الحرق .. سلاح المستوطنين المفضل في وجه الفلسطينيين
مستوطنون يهود يحرقون منزلا جديدا لعائلة الدوابشة بالضفة الغربية ليعيدوا إلى الأذهان ذكرى حادث مماثل وقع قبل نحو العام
استند الفلسطيني محمد دوابشة، إلى أحد أقاربه، وهو يقف بجوار منزله الذي تعرض اليوم لعملية حرق متعمدة من قبل مستوطنين في قرية دوما بمدينة نابلس شمال الضفة الغربية، لتعيد إليه ذاكرة إحراق منزل قريبه سعد الذي استشهد وزوجته وطفله الرضيع علي، ولم يبق منهم إلا الطفل أحمد ليكون شاهدا على تلك الجريمة.
وقال دوابشة لـ"بوابة العين" إنه استيقظ الساعة الثانية من فجر اليوم (بالتوقيت المحلي)، على صوت حركة بجوار المنزل، وبعد لحظات سمع صوت انفجار أعقب ذلك شعر بنيران بدأت تلتهم منزله الذي احترق بالكامل، فيما تمكن هو وأسرته المكونة من 5 أفراد على مغادرته مصابين بحالة اختناق.
وأضاف "كنت متأكدا أنهم مستوطنون، فقد جربنا ذلك عدة مرات سابقا وما زلت أتذكر ما حدث من حرق منزل سعد وأسرته".
40 مترًا، هي المسافة بين منزلي محمد وقريبه سعد، الذي تعرض لحرق مباشر من المستونين في 30 يوليو/تموز 2015.
في الجريمة الأولى ألقى مستوطنون زجاجات حارقة تجاه منزل العائلة، وتسبب ذلك بحريق كبير في البيت قضى فيه حرقا الطفل الرضيع علي دوابشة 18 شهرا ، وكذلك توفي لاحقا والداه الأب سعد والام ، متأثرَين بالحروق البالغة التي أصيبا بها، فيما لا يزال الطفل أحمد، 4 سنوات، الناجي الوحيد، يتلقى العلاج نتيجة الحروق التي أصيب بها.
وأشار دوابشة إلى أن طواقم الدفاع المدني والأهالي سارعوا لمساعدته حيث أخمدوا النيران ونقلوه لتلقي العلاج من حالة الاختناق.
وأكد الدفاع المدني الفلسطيني، أن تحقيقاته أكدت أن أسباب احتراق منزل المواطن محمد فايق دوابشة في قرية دوما نجمت عن استخدام مادة حارقة شديدة الاشتعال.
وقال في بيان له إن محققيه توصلوا إلى أن الحريق نتج عن "استخدام مادة شديدة الاشتعال رافقها انفجار فيما اندلعت النيران بسرعة وانتشرت بشكل سريع في محتويات المنزل.
ويؤكد غسان دغلس، مسؤل ملف الاستيطان في شمال الضفة، أن جريمة الحرق الجديدة، تأتي وأطياف الذكرى الثانية لحرق منزل عائلة دوابشة تمر، في ظل مماطلة الاحتلال في محاكمة الجناة.
وقال دغلس لـ"بوابة العين"، إن المواد المسببة بالحريق غير متوفرة لدى الجانب الفلسطيني، وكل الدلائل تقود للمستوطنين الذين بات سلاح الحرق سلاحا مفضلا لديهم، حتى أنهم انتقلوا من حرق الأشجار إلى حرق المنازل والعائلات والأفراد.
وأشار إلى أنهم وثقوا عشرات جرائم الحرق التي اقترفها المستوطنون ولم يسلم منها لا الشجر ولا الحجر ولا الإنسان، مذكرا بجريمة حرق الطفل محمد أبو خضير أيضا.
وأبو خضير هو طفل فلسطيني من حي شعفاط بالقدس خطف وعذب وأحرق وهو على قيد الحياة على أيدي مستوطنين متطرفين يوم 2 يوليو/تموز 2014 ، وقد عثر على جثته في أحراش دير ياسين، فيما اعتقل مستوطنون لاحقا لتنفيذهم الجريمة.
ويرى دغلس أن تساهل الاحتلال في محاكمة حارقي منزل دوابشة وابو خضير شجع المستوطنين على اقتراف المزيد من جرائم الحرق كنمط إجرامي بات متكررا ومرعبا للعائلات.
ويلفت إلى أن ما لا يقل عن 5 منازل في قرية دوما التي يقطنها 2500 نسمة تعرضت للحرق من المستوطنين، في ظل اعتداءات أخرى متنوعة، فضلا عن عمليات الحرق التي تستهدف الأراضي الزراعية.
وتتعرض حقول الزيتون لعمليات حرق أو خلع متكررة من المستوطنين في القرى المجاورة للبؤر الاستيطانية بالضفة.
وتنشط عصابات تدفيع الثمن التي يطلق عليها فتية التلال وبرزت عام 2008 في عمليات الحرق والاعتداء ضد الفلسطينيين حيث نفذت عشرات عمليات الحرق استهدفت منازل وكنائس ومدارس وأراضي زراعية.
وبحسب مصادر فلسطينية تركزت اعتداءات تلك المجموعات على جنوب نابلس التي يسكن في مستوطناتها المستوطنون الأكثر تطرفاً في الضفة الغربية، وهي مستوطنات يتمار ويتسهار وألون موريه وبراخا.
وأدانت الحكومة الفلسطينية على لسان متحدثها الرسمي يوسف المحمود، جريمة الحرق ووصفها بجريمة حرب.
وقال المحمود إن أصابع الاتهام تشير إلى ارتكاب مستوطنين ارهابيين هذه الجريمة، التي تعد حلقة أخرى من حلقات هذا النوع من الجرائم الوحشية التي طالت قرية دوما، وشهدت كارثة احراق عائلة دوابشة الرهيبة، إذ أتت عليهم النيران، وهم نيام في منزلهم، ولم ينج منهم سوى طفلهم أحمد، الذي ما زال يعاني من آثار الحروق، والآثار النفسية للجريمة.
وقال: ها هي اليوم تنفذ جريمة حرق منزل المواطن دوابشة، التي تؤكد كافة روايات الشهود على آثارها الرهيبة التي استخدمت فيها ذات أدوات الحرق، والتخريب، والتدمير، والقتل التي استخدمت في السابق.
وشدد على أن صمت المجتمع الدولي هو الذي يشجع سلطات الاحتلال على التمادي في الاستهتار بحياة المواطنين، وإدارة الظهر لكافة القوانين والشرائع الدولية.
aXA6IDMuMTQyLjEzMS41MSA= جزيرة ام اند امز