إزاء ما حدث.
وفيما وصف بأنه رد فعل تركي إزاء الشبهات التي تحوم حول تورط أمريكا، أغلقت تركيا مجالها الجوي أمام الطائرات العسكرية التي تستخدمها قوات التحالف الذي تقوده أمريكا لضرب تنظيم داعش، كما قطعت الكهرباء عن قاعدة أنجرليك الجوية التي تستخدمها القوات الأمريكية.
وحاول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، احتواء هذه الأزمة باتصال هاتفي، السبت، مع نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو، أبلغه خلاله أن الادعاءات بتورط واشنطن في الانقلاب الفاشل الذي وقع في تركيا تضر العلاقات بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي.
وقال جون كيربي، المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، في بيان، إن كيري حث تركيا على ضبط النفس واحترام سيادة القانون خلال تحقيقاتها في هذه المؤامرة.
وأردف قائلًا: "لقد أوضح أن الولايات المتحدة ستكون مستعدة لتقديم العون للسلطات التركية التي تباشر هذا التحقيق ولكن التلميحات أو الادعاءات العلنية عن أي دور للولايات المتحدة في محاولة الانقلاب الفاشلة كاذبة تمامًا وتضر بالعلاقات الثنائية بيننا."
ويبدو أن الأتراك اختاروا أن يضعوا أمريكا في اختبار لقياس مدى حرصهم على تلك العلاقات التي يتحدث عنها كيربي.
وطالب رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، السبت، واشنطن بشكل واضح بتسليم الداعية المعارض فتح الله كولن، الذي يقيم في أمريكا، والذي تقول أنقرة إنه المتهم الرئيسي في محاولة الانقلاب.
وقال بن يلدريم: "أي دولة تحمي فتح الله كولن نعتبرها عدوة لتركيا".
فهل ستستجيب واشنطن للطلب التركي وتحافظ على زواج المصلحة مع أنقرة أم أن حرصها على فتح الله كولن سينقلها إلى فئة الأعداء؟.. في انتظار ما ستسفر عنه الأيام القادمة.
aXA6IDMuMTQ1LjExNS4xMzkg جزيرة ام اند امز