المستوطنون يأججون النيران في الضفة والقدس بحراسة الجيش
مستوطنون يسيرون مسيرات في عدة مناطق بالضفة لإحياء عيد الاستقلال، ويرفعون علم إسرائيل فوق المسجد الإبراهيمي، ويقتحمون المسجد الأقصى
شهدت الأراضي الفلسطينية منذ ساعات الصباح الأولى، اعتداءات واسعة قادها مئات المستوطنين في مناطق مختلفة من الضفة الغربية، كان أبرزها رفع العلم الإسرائيلي فوق المسجد الإبراهيمي وسط مدينة الخليل، واقتحام المسجد الأقصى، الذي منعت قوات الاحتلال مسيرة فلسطينية من الوصول إليه اليوم.
الاعتداءات المكثفة جاءت في إطار الاحتفال بعيد استقلال إسرائيل الذي يصادف اليوم حسب التقويم اليهودي، فيما يعتبره الفلسطينيون "يوم نكبتهم" الذي يصادف الرابع عشر من الشهر الجاري.
عملية التصعيد الأخطر كانت في رفع عشرات المستوطنين علم إسرائيل على الجهتين الشرقية الجنوبية من المسجد الإبراهيمي وسط الخليل جنوب الضفة الغربية.
وتغلق قوات الاحتلال الإسرائيلي المسجد في وجه الفلسطينيين خلال المناسبات اليهودية، لتأمين وصول المستوطنين إليه، وإقامة طقوسهم التلمودية بعيدًا عن تصدي الفلسطينيين لمحاولاتهم فرض وقائع جديدة في المسجد.
مدينة الخليل التي تعد ثاني أهم المدن "قداسةً" عند الإسرائيليين، وفق مزاعمهم التلمودية، كانت مسرحًا لمسيرات المستوطنين المتطرفين، طوال الساعات الماضية.
فقد اقتحم عشرات المستوطنين المسلحين، ظهر اليوم، المناطق الشرقية لبلدة بيت أمر شمال الخليل.
وبحسب الناشط الحقوقي محمد عوض، فإن عشرات المستوطنين المسلحين خرجوا في مسيرة من مستوطنة غوش عتصيون شمال الخليل، بحراسة من قوة كبيرة من جيش الاحتلال، وجابوا عدة شوارع فلسطينية شرق بيت أمر شمال المدينة.
وأفاد عوض، أن المستوطنين رددوا هتافات مناهضة للفلسطينيين، وتدعوا لاقتلاعهم من أرضهم، وأشهروا أحلتهم صوب الفلسطينيين ومنازلهم، قبل أن تعرقل قوات الاحتلال حركة سير السيارات والمشاة في المنطقة.
وذكر عوض أن مسيرات أخرى خرجت من مستوطنة كريات 4 بمشاركة مئات المستوطنين المتطرفين، واتجهت إلى المسجد الإبراهيمي، في جولات استفزازية، تخللها رشق المستوطنين منازل الفلسطينيين بالحجارة والزجاجات.
وشمال الضفة الغربية تجمع مئات المستوطنين، قرب حاجز حوارة العسكري الإسرائيلي الواقع جنوب مدينة نابلس شمال الضفة، وأدوا طقوس تلمودية وسط الشارع الرئيس الذي تمر به سيارات الفلسطينيين بكثافة في وقت الذروة.
كما شارك مئات آخرون من المستوطنين في مسيرة استفزازية وصلت إلى موقع مستوطنتين أخليتا قبل 11 عامًا شمال مدينة جنين شمال الضفة الغربية.
وقال شهود عيان فلسطينيون، إن مئات المستوطنين وصلوا إلى موقع مستوطنتي "صانور وحومش"، وأدوا طقوس تلمودية فيها، وسط جولات استفزازية قرب منازل الفلسطينيين.
وقال الباحث الفلسطيني في شؤون الاستيطان خالد معالي، إن رفع العلم الإسرائيلي على المسجد الإبراهيمي وعربدة المستوطنين في مختلف مناطق الضفة سببها الحماية والدعم القوي من قبل حكومة نتنياهو، التي تعمل على ترسيخ سياسة ضم الضفة الغربية لإسرائيل في هذه المرحلة.
وأوضح معالي لبوابة "العين" الإخبارية، أن اعتداءات المستوطنين تصاعدت في السنوات الخمس الأخيرة بعد صعود اليمين الإسرائيلية لسدة الحكم، وسيطرته على الكنيست (البرلمان) وتشكيل حكومة نتنياهو من أغلبية يمينية متطرفة تدعم الاستيلاء على الضفة الغربية بالكامل وضمها لإسرائيل.
وأكد الباحث الفلسطيني، أن اعتداءات المستوطنين اليوم، تصب مزيدًا من الزيت على النار المشتعلة في الضفة منذ سنوات طويلة، متوقعًا أن تشهد الضفة مواجهات قاسية خلال إحياء الفلسطينيين ذكرى النكبة بدءًا من السبت المقبل.
منع الفلسطينيين من الوصول للأقصى:
مقابل التسهيلات التي وفرتها قوات الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين، فإنها منعت مسيرة راجلة قادمة من مدينة حيفا من الوصول إلى المسجد الأقصى وسط القدس المحتلة.
وقطع 20 فلسطينيًّا شاركوا في المسيرة الراجلة 187 كيلومترًا خلال 6 أيام، ووصلوا صباح اليوم حي وادي الجوز قرب سور القدس، قبل أن تعترض قوات الاحتلال طريقهم، وتمنعهم من دخول القدس للوصول للأقصى.
وكان 97 مستوطنًا قد اقتحموا اليوم ساحات المسجد الأقصى، بحراسة مشددة من عناصر شرطة الاحتلال، وتصدى لمحاولات بعضهم أداء طقوس تلمودية المئات من الفلسطينيين من بين الحراس والمصلين.
واستنكر الفلسطينيون منع الاحتلال المسيرة الراجلة من الوصول للأقصى، وقال رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس عكرمة صبري، إن اعتراض المسيرة "مستنكر ومستهجن"، مؤكدًا حق المسلمين جميعًا الوصول إلى الأقصى بأي طريقة أو وسيلة كانت.
واعتبر صبري في تصريح لبوابة "العين" الإخبارية، أن هذه الإجراءات تنم عن الغطرسة والعنجهية، وشعور دولة الاحتلال بأنها قادرة على تنفيذ مخططاتها العدوانية من خلال هذه الأجواء الظلامية.